يعرّف علماء المواريث والفرائض الإرثَ بأنه: “حقٌ قابلٌ للتجزّؤ يثبت لمستحقّيه بعد موت من كان له، لقرابةٍ بينهما ونحوها؛ كالزوجية والولاء”، لكن الميراث -أو ما سيكون ميراثاً- قدّ يوزّع قبل موت صاحب المال المورّث على سبيل الهبة والعطيّة مثلاً، فما حكم توزيع الميراث قبل الموت وكيف يكون ذلك؟
حكم توزيع الميراث قبل الموت
وقد يوزّع الميراث قبل الموت على سبيل الهبة أو الإرث، وتوضيح حكم ذلك فيما يأتي:
توزيع الميراث قبل الموت على سبيل الهبة
معلومٌ أن الإنسان ما دام حيّا فهو حرٌّ في ماله، فقد يقوم شخص حال حياته بإعطاء نصف أو كل ما يملك لشخص واحد أو جماعة، من ورثَتِه أو من غيرهم، أو قد يتصدّق بماله، أو غير ذلك مما شاء.
وحكم ذلك كلّه جائزٌ من حيث الأصل، لأن الإنسان الحيّ له حق التصرّف بأملاكه حسبما يرى كونه على قيد الحياة، لكن على المسلم أن يتقي الله في جميع تصرّفاته، لا سيما المالية منها، التي قد يكون فيها حقوق للغير.
وقد يقوم البعض بتقسيم أموالهم قبل الموت على ورثتهم إذا رأوا مصلحة معيّنة في قيامهم بذلك، فيوزّعونها عليهم على سبيل الهبة والعطية لا على سبيل الميراث، وحكم ذلك أنه مباح جائز، لا سيما إن كان هناك سبب لذلك؛ كخوفهم من ظلم وحرمان بعض الورثة لغيرهم وما شابه مما يحصل كثيراً في مجتمعاتنا للأسف الشديد.
أمّا إن كان يضمن أنه سيوزّع بينهم بالحق والعدل بعد أن يموت، ولم تستدعي الحاجة تقسيم الميراث قبل الموت فالأولى أن يُترك الأمر إلى ما بعد موته
وأجمع جمهور العلماء على ندب واستحباب التسوية في العطاء بين الأولاد ذكوراً وإناثاً، كما اتفقوا على كراهة التفضيل بينهم في حال الحياة والصحة، لكن تعددت آرائهم في بيان المراد من التسوية المستحبة كما يأتي:
ذهب الجمهور من المالكية والشافعية وأبو يوسف من الحنفية إلى أن المراد من التسوية في العطاء؛ أنه يستحب للأب أن يسوّي بين الذكور والإناث في العطية؛ فتُعطى الأنثى كما يُعطى الذكر، لأن النبي -صلى الله عليه وسلّم- قال: (سَاوُوا بَيْنَ أوْلَادِكُم فِي العَطِيَّةِ وَلَو كُنتُ مُفضِّلًا أحدًا لفضَّلتُ النِّسَاء). (( رواه الطبراني/ البيهقي، في معجم الطبراني الأوسط / سنن البيهقي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:429، حسن وضعفه البعض ))
وقوله صلى الله عليه وسلم من حديثٍ له:”اتَّقُوا اللهَ وَاعدِلُوا بَينَ أوْلادِكُم) رواه البخاري، في صحيح البخاري ، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم:2587، متفق عليه )) وحملوا الأمر في هذه الأحاديث على الندب لا الوجوب.
بينما ذهب الحنابلة ومحمد بن الحسن من الحنفية إلى أنه ينبغي للأب أن يقسم بين أولاده الذكور والإناث على حسب قسمة الله في الميراث؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، كمثل حالة الموت؛ لأن قسمة الله أول ما يُقتدى به، ولأن العطيّة استعجال لتوزيع ما يكون بعد الموت في الأصل، فينبغي أن تكون على حسَبِه.
وقالت جماعة إنه يجب التسوية في العطاء والهبة، وتبطل العطية بدون المساواة، وأن الأمر في الاحاديث يقتضي الوجوب، كما أنه يسن التسوية في العطية بين الوالدين، والعطية بين الإخوة والأخوات.
اقرأ أيضا: تعريف علم المواريث
توزيع الميراث قبل الموت على سبيل الإرث
كما أنّ الميراث يُستحقه الورثة بعد موت صاحب المال وزوال يده عنه، وإن من أهم شروط الميراث؛ تحقق موت المورّث حقيقةً يقيناً، أو حُكمًا وذلك بإلحاقه بالموتى كالمفقود لمدة طويلة إذا حكم القاضي بموته، بعد ذلك يستحق الورثة ميراثهم بالطريق الشرعي الصحيح.
اقرأ أيضا: الأموال المعدة للبيع والشراء من اجل الربح
شروط الإرث
شروط الميراث ثلاثة وهي كالتالي:
- تحقق موت المورّث حقيقةً أو حكماً، ووضحنا ذلك سابقاً.
- تحقق حياة الوارث بعد موت المورّث حقيقةً، أو حكماً كالمولود إذا انفصل عن أمه وعاش ولو قليلاً بعد وفاة المورّث، فإنه يُلحق بالأحياء ويستحق الميراث، وهناك تفصيل في كتب الفقه حول ذلك.
- العلم بالجهة المقتضية للإرث؛ من زوجية أو قرابة أو ولاء، وتعين جهة القرابة؛ من بنوة أو أبوة أو أمومة أو أخوّة أو عمومة، والعلم بالدرجة التي اجتمع فيها الميت والوارث، لكي تكون كل جوانب الإرث واضحة جليّة ليستحق الوارث حقه على بيّنة.
وينقسم الإرث إلى قسمين، إمّا بالفرض، أو بالتّعصيب، وفيما يأتي توضيح الفرق بينهما:
- أولاً: الإرث بالفرض: وهم الورثة الذين ذكر الله -تعالى- لهم أنصبة مُحدّدة في القرآن، وهم الزوجين والأبوين والبنات والأخوات، وأمّا الفروض الواردة في القُرآن، فهي: النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس.
- ثانياً: الإرث بالتعصيب أو العُصوبة: تُعرّف العصبة بأنّها الأبناء والقرابة، وسُمّوا بذلك؛ لأنهم عُصبوا به؛ أي أحاطوا به، ويُسمّى بذلك الذكر والأنثى والواحد والجماعة من باب الغلبة.
اقرأ أيضا: مصطلحات علم الفرائض