الإمام الترمذي هو محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك الترمذي، وقد وُلِدَ بترمذ في سنة تسعٍ ومائتين، وكان يطلب العلم بالترحال، فرحل إلى خُراسان والعراق ومكّة والمدينة، ونظراً لأهمية كتابه في الحديث والسنن النبوية، يتساءل الكثيرون عن عدد أحاديث سنن الترمذي ومنهجيته في الأسانيد والمتون.
عدد أحاديث سنن الترمذي
وبالرغم من أنّ الكتاب قد طُبع طبعات عديدة، إلا أنّها جميعها لم تحمل اسمه الصحيح، بل حملت أسماء أخرى مثل: (الجامع الصحيح)، و(الجامع الكبير)، وهذه التسميات خاطئة، فهي ليست التسمية الصحيحة للكتاب، ولا تتطابق مع مضمون الكتاب، أو المنهج الذي سلكه الإمام فيه.
وقد عني أبو عيسى الترمذي -رحمهُ الله- بجمع أحاديث الأحكام لكنّه ميّز فيها ما بين الصحيح والضعيف، وليس هذا فحسب بل ذكر مذاهب الصحابة والتابعين والفقهاء في مختلف البلدان، ويبلغ عدد أحاديث سنن الترمذي 3956 حديثاً.
اقرأ أيضا: عدد أحاديث صحيح البخاري
منهجية كتاب سنن الترمذي
- منهجية الإمام في الأسانيد، والسند هو سلسلة الرجال (الرواة) التي توصل إلى المتن، وتسمى أحياناً بالطريق، والفائدة من السند هي معرفة حال الحديث من حيث صحته وضعفه، وفيما يأتي بعض النقاط المتعلقة بمنهجيّة الإمام في الأسانيد:
- لم يأخذ الإمام بأحاديث الرواة شديدي الضعف، وإن أورد حديثاً لراوٍ شديد الضعف، فإنّه يبيّن ذلك ويشير إليه، ولا يسكت عنه.
- بعد نهاية لفظ الحديث، فإنّ الإمام يذكر حُكمه على هذا الحديث، وكانت له مصطلحات خاصة به في ذلك.
- أكثر الإمام في كتابه من ذكر علل الحديث، وهي الأمور التي تطعن في صحة الحديث، وجعل لهذا الموضوع جزءاً خاصاً وضعه في آخر الكتاب.
- رتّب الإمام كتابه حسب الأبواب والعناوين الفقهية، وذلك لأنّ الطابع الغالب على أحاديث الكتاب هي الأحاديث التي تحتوي على الأحكام الفقهية، لكن دون أن يخلو الأمر من ذكر أحاديث ذات مواضيع أخرى مثل: التفسير، وصفة القيامة، وغيرها.
- أمّا ترتيب الأحاديث داخل كل باب، فقد كانت الطريقة الغالبة للإمام في ذلك هي ذكر الأحاديث التي فيها علّة، ثم الصحيحة، ليبيّن ما في المعلولة من علل.
- أخرج الإمام في كتابه بعض الأحاديث المرسلة والمنقطعة، ولم يحصر نفسه بالموصولة فقط.
- بيّن الإمام مذاهب الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم بعبارات واضحة وصريحة، وأورد في كتابه الأحاديث الموقوفة، وصرّح بذلك بقوله: حديث موقوف.
- ابتعد الإمام في كتابه عن تكرار الأحاديث، فلم يكرر إلاّ في مواطن معدودة، مراعياً في بعض الأحيان أن يكون في التكرار فائدة جديدة، وأحياناً لا يراعي ذلك.
- كان الإمام يذكر شيئاً من الجرح أو التعديل في رواة أحاديثه كلما احتاج الأمر لذلك.
- منهجيته في المتون، والمتن هو ما ينتهي إليه السند من الكلام، أي نصّ الحديث الذي يكون بعد نهاية سلسلة الرجال، وفيما يأتي بعض النقاط المتعلقة بمنهجيّة الإمام في المتون:
- يغلب على تراجم أبواب كتاب السنن (التراجم الظاهرة)، وكان استخدامها من قِبل الإمام أكثر من غيرها، والمقصود بالتراجم الظاهرة: هي التي يستدل القارئ من خلال عنوان بابها على مضمونه.
- كان هناك اهتمام واضح عند الإمام بالألفاظ الغريبة داخل متن الحديث، وبيان معانيها وتوضيحها، كما اهتم بكتابة فوائد لكل حديث بعد إيراده.
اقرأ أيضا: عدد الأحاديث القدسية الصحيحة
أهمية كتاب السنن للترمذي
للكتاب أهمية كبيرة، ومنزلة رفيعة، فهو ثمرة جهد طويل للإمام الترمذي، وقد عرض كتابه على علماء العراق وخراسان والحجاز، فاستحسنوه ووافقوه عليه، ممّا يدلّل على جودة هذا الكتاب وقوّته.
يحتوي الكتاب على علم عظيم، وفوائد كثيرة ينتفع بها، ولقد قال عنه أحمد شاكر -رحمه الله-: إنّ كتاب الترمذي يمتاز بأمور لا تجدها في غيره من كتب السنة الأصول الستة أو غيرها. وقال عنه الشيخ إسماعيل الهروي -رحمه الله-: الجامع يصل إلى فائدته كل أحد.
قال الحاكم -رحمه الله-: “سمعت عمر بن علك يقول: مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى، في العلم والحفظ، والورع والزهد، بكى حتى عمِي، وبقي ضريرًا سنين”.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب (تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي): وليس فيهم مثل كتاب أبي عيسى حلاوة مقطع، ونفاسة منزع، وعذوبة مشرع، وفيه أربعة عشر علماً، وكل علم من هذه العلوم أصل في بابه، وفرد في نصابه، فالقارئ له لا يزال في رياض مونقة، وعلوم متفقة متسقة، وهذا شيء لا يعمه إلا العلم الغزير، والتوفيق الكثير، والفراغ والتدبير.
وقد تعددت شروح كتاب السنن للترمذي، ومن أبرز هذه الشروح:
- كتاب (عارضة الأحوذي في شرح الترمذي)، للإمام أبو بكر الإشبيلي، المعروف بابن العربي المالكي.
- كتاب (تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي)، للعلامة محمد المباركفوري.
- كتاب (قوت المغتذى على جامع الترمذي)، للحافظ جلال الدين السيوطي.
اقرأ أيضا: كم عدد الأحاديث النبوية