يبحث الكثيرون عن معنى آية فتزل قدم بعد ثبوتها الواردة في سورة النحل، وتدور هذه السورة المباركة حول نعم الله تعالى الظّاهرة والباطنة، والتي لا تعدّ ولا تحصى، والنّعم الظّاهرة هي كلّ ما يراه العبد من حوله، وقد وضعت لخدمته، والنّعم الباطنة، هي التي لا يراها، ويتوجب على الإنسان لدوام هذه النّعم شكرها.
معنى آية فتزل قدم بعد ثبوتها
جاء في تأويل الآية في الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي أنّ معنى آية فتزل قدم بعد ثبوتها أي تزلّ هذه القدم عن الإِيمان بعد المعرفة بالله تعالى، وهذا يكون بسبب نكثهم ونقضهم لمعاهدة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على نصرة الدِّين.
وقوله: {وَتَذُوقُوا السُّوءَ}، أي: وينالكم العقاب والعذاب، قوله: {بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، أي: وذلك أنَّهم إذا وقعوا في نقض العهد، لم يعد يدخل غيرهم في الإِسلام، فيكونوا كمن صدُّ عن سبيل الله وعن دين الله.
وفي تفسير البغويّ “معالم التنزيل”، قوله تعالى: {وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا}، أي: لا تجعلوا من أيمانكم سبيلًا للخَدِيعَة وَالغشّ والفَسَاد، {بَيْنَكُمْ}، أي: فيغترّ النَّاسَ بكم ويَسْكُنُونَ إِلَيكم ويأمنونكم بسبب أَيْمَانِكُمْ ثُمَّ تَنْقُضُونَ العهد، قوله: {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها}، أي: فيحلّ بكم الهلاك بعدما كُنْتُمْ آمِنِينَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ نزلت به البلوى بَعْدَ عَافِيَةٍ، أَوْ تورّط بَعْدَ سَلَامَةٍ: زَلَّتْ قَدَمُهُ.
أما قوله تعالى: {وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، أي: فتحتم طَرِيقَ نَقْضِ الْعَهْدِ عَلَى النَّاسِ بِسبقكم إلى نقض الْعَهْدَ، {وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ}، أي: وسينالكم عذاب من الله شديد.
وجاء في تفسير الطّبريّ: قوله تعالى: {وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ}، أي: ولا تجعلوا أيمانكم بينكم خديعة بينكم، يغترّ بكم الناس {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا}، أي: فيصيبكم الهلاك، بعد أن كنتم في أمان منه، والعرب تقول: “زلّت قدمه”، لكلّ مبتلى أو متورّط بعد عافية وسلامة.
ومعنى قوله: {وَتَذُوقُوا السُّوءَ}، أي: وتذوقوا أنتم عذاب الله الذي ينزل بأهل المعاصي في الدنيا، وذلك بعض ما عذب به أهل الشّرك والكفر، قوله:{بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، أي: بكونكم سببًا في ابتعاد من أراد الإيمان بالله ورسوله عن الإيمان، {ولكم عذاب عظيم }، أي: سيكون مصيركم نار جهنم في الآخرة، وهؤلاء عمّن بايعوا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ نقضوا عهدهم معه.
اقرأ أيضا: معنى آية وهدوا إلى الطيب من القول
إعراب آية فتزل قدم بعد ثبوتها
- ولا: الواو: استئنافيّة، لا: ناهية جازمة.
- تَتَّخِذُوا: فعل مضارع مجزوم بـ”لا” النّاهية، وعلامة جزمه حذف النّون، و”الواو”: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعلًا.
- أَيْمانَكُمْ: أيمان: مفعول به أوّل منصوب وعلامة نصبه الفتحة، و”كم”: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ مضافًا إليه.
- دَخَلاً: مفعول به ثانٍ منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
- بَيْنَكُمْ: بين: مفعول فيه ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة، متعلّق بـ”دَخَلًا”، و”كم”: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ مضافًا إليه.
- فَتَزِلَّ: الفاء: فاء السّببيّة، تزلّ: مضارع منصوب بأن المضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة.
- قَدَمٌ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضّمّة.
- بَعْدَ: ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة، متعلّق بـ “تزلّ”.
- ثُبُوتِها: ثبوتِ: مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة، و”ها”: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ مضافًا إليه.
- وَتَذُوقُوا: الواو: حرف عطف، تذوقوا: فعل مضارع منصوب لعطفه على “تزلّ”، وعلامة نصبه حذف النون، و”الواو”: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل.
- السُّوءَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
- بما: الباء: حرف جرّ، ما: حرف مصدريّ.
- صَدَدْتُمْ: فعل ماض مبنيّ على السكون، و”تم”: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل.
- المصدر المؤوّل “ما صددتم” في محلّ جرّ بالباء متعلّقا بـ “تذوقوا”.
- عَنْ سَبِيلِ: عن: حرف جرّ، سبيل: اسم مجرور وعلامة جرّه الكسرة، متعلّق بـ”صددتم”.
- اللّه: لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة.
- وَلَكُمْ: الواو: استئنافيّة، اللّام: حرف جرّ، و”كم”: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بـ”اللّام” متعلّقان بخبر مقدّم.
- عذاب: مبتدأ مؤخّر مرفوع وعلامة رفعه الضّمّة.
- عظيم: نعت عذاب مرفوع وعلامة رفعه الضّمّة.
إعراب الجمل:
- لا تتّخذوا: استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.
- تزلّ قدم: صلة الموصول الحرفيّ لا محلّ لها الإعراب.
- تذوقوا: معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفيّ لا محلّ لها من الإعراب.
- صددتم: صلة الموصول الحرفيّ “ما” لا محلّ لها من الإعراب.
- لكم عذاب: استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.
اقرأ أيضا: معنى آية إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون
فوائد من آية فتزل قدم بعد ثبوتها
- على المسلمين أن يكونوا صادقين في أفعالهم وأقوالهم، وفي عهودهم ومواثيقهم مع المسلمين ومع غير المسلمين.
- التّراجع عن العهود والمواثيق والأيمان دون مبرّر يقبله الطّرفان؛ من الأمور التي يكرهها الله تعالى ونهى عنها نهيًا جازمًا، وتعرّض صاحبها للعذاب من الله تعالى.
- المسلم هو قدوة لغير المسلم في أقواله وأفعاله، وقد دخل الكثير في الإسلام من خلال رؤيتهم لصدق المسلمين في أقوالهم وأفعالهم، وإذا ظهر من المسلم أيّ شيء ينافي الإيمان والأخلاق، فقد يكون سببًا في عدم الدّخول في الإسلام ممّن كان عازمًا على الدّخول فيه، أو بخروج من كان قد دخل في الإسلام وقلبه ما زال مزعزعًا.
اقرأ أيضا: معنى آية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة