معنى آية تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض
أرسل الله -سبحانه- أنبياءه ورسله إلى الناس كافةً بالرّسالة الرّبانيّة، وهي الدّعوة إلى توحيد الله -تعالى- ونبذ الشرك والابتعاد عن كل مظاهره ما ظهر منها وما بطن، وقد ابتدأ هدي النبوّة مع آدم -عليه السلام- وانتهى برسول العالمين محمد صلى الله عليه وسلم، ويهتم الكثيرون بالتعرف على معاني الآيات التي تتحدث عن الأنبياء مثل معنى آية تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض الواردة في سورة البقرة.
معنى آية تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض
إنّ معنى آية تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض أنَّ الله تعالى يذكر أنَّه فاضل بين هؤلاء الرُّسل، فأمَّا موسى -عليه السلام- فقد كلَّمه -تعالى- فكان كليم الله، وآتى عيسى ابن مريم- عليه السلام- البينات المعجزات الباهرات، كإبراء مَن ولد أعمى بإذن الله تعالى، ومَن به برص بإذن الله، وكإحيائه الموتى بإذن الله، وأمَّا محمد -عليه الصلاة والسلام- فقد أرسله للنَّاس كافَّةً، وكذلك هو خاتم الأنبياء.
وقد بيَّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعض الفضائل التي اصطفاه بها تعالى في حديثٍ نبويٍ يرويه أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- إذ يقول: “أُعطِيتُ خَمسًا لم يُعطَهنَّ أحَدٌ قبْلي: بُعِثْتُ إلى الأحمرِ والأسودِ، وأُحِلَّتْ لي الغنائمُ ولم تحِلَّ لأحدٍ قبْلي، ونُصِرْتُ بالرُّعبِ فيُرعَبُ العدوُّ مِن مسيرةِ شهرٍ وجُعِلَتْ لي الأرضُ طَهورًا ومسجدًا وقيل لي: سَلْ تُعْطَهْ واختبَأْتُ دَعوتي شفاعةً لأمَّتي في القيامةِ وهي نائلةٌ إنْ شاء اللهُ لِمَن لم يُشرِكْ باللهِ شيئًا”، فهذه خصال يعدّدها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد خصّه الله -تعالى- بها دونًا عن غيره من الأنبياء.
ويرى العلماء أنّ ذلك التفاضل هو من جهة الأحوال والخصائص والمعجزات التي تُرافق مسيرته في الدعوة إلى الله، ولذلك كان من الرسل من هو من أولي العزم ومن كان دون ذلك.
واتفق العلماء على أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- هو أفضلهم عند الله -تعالى- لما خصّه به من صفات ومعجزات ومنزلة يوم القيامة لم يعطِها غيرَه.
من ذلك قوله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي يثبت أنّه أفضل الأنبياء الذي يقول فيه فيما يرويه عنه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: “أنا سَيِّدُ وَلَدِ آدمَ يومَ القيامةِ ولا فَخْرَ، وبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ ولا فَخْرَ، وما من نبيٍّ يَوْمَئِذٍ آدمُ فَمَن سِوَاهُ إلا تَحْتَ لِوَائِي، وأنا أَوَّلُ مَن يَنْشَقُّ عنه الأرضُ ولا فَخْرَ”.
أمّا الأحاديث التي ينهى فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- عن التفضيل بينه وبين غيره من الأنبياء، فهي إلّا على سبيل التواضع منه صلّى الله عليه وسلّم، كالحديث الذي يقول فيه: “لا تُفَضِّلُوا بيْنَ أَنْبِيَاءِ اللهِ، فإنَّه يُنْفَخُ في الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَن في السَّمَوَاتِ وَمَن في الأرْضِ إلَّا مَن شَاءَ اللهُ، قالَ: ثُمَّ يُنْفَخُ فيه أُخْرَى، فأكُونُ أَوَّلَ مَن بُعِثَ، أَوْ في أَوَّلِ مَن بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى عليه السَّلَامُ آخِذٌ بالعَرْشِ، فلا أَدْرِي أَحُوسِبَ بصَعْقَتِهِ يَومَ الطُّورِ، أَوْ بُعِثَ قَبْلِي، وَلَا أَقُولُ: إنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِن يُونُسَ بنِ مَتَّى عليه السَّلَامُ”. وكذلك لئلّا يدخل المسلمون في جدال ومراء وتصدر عنهم ألفاظ لا تليق بمقام النبوة والأنبياء.
اقرأ أيضا: معنى آية يوم ندعو كل أناس بإمامهم
إعراب آية تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض
لأنّ معنى الإعراب هو الإفصاح والتبيان فإنّه يجب الوقوف على إعراب قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ} من حيث المفردات والجمل:
- تلك: اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ.
- الرُّسلُ: بدل من تلك مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
- فضّلنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا الدالة على الفاعِلين، ونا ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
- بعضَهم: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة، والميم للجمع.
- على بعضٍ: على حرف جر، وبعض اسم مجرور بحرف الجر وعلامة جرّه الكسرة الظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلّقان بالفعل فضّلنا.
- جملة {تِلْكَ الرُّسُلُ}: جملة استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.
- جملة {فَضَّلْنَا}: جملة فعليّة في محل رفع خبر للمبتدأ تلك.
اقرأ أيضا: معنى آية رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع
فوائد من آية تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض
- على المسلم أنّ يعلم أنّ الخطاب الإلهيّ للبشر في قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ} يقوم على أمر مهمّ وهو عدم الدخول في المفاضلة بين الأنبياء لما لهم من مكانة عالية عند الله تعالى، واختصاصهم بهذه المهمّة السامية التي يؤتيها من يشاء من عباده الصالحين، فلا ينبغي لمسلم أن يفاضل بين الأنبياء لأنّ ذلك ليس من مهمّته.
- تدلّ الآيات والأحاديث على أفضليّة رسول الله محمد بن عبد الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلّا أنّ المسلم ليس من مهمّته أن يفاضل بين الأنبياء ولكن ليلتفت لطريقه ويؤدّي ما افترضه الله عليه ويُحسن، فذلك خيرٌ له.
- يتفاضل الأنبياء بما أوتي كلّ واحد منهم من ميزات وخصائص وفضائل في حياته إلى جانب النبوة، ولذلك فقد كان النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- هو خير الأنبياء وأفضلهم عند الله تعالى ولذلك فقد أعطاه مميزات لم تُعطَ لنبيّ قبله، والله أعلم.
اقرأ أيضا: معنى آية فبما رحمة من الله لنت لهم