معنى آية وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا
يُذكِّر الله -سبحانه وتعالى- بين الحين والآخر بآلائه؛ حتى يتفكر فيها عباده فيتوصّلوا إلى معرفة عظمته وقدرته من خلال عظمة مخلوقاته، فلا بدّ لهذا الكون من مدبِّرٍ يحفظ توازنه من أن يختلّ منذ آلاف السِّنين وحتى الآن، وقد دلّ على ذلك الكثير من الآيات القرآنية التي يحتاج المسلمون إلى تدبرها؛ لذلك يكثر التساؤل عن معنى آية وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا الواردة في سورة الأنبياء.
معنى آية وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا
إنّ معنى آية وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا أني وجعلنا السماء سقفًا للأرض لا يرفعها عماد، وهي محفوظة لا تسقط، ولا تخترقها الشياطين، والكفار عن الاعتبار بآيات السماء مثل الشمس والقمر والنجوم، غافلون لاهون عن التفكير فيها.
الدليل على هذا المعنى قوله تعالى في سورة الحج: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ}، فهو الحافظ لها، ومال بعض العلماء الآخرين إلى أنَّ معنى كلمة محفوظًا أي حفظها الله -تعالى- من الشياطين بالشهب التي تُطلق عليهم ويدلّ على ذلك أيضًا قوله تعالى في سورة الحجر: {وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ}.
وقال مجاهد في معنى سقفًا محفوظًا أي مرفوعًا، وأضاف قتادة في معنى سقفًا مرفوعًا أي موجًا مكفوفًا، وأكمل -سبحانه- الآية بقوله: {وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ}، فآيات السماء هي الشمس والقمر والنجوم السَّيَّارة التي أعرض عنها الكافرون أو عن التفكير فيها، فهم لا يُصغون إلا إلى أصوات نفوسهم التي تدعوهم إلى المنكر والضلال.
ومال بعضُ المفسرين في تأويل قوله تعالى: وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا أي جعل الله -سبحانه- السَّماء سقفًا للأرض، فهي بالنسبة إلى الأرض كالسقف بالنسبة إلى البيت، فيحفظها الله من التشقق أو السقوط أو الخراب.
وذهب بعض العلماء إلى أنّ المقصود بالحفظ هو حماية السَّماء وحفظها من الذنوب والمعاصي أو الشرك بالله تعالى، فالله يمتنُّ على عباده بحفظه للسماء من أن تقع أو يقع أحد أجرامها على الأرض فتكون مفسدة كبيرة وتتعطل مصالح النَّاس وأعمالهم، فالله يُذكر عباده بنعمه عليهم، ويُبيِّن قدرته في حفظه للسماء من أن تسقط دون وجود أعمدةٍ تقوم عليها أو تثبتها، فالله هو العظيم ووحده القادر على تلك الأمور جميعها.
اقرأ أيضا: معنى آية أو كصيب من السماء
الإعجاز العلمي في آية وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا
إنّ الكون العظيم هو واحدٌ من خلق الله ولا تدلّ عظمته إلا على عظمة خالقه الذي أنشأه وأبدعه في أحسن إتقان وإبداعٍ دقيق، فالله لم يخلق الشمس والقمر والنجوم والكواكب لتسير وحدها بعشوائيَّةٍ وإنما كان ذلك محكومٌ بالقوانين التي وضعها سبحانه.
تبعد الشَّمس عن القمر أو الأرض بُعدًا مدروسًا لا يستطيعه إلا مالكٌ عظيم، فلو اقتربت النجوم من بعضها لحدثت الانفجارات العظيمة التي تدمر كل ما خُلِق، فالسماء هي رمزُ كلِّ علاءٍ وهي محفوظةٌ من دنس كل ابن آدم، ومحفوظةٌ من البراكين والزلازل والسقوط والشقوق بإذن الله.
وأشار بعض العلماء إلى أنّ المقصود بالسقف في الآية الكريمة أي الغلاف الجوي الذي يعمل على حماية الأرض من الآثار المُترتبة على تساقط بقايا الشهب والنيازك، ومهمة المجال المغناطيسي هو حماية الغلاف الجوي -سقف الأرض- من التفرق والتبدد في الكون، فالكون هو مجموعة منتظمةٌ من أصغر مخلوقٍ وهو الذرة إلى أكبرها مثل الشمس والكواكب والنجوم السيارة، يتناغم كل ذلك مع بعضه وفق إعجازٍ باهرٍ من حكيمٍ قدير.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنّ ما يربط جميع الكواكب فيما بينها شيءٌ يُطلق عليه اسم أقواس الجذب، وهذا جزء من القانون العام الذي اكتشفه العلماء وهو قوة الجذب، والتي هي الأساس الحقيقي في انتظام المجرات مع بعضها إذ لا يُمكن أن يحدث تصادم ما بين كوكبين إلا إذا اختلفت كثافة الجسم أو المسافة الفاصلة بين الجسمين في الفضاء، وذلك لا يكون إلا بأمرٍ من الله العزيز الحكيم.
اقرأ أيضا: معنى آية أمن يجيب المضطر إذا دعاه
فوائد آية وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا
- إنّ الله -سبحانه- هو صاحب القدرة المُطلقة على فعل ما يشاء وبلمح البصر، ولكنَّه اختار التدرج في خلق السماوات والأرض، فبدأ بخلق الأرض أولًا ومن ثم انتقل إلى خلق السماوات، ولم يكن ذلك لعجزه -سبحانه- حاشا لله، بل كان لتعليم ابن آدم أن التدرُّج في الصنعة هو من الأمور الخيرة إذ لا بدَّ من البدء أولًا بالأمور الهامة ثم المهمة، وذلك من شأنه أن يُعلِّم الإنسان النظام في حياته والقدرة على تخير الأمور العاجلة من الأخرى التي يُمكن لها أن تحتمل وقتًا أكثر لإنجاحها.
- الإسلام هو الدين القويم والصحيح الذي يدعو متبعيه إلى التفكر والتمعن والبحث عن الحقائق ومطابقتها مع ما جاء به القرآن الكريم، فهو الدين الذي يدعو إلى تعقب الأمور ومتابعتها، وخاطب القرآن الناس على مختلف عقولهم فدعا أصحاب العقول التي تُعنى بالعلم التجريبيِّ إلى النظر في السماوات وتأملها وتأمل إعجاز بنائها، وكيف ثبتت بأمرٍ من الله بلا أعمدة، ويدعو -سبحانه- إلى تأمل الإبداع في خلقه والرجوع إلى القرآن الكريم؛ لفهم ذلك الإبداع بطريقةٍ صحيحة، ومعرفة أنَّ ذلك لا يستطيعه إلا من كان على كلِّ شيءٍ قدير.
- إنّ السماء هي السقف لهذه الأرض كما للبيت سقف، فخلقها الله ليستفيد منها ابن آدم ويستطيع العيش على هذا الكوكب، فلو لم تكن السماء موجودة لما استطاع الإنسان العيش ولكان سطح الأرض كسطح القمر قاحلًا من كلِّ شيءٍ فلا ماء فيه ولا حياة ولا غيرها من مسببات عيش ابن آدم.
اقرأ أيضا: معنى آية فإنها لا تعمى الأبصار