معنى آية غير المغضوب عليهم ولا الضالين

سُمّيت سورة الفاتحة بهذا الاسم منذ عصر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فهي فاتحة الكتاب، وبها ابتدأ الله -تعالى- القرآن الكريم لفظاً وكتابةً، وبالفاتحة تُفتتح الصّلاة، وقد قيل إنّها أوّل سورةٍ نزلت من السّماء كسورةٍ كاملة، ويتساءل الكثيرون عن معنى آيات سورة الفاتحة وخاصةً معنى آية غير المغضوب عليهم والضالين الواردة في نهاية السورة.

معنى آية غير المغضوب عليهم ولا الضالين

معنى آية غير المغضوب عليهم ولا الضالين

إنّ معنى آية غير المغضوب عليهم والضالين هو إيضاح الفئة التي ستُرشَد للصّراط المستقيم؛ وهو طريق الهداية والصّلاح، وهم الذين أنعم الله -تعالى- عليهم بفضله، وهم أهل الصّراط من الأنبياء والصِدّيقين والصالحين من المؤمنين.

وأمّا المغضوب عليهم فهم الذين عصوا الله -تعالى-، واسْتخَفّوا بعقابه، والتفتوا للدنيا ونسوا الآخرة، فاستحقّوا غضب الله -تعالى- عليهم، وفي الآية نوعٌ من التأدّب مع الله -تعالى- من خلال إلحاق أفعال الإحسان والخير لاسم الله -تعالى-، وفِعل الغضب باسم المفعول “مغضوب”.

ثم تنتهي الآية بحرف النّفي “لا” للتأكيد بأنّ من هُدي للصّراط هم عكس المغضوب عليهم والضالين، وقد ذَكر العديد من المفسّرين أنّ المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النّصارى، وقد ورد بتفاسير أخرى أنّ المغضوب عليهم من جَحَد الحقّ رغم علمه به وقرّر تركه وعدم العمل به، والضالين هم الذين انحرفوا عن الطريق فانغمسوا بالضّلال.

اقرأ أيضا: معنى آية نور على نور

معاني آيات سورة الفاتحة

معاني آيات سورة الفاتحة

بدأت سورة الفاتحة بقوله -تعالى-: (بسم الله الرحمن الرحيم)، والباء حرف جر يُفيد الابتداء، ويُقصد من بسم الله التبرّك والتوكّل به -سبحانه وتعالى- وسؤاله وطلب العون منه في التمام والقبول، إذ يدعو العبد بأسماء الله الحسنى امتثالاً لقوله -تعالى-: (وَلِلَّهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعوهُ بِها وَذَرُوا الَّذينَ يُلحِدونَ في أَسمائِهِ سَيُجزَونَ ما كانوا يَعمَلونَ).

وقد أجمع عددٌ من أئمة اللغة العربية؛ كالخليل وسيبويه والشافعي والخطابي وإمام الحرمين وغيرهم على أن الله اسم علم بذاته غير مشتق، وقد قيل إن الله هو الاسم الأعظم من الأسماء الحسنى لكمال صفاته.

وقد أُتبع لفظ الله بصفاتٍ أُخرى؛ وهي الرحمن والرحيم، فالله -تعالى- مُتفرد في صفاته وأسمائه، ويتّصف بعظمة عطفه ولطفه وحنانه على العباد، ولفظ الرحمن مختصٌّ بالله -سبحانه وتعالى- وحده فلا يُطلق وصفه على بشرٍ أبداً.

وتعددت أقوال الفقهاء والمفسّرين في البسملة إلى قولين: فقد ذهب أصحاب القول الأول إلى أنّ البسملة آيةٌ من سورة الفاتحة، وكان ممّن ذهب لهذا القول ابن عباس، وابن عمر، وأبو هريرة، وسعيد بن جبير، والإمام الشافعي، وهو قول للإمام أحمد -رحمهم الله-، بينما ذهب أصحاب القول الثاني إلى أنّ البسملة ليست آيةً من الفاتحة، بل هي آية منفردة نزلت للفصل بين سور القرآن الكريم.

ثم يقول الله -تعالى-: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، ويُقصد بقول “الحمد لله”؛ أي أنّ الله -تعالى- هو المُستحقّ للحمد، والثّناء، والشّكر، والتّعظيم، والفضل، وذلك لاتّصافه -جل وعلا- بكل صفات الكمال والجمال والفضل، ولأنّ الله -تعالى- هو الواجد للمخلوقات جميعها.

أمّا الرّحمن الرّحيم، فهما اسمان مُشتقّان من الرّحمة، ويحملان المعنى نفسه، إلا أنّ لفظ الرّحمن صيغة مبالغة وكثرة مقارنة بلفظ الرّحيم، وفسّر آخرون أنّ لفظ الرّحمن عام، والرّحيم خاص، فالرّحمن رازق الخلق جميعاً في الحياة الدنيا دون تفريقٍ بين مسلمٍ وكافرٍ استناداً لقوله -تعالى-: (وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ)، والرّحيم خاص للمسلمين في الآخرة، فقد اختُصّوا بعفوه ورحمته.

يقول الله -تعالى- في الآية الرابعة (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) والمقصود “بيوم الدّين” بالآية هو يوم القيامة، وقد اختصّ الله -تعالى- بذكر هذا اليوم رغم امتلاكه أيام الدنيا والآخرة كلّها؛ وذلك بسبب تجلّي ملكه وحده في هذا اليوم، قال -تعالى-: (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ). فالله -تعالى- هو المتصرّف الوحيد في هذا اليوم وبيده الأمر كلّه من الثّواب أو العقاب.

قال -تعالى-: (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ)، والدّين من الدَّيْن؛ أيّ الحساب، وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله-: “وتخصيص الملك بيوم الدّين لا ينفيه عمّا عداه، لأنّه قد تقدّم الإخبار بأنّه رب العالمين، وذلك عامّ في الدنيا والآخرة. وإنّما أضيف إلى يوم الدّين؛ لأنّه لا يدعى أحد هنالك شيئا، ولا يتكلّم أحدٌ إلا بإذنه”.

ويُقصد بآية “إياك نعبد وإياك نستعين” أنّ المستحقّ الوحيد بالعبادة والاستعانة به هو ربّ الأرباب الله -تبارك وتعالى-، وهي دليلٌ على وحدانيّته -تعالى-.

ثم تُختم السورة المباركة بقوله تعالى: (اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) حيث يطلب العبد من الله -تعالى- أن يدلّه ويرشده على طريق الهداية والصّلاح المستقيم الذي لا اعوجاج فيه.

وتُقرأ سورة الفاتحة في كلّ فرض صلاة لأهميّتها في حياته، فيحرص على سؤال الله -تعالى- الهداية والزّيادة في الخير والثبات، فالإيمان يزيد وينقص كما وضّح أهل السنّة والجماعة، وقد كان النبيّ عليه الصّلاة والسّلام- يدعو الله -تعالى- ويقول: (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ). [1]

اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الفاتحة

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

المراجع
  1. الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند |الصفحة أو الرقم: 26133 | خلاصة حكم المحدث : صحيح []

مقالات ذات صلة