معنى آية قل أعوذ برب الفلق

سورة الفلق هي إحدى سور القرآن المباركة التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، ويرجع السبب في تسميتها بهذا الاسم إلى ورود لفظ الفلق في مطلعها، وقد أخبر بعض الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سماها مع سورة الناس بالمعوذتين، كما تسميان أيضًا بالمشقشقتين؛ وذلك لأنهما تُبرئين قارئهما من النفاق، ويتساءل الكثيرون عن معنى آية قل أعوذ برب الفلق.

معنى آية قل أعوذ برب الفلق

معنى آية قل أعوذ برب الفلق

إن معنى آية قل أعوذ برب الفلق أي قل التجئ واحتمي برب الفلق سبحانه وتعالى، وتُعتبر الاستعاذة بالله من أنواع الدعاء، ومعنى كلمة الرب أي المالك والسيد، فإذا أمر، أُطيع، كما يُراد بالرب أي المُصلح، بينما يُقصد بالفلق فصل الأشياء عن بعضها، وفلق وخلق وفطر بمعنى واحد، وهو إيجاد الشيء من العدم.

يُطلق لفظ الفلق على جميع مخلوقات الله تعالى وجميع ما ينفلق عنها وينتج منها، والفالق هو الخالق والفاطر، وقد قال الله تعالى: (فالِقُ الإِصباحِ وَجَعَلَ اللَّيلَ سَكَنًا)، ورب الفلق تعادل في معناها رب العالمين.

اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الفلق

معاني سورة الفلق

سورة الفلق

تُوجّه الآية الأولى من سورة الفلق النبي صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين كلهم إلى ضرورة الالتجاء بالله تعالى والاعتصام به وبقدرته، بينما تأتي الآية الثانية: (مِن شَرِّ مَا خَلَقَ) لتدل على الاستعاذة بالله تعالى مما في الخلائق من شرور.

من الأحاديث التي تدل على هذا المعنى الذي جاءت به الآية الكريمة قوله صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بك من شرِّ كلِّ دابةٍ أنت آخذٌ بناصيتِها) (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 2713 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) ولا يُقصد من ذلك الاستعاذة من شر كل مخلوقات الله، بل من شر كل مخلوق فيه شر.

إن هذا المعنى الذي أشارنا إليه هام للغاية، وذلك لأنه سيجعل المقصود من الآية الاستعاذة من شر ظلمة الليل، وشر حسد الحاسدين الذي سيُذكر في الآيات التالية، وقد اختص الله هذين النوعين من الشرور بالذكر؛ لأنهما يأتيان بغتة دون أن يسبق للإنسان علم، فهو من باب عطف الخاص على العام؛ لمزيد من الاعتناء بالخاص المذكور في الآية.

قال الله تعالى في الآية الثالثة من سورة الفلق: (وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)، والغسق هو ظلمة الليل، ومنه قوله: (أقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ)، و قوله: وقب؛ بمعنى دخل.

وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم مرةً إلى القمر، ومعه السيدة عائشة فقال لها: (استعيذي باللهِ من شرِّ هذا فإنَّ هذا هو الغاسقُ إذا وقبَ)، وذلك أن ظهور القمر دليل على دخول الليل، وذكر الغاسق نكرة في الآية للتبعيض، فهو ليس شرًا في كل أوقاته بل بعضها، وإلا فإن الأصل في الليل وفي القمر أنّهما نعمة ينعمها الله تعالى على عباده.

في الآية الرابعة من السورة قال الله تعالى: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)، يكون النفث أكثر من النفخ، وأقل من التفل، فالتفل يكون مع شيءٍ من الريق، أما النفث فلا يكون بريق، وقد يكون أحيانًا بشيء قليل من الريق فيكون بذلك مختلفًا عن النفخ، ويكون النفث من الأنفس الخيرة، وكذلك من الأنفس الشريرة.

من الأمثلة على ذلك ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها: (أنّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان إذا اشتكى نَفَثَ على نَفْسِهِ بالمُعَوِّذاتِ، ومسحَ عنهُ بيَدِهِ)، (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 4439 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))

ومثال النفث من الأنفس الخبيثة أن الرسول -صلّى الله عليه وسلم- كان يتعوذ من شر الشيطان، من همزه، ونفخه ونفثه، والخلاصة في الآية الكريمة أن النفاثات الواردة فيها يُراد بها نفث الأرواح الخبيثة من الجن والإنس وليس فقط نفث الساحرات.

جاء في الآية الخامسة والأخيرة من سورة الفلق قول الله تعالى: (وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، والمقصود بالحسد؛ تمني زوال النعمة عن الآخرين، وهو طبع في الإنسان لأنه يحب أن يترفع عن جنسه، وهو حرام.

يُمكن أن يُراد به أيضًا الغبطة، وهي تمني النعمة من غير زوالها عن الآخرين، والغبطة في أمور الدنيا من المباحات، بينما في أمور الدين مستحبة، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتيْنِ: رجلٌ آتاه اللهُ مالاً، فسلَّطَه على هَلَكَتِه في الحقِّ، وآخرُ آتاه اللهُ حكمةً، فهو يَقضي بها ويُعلِّمُها). (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 7141 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))

وردت كلمة حاسد في الآية الكريمة بصيغة النكرة، وذلك لأن ليس كل حاسد ضارًا، فإذا لم يظهر حسده على أرض الواقع ويعمل بمقتضاه، فلا يضر الإنسان، بل يقتصر أثره على نفس الحاسد، وما يعتريه من هم؛ لأنه لم يستطع أن يمتلك النعمة أو يُزيلها عن الآخرين، بينما يكون حسده ضارًا إذا أظهره وعمل به.

اقرأ أيضا: معنى آية سلام قولا من رب رحيم

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة