معنى آية سلام قولا من رب رحيم

تتناول بعض آيات سورة يس أهل الجنة وما أعدّه الله لهم من النعيم، حيث يقول الله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ، هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ، لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ، سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ}، ويكثر البحث عن معنى آية سلام قولا من رب رحيم وتفسيرات العلماء لها.

معنى آية سلام قولا من رب رحيم

معنى آية سلام قولا من رب رحيم

إن معنى آية سلام قولا من رب رحيم أي أن الله تعالى يُلقي عليهم السلام بواسطة الملائكة عليهم رضوان الله، وفي ذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما: “تدخل الملائكة بالتحية عليهم من رب العالمين”، وقد قال بعض العلماء بل يُلقي عليهم السلام بدون واسطة، وذلك لتشريف الله لهم، وبهذا يُعطيهم الله ما يتمنون، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: “بل إن الله نفسه سلام على أهل الجنة”.

ويتمثل بيان معاني المفردات في قول الله تبارك وتعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} فيما يأتي:

  • سَلَامٌ: السلام هو الأمان، كما يُستخدم أيضًا بمعنى الصلح، وهو من أسماء الله الحسنى.
  • قَوْلًا: كلامًا.
  • رَّبٍّ: اللهُ تعالى، ولا تُضاف أل التعريف إلى كلمة رب سوى لله تعالى، بينما تُستخدم أيضًا لأصحاب الأعمال مثل رب العمل.
  • رَّحِيمٍ: الكثيرُ الرحمة.

اقرأ أيضا: فوائد من سورة يس

تفسيرات العلماء لآية سلام قولا من رب رحيم

معنى آية سلام قولا من رب رحيم 1

هناك العديد من التفسيرات التي ذكرها العلماء عند تناول آية سلام قولا من رب رحيم، ومن ذلك تفسير الإمام السعدي رحمه الله حيث قال سلامٌ حاصلٌ لهم من ربهم المتصف بالرحمة، وهذا السلام هو كلام الله لعباده من أهل الجنة.

من الأمور التي تؤكد رجاحة التفسير الذي ذهب إليه الإمام السعدي رحمه الله أن الله تعالى قال في الآية: {قَوْلًا}، فإذا سلم الله عليهم، دخلت السلامة التامة إلى قلوبهم، وتحققت التحية، وهي التحية التي لا أعلى ولا أعظم منها، فهي أشرف التحيات، فعندما يُلقي الله السلام على أحد عباده، فهذا معناه أنه أكرمه برضوانه، فلا يسخط عليه بعدها أبدًا، وهذه من أعظم النعم التي يُؤتيها الله لعباده، وعندما ينظر المؤمنون إلى ربهم، فلا يهتمون بما سوى ذلك من النعيم، وإذا ما احتجب عنهم رب العزة، حل نوره عليهم كل مكان يخطونه.

قال مقاتل في تفسير هذه الآية: تدخل الملائكة رضوان الله عليهم على أهل الجنة من كل باب، ويخبرونهم بسلام الله عليهم، كما يُراد بالآية أيضًا أن الله يُعطيهم السلامة الأبدية، وعلى اختلاف التفسيرات والتأويلات، فهذه الآية ليست سوى دلالة على رحمة الله بأهل الجنة، وعظيم فضله ونعمه عليهم، وهذا بعد جزائه العظيم بإدخالهم الجنة وإنقاذهم من النار.

أشار الإمام الفخر الرازي إلى العديد من الجوانب التي تشتمل عليها الآية الكريمة حيث أن أصحاب الجنة في نعيم مقيم، ولا يحل بهم التعب ولا الشقاء، كما تدل الآية أيضًا على حسن المكان، وإلى منحهم كل ما يحتاجون إليه مهما عز المطلب، كما أن الآية تُشير إلى التلذذ بالنعيم، وتلقي أجمل التحيات بأجل ألفاظ التكريم، فمن فضل الله على عباده المؤمنين أنه يُحيهم بتحية منة، ويريهم نعيمه، ويعطيهم جميع ما يتمنون.

اقرأ أيضا: أحاديث عن نعيم الجنة

من الناحية اللغوية، هناك عدة أمور تجدر الإشارة إليها عند تفسير معنى هذه الآية، حيث قد يتساءل البعض عن سبب رفع قول الله تعالى: {سَلَامٌ}، ويحمل ذلك على عدة وجوه، فقد يكون موقعه الإعرابي أنه بدل أو مرفوع لأنه خبر ما التي سبق ذكرها في الآية السابقة، كما يمكن أن تكون الكلمة منقطعة عما قبلها، وعندها تكون مبتدأ، والخبر محذوق، وتقديره: سلامٌ عليهم.

إن معنى الآية على هذا التأويل هو إخبار الله تعالى بأن أصحاب الجنة اليوم في شغل، ومن ثم يصف الله حالهم، ويُرادف السلام عليهم في الآية ما جاء في قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ}، وقوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ}، وبذلك يكون الله تعالى قد أحسن إلى عباده المؤمنين كما أحسن إلى عباده المرسلين.

قد يكون تقدير الكلام، سلامٌ عليكم، وعندها يكون الأسلوب المتبع في الآية هو أسلوب الالتفات، فقد انتقل الحديث من ضمير الغائب إلى ضمير المخاطب.

السبب في نصب قوله تعالى: {قَوْلًا} هو النصب على المصدرية، وتقدير الكلام: يُقال لهم سلامٌ يقوله الله تعالى قولًا، أو تقوله الملائكة قولًا، أما قوله {مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} فلبيان أن السلام من ربهم يقولهم لهم قولًا، وعندها يحتمل أن تكون كلمة “قولًا” منصوبة لأنها تمييز؛ لأن السلام إما أن يكون فعلًا أو قاصرًا على القول فقط.

أرجح الأقوال في ذلك أن كلمة {سَلامٌ} خبر لقوله تعالى {ولَهُمْ مَا يَدَّعُونَ}، والمعنى: لهم فيها ما يدعون، وترجمة ما يدعون هو سلام من الله عليهم سواء بواسطة الملائكة أو بنفسه.

اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة يس

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة