معنى آية هل جزاء الاحسان الا الاحسان
ما زالت الشريعة الإسلامية توصي المسلمين بالإحسان من خلال النص الشرعي في الكتاب والسنة النبوية الشريفة؛ فالإحسان ليس مجرد كلمة، بل قول، وعمل، وجهاد، وتَضحية، وبَذل، وتَنازل، وكرم أخلاق، ونظراً لعظم مكانة الإحسان في الإسلام، يتساءل الكثيرون عن معنى آية هل جزاء الاحسان الا الاحسان الواردة في سورة الرحمن.
معنى آية هل جزاء الاحسان الا الاحسان
معنى آية هل جزاء الاحسان الا الاحسان عند الإمام الطبري: هل ثواب خوف مقام الله عزّ وجلّ لمن خافه، فأحسن فى الدنيا عَمله، وأطاع ربه، إلا أن يحسن إليه في الآخرة ربُّهُ، بأن يجازيه على إحسانه ذلك في الدنيا، ورُوي عن قتادة (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) قال: عملوا خيرا فجوزوا خيرا.
يقول محمد بن المنكدر في قول الله جلّ ثناؤه (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) قال: هل جزاء من أنعمت عليه بالإسلام إلا الجنة، و قال ابن زيد، في قوله: (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) قال: ألا تراه ذكرهم ومنازلهم وأزواجهم، والأنهار التي أعدّها لهم، وقال: (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ): حين أحسنوا في هذه الدنيا أحسنا إليهم، أدخلناهم الجنة، وعن محمد ابن الحنفية (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) قال: هي مسجَّلة للبرّ والفاجر.
اقرأ أيضا: معنى آية سيجعل لهم الرحمن ودا
حقيقة الإحسان
الإحسان لغةً: مصدر من حَسُنَ، والمعنى الذي يفيده لفظ الإحسان هو ضد الإساءة، فإذا قيل رجلٌ مُحسنٌ ومِحسانٌ؛ فمعنى قولهم أنَّه كثير الإحسان.
وفسّر الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- الإحسان من خلال الحديث الشريف الذي يرويه الصحابي الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لمَّا سأله جبريل عن الإحسان فأجاب: (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)، (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 50 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) والمقصود بالإحسان هنا الإخلاص.
الإحسان اصطلاحاً: أن يَعبد المسلم اللهَ تبارك وتعالى وأن تكون هذه العبادة مع حضور القلب واستشعار مُراقبة الله تبارك وتعالى، فتسمو العبادة مع الشعور بمراقبة الله، وتسمو الروح مع الشعور بالقرب من الله فالله مُطّلعٌ عليه والله ناظرٌ إليه، ممّا يُشَكل الدافعية التامّة لدى المسلم لدوام طاعة الله تبارك وتعالى ودافعيةٌ عظيمةٌ لمداومة التقرّب إلى الله، ودافعيةٌ لترك المعاصي وعدم اقترافها بل وهجرها والشعور بالخطأ لمجرد التفكير فيها.
إنّ الإنسان لا يبلغ درجة ومنزلة الإحسان إلّا بعد أن يَسلك درب العزة والكرامة في صفوف الإسلام، ثم يتدّرج بعد ذلك ويطمئن بالإيمان فيَبذل الرُوح والمُهج، حتى يصل إلى الدرجة التي يشعر فيها أنّه مع الله، وأنّ الله معه، وأنّ الله مُطّلعٌ عليه في كل ما يصدر عنه من فعلٍ وقول، فيرتقي بذلك فكراً، ويسمو رُوحاً، ويُقبل على الله بكل جوارحه.
ولعلّ بعض العلماء قد تجاوز هذا الحد عندما اعتبر أنّ الإحسان هو جميع العبادات، وجميع ما يصدر عن المسلم المحسن من القول، والعمل، التي يتقرب بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى، وليست من الفرائض، وإنّما نوافل اجتهد بها تقرُّباً إلى الله محبةً وطاعةً، وطمعاً في القرب منه تبارك وتعالى.
إنّ الإحسان ليس نوعاً واحداً بل هو أنواعٌ ثلاثةٌ، وهي على النحو الآتي:
- عبادة خوفٍ وطمع: والإحسان هنا هو الإحسانُ المُتعلّق بالعبادة؛ أي عبادةُ الله تعالى، فيَعبدُ المؤمنُ ربَه خوفاً وطمعاً وهرباً إليه سبحانه وتعالى، ولاتكون هذه العبادة إلاَّ بأن يَجتنب نواهيه سبحانه ويُقبلُ على طاعته ويَلتزم أوامره تعالى وما يرضيه.
- عبادة شوقٍ وطلب: حيث يأنسُ المؤمنُ بالقرب من الله سبحانه وتعالى، وتتحقق عبادةُ الشوق عندما يَصل المؤمن لدرجة الاشتياق إلى عبادة الله سبحانه وتعالى؛ بحيث يكونُ حريصاً على العبادة وأدائها على أتَمِّ وجهٍ؛ لما يشعر به من اللذةِ بمناجاة ربه والقُربِ منه سبحانه وتعالى والأنسِ به.
- الإحسان إلى الآخرين: بل الإحسانُ إلى جميع المخلوقات، ويتحقّق هذا الإحسان من خلال الإحسان إلى الوالدين، وكذلك صلة الأرحام، والإحسانُ إلى الضيف، وإكرامه، والإحسانُ إلى الفقير، ومنه الإحسانُ إلى الحيوانات.
اقرأ أيضا: معنى آية لا تحزن إن الله معنا
جزاء الإحسان
ورد الكلام عن جزاء الإحسان والمُحسنين في القرآن الكريم، فقد رتَّب الله سبحانه وتعالى أحسنُ الجزاء على الإحسان، على النحو الآتي:
- إحسانُ الله تعالى للمحسنين مقابل إحسانهم، فالله سبحانه وتعالى يقول: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ).
- معيَّةُ الله تعالى للمحسنين، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).
- محبَّة الله تعالى للمُحسنين، قال تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
- حُسنُ الثواب في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
- أجزلُ جزاءٍ للمحسنين الجنةُ والأمانُ من عذاب الله وزيادةٌ كما جاء بنص القرآن الكريم في قوله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
اقرأ أيضا: معنى آية سلام قولا من رب رحيم