معنى آية نور على نور
تشتمل سورة النور على أربعٍ وستين آيةً، وقد نزلت هذه السورة المباركة على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، ويرجع السبب في تسميتها بهذا الاسم إلى اشتمالها على قول الله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، والنور اسمٌ من أسماء الله الحسنى، ويتساءل الكثير من المسلمين عن معنى آية نور على نور وما اشتملت عليه من إعجاز علمي.
معنى آية نور على نور
إن معنى آية نور على نور أي تضاعف النور، وليس المقصود به تعدده، فلا يُراد بالآية نور معين، أو غير معين فوق نور آخر مثله، كما لا يُقصد أيضًا مجموع نورين اثنين فحسب، بل إنه نور متضاعف دون تحديد لمدى تضاعفه، ويُعد هذا التعبير من التعبيرات الشائعة في الكلام.
لا يخلو هذا المعنى من جودة، ولو أراد تعدد النور، فهي لمحة لا تخلو أيضًا من اللطف والدقة، فإن النسبة إلى النور الذي يشرق من المصباح من الحقيقة والأصالة، أما النسبة إلى الزجاجة التي عليه، فهي من باب الاستعارة والمجاز.
يقول الإمام ابن كثير في تفسيره لـ معنى آية نور على نور أي نور الله، والمقصود هداه الذي يشمل الكون وما فيه من خلائق، فالله عز وجل يُنير العرش من نور وجهه الكريم، والضمير “الهاء” في قوله تعالى: {مثل نوره} يعود إلى الله جل جلاله، وذلك لأنه شبه نور هدى الله في قلوب المؤمنين، وهذا المراد بقوله {كمشكاة}.
قيل أيضًا أن الضمير قد يعود إلى المؤمن نفسه، وفيه الآية تشبيه للنور الذي يسيطر على قلب المؤمن من هداه بالمشكاة، وذلك عند تطابق ما يستقبله المؤمن في نفسه من تدبر لمعاني القرآن الكريم وآياته مع الهدى الذي فطره الله عليه، وفي ذلك يكون المؤمن في حالة من الصفاء النفسي التي تجعله يُشبه القنديل الزجاجي في شفافيته، وفي الآية تشبيهٌ بما يستهدي به المؤمنون من آيات القرآن والإيمان بالزيت في الصفاء بحيث لا يشوبه أي كدر.
يُراد بالمشكاة موضع الفتيلة من القنديل، فيكون قلب المؤمن مشابهًا للضياء المنير الذي ينبثق من الزجاجة الصافية، بحيث تكون الزجاجة أقرب للكوكب الضخم في إضاءته، بحيث يُستمد الوقود من زيت الشجرة المباركة، وهي شجرة الزيتون.
تمتاز تلك الشجرة المباركة بأنها متوسطة، فليست غربية، وليست شرقية، وفي الوسط دلالة على اعتدال الزيت وصفاءه، حيث أن توسطها يجعلها تُنتج أنقى الزيوت وأكثرها جودة، لدرجة أن الزيت من شدة نقائه يُوشك على الإضاءة.
أما قوله تعالى: {نور على نور}، فهو إشارة إلى عدم اكتمال جمال هذه الصورة إلا باجتماع نور النار، والمقصود به الإيمان، مع نور الزيت، وهو هدي القرآن الكريم، فلن يستطيع أحد منهما أن يُنير دون الآخر، فيهدي الله إلى طريقه من يريد، {يهدي الله لنوره من يشاء}، ثم ختم الله الآية بقوله: {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، فالله تعالى هو الأعلم بمن هو أقرب للهداية بعد ضرب الأمثال.
اقرأ أيضا: سورة النور مكية أم مدنية
الإعجاز العلمي في آية الله نور السماوات والأرض
سمّى الله تعالى في قوله: {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ} زيت الزيتون وقودًا، حيث أنه يمنح جسم الإنسان الطاقة، وقد أكد على ذلك القائلون بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم حيث إن هناك الكثير من الفوائد لزيت الزيتون، فمئة جرام من هذا الزيت تعادل نصف ما يحتاجه الإنسان يوميًا من الغذاء.
يمتاز زيت الزيتون بأنه ذو خاصية مميزة، وهي أنه من المواد غير المشبعة، فيقوم بالتهام الدهن الذي يعلق في الدم، وعندما تتصلب الشرايين نتيجة ترسب الدهون على جدر الشرايين، فإن هذا الزيت يستطيع أن يعالج ذلك التصلب، ويتخلص من إجهاد القلب، فيعمل زيت الزيتون المُشار إليه في سورة النور على تليين الشرايين، وهو مختلف عن غيره من الدهون الحيوانية، وقد جاء في القرآن الكريم أيضًا: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بالدهن وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ}.
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوائد الزيت في هذه الشجرة المباركة أيضًا حيث قال: “كُلوا الزَّيتَ وادَّهِنوا به فإنَّه من شجرةٍ مباركةٍ” (( الراوي : أبو هريرة وأبو أسيد | المحدث : البزار | المصدر : البحر الزخار | الصفحة أو الرقم: 1/397 | خلاصة حكم المحدث : إسناده غير ثابت )) ويُعتبر ذلك من أعظم الإعجازات التي تدل على علم النبي صلى الله عليه وسلم حيث أشار إلى فائدة هذا الزيت قبل أن تتطور العلوم.
اقرأ أيضا: موضوعات ومضامين سورة النور