معنى آية ما سلككم في سقر

تعددت أسماء النار في القرآن الكريم، ويتناسب هذا التعدد في الأسماء مع كثرة الصفات، وألوان العذاب الذي تشتمل عليها النار، ومن أسماء النار التي ذُكرت في القرآن: جهنم، والهاوية، ولظى، وسقر، وقد ذُكر لفظ سقر في إحدى آيات سورة المدثر حيث قال تعالى: (ما سلككم في سقر)، ويتساءل الكثيرون عن معنى آية ما سلككم في سقر.

معنى آية ما سلككم في سقر

معنى آية ما سلككم في سقر

إن معنى آية ما سلككم في سقر أي ما الذي أدخلكم سقر، وسقر من أسماء الأعلام الخاصة بجهنم، وهو ممنوع من الصرف، وقد اشتق هذا الاسم من الفعل سقر أي لوح أو آلم أو غير، ويُقال سقرته النار، بمعنى لوحت جلده وغيرت لونه، أو آلمته وآذته بسبب حرارتها.

جاء في معنى الفعل سقر في اللغة: بعد، حيث يُقال سقر الشيء أي بعد، وقد سُميت بهذا الاسم؛ لبعد قعرها أو لمدى اتساعها، أو لبعد أطرافها.

قال المجرمون عن سبب دخولهم سقر ونيلهم العذاب بأن قالوا: (لم نك من المصلين) أي أننا ضيعنا حق الله تعالى في أداء الصلاة، فلم نُقبل على الله، ولم نتوجه إليه، وكان توجنا إلى البشر كلهم، ونسينا رب البشر، واصطلحنا مع كل إنسان إلا خالق الناس، وإذا صلينا الصلوات، ضيعناها، وقمنا إليها كُسالى.

يُتابع المجرمون حديثهم عن أسباب دخول سقر، فقالوا: (ولم نك نطعم المسكين) أي أننا جعلنا الشهوات محور الحياة، ومصلحتنا الشخصية فوق كل شيء، فلم نهتم بأمور المساكين، وعشنا لأنفسنا، ونسينا ما عدا ذلك.

أما قولهم (وكنا نخوض مع الخائضين) يُقصد به الخوض مع الغوغاء؛ لذلك فقد كانوا يدينون بما يفعله الناس، ولم يستطيعوا التحرر من بؤس العادات والتقاليد، كما أنهم قالوا: (وكنا نكذب بيوم الدين) وقد كان هذا التكذيب عمليًا على أرض الواقع، فلم يكن في أعمالهم أي سعي للآخرة، ومن ثم خُتمت الآيات بقولهم (حتى أتانا اليقين)، والمراد به الموت، وسُمي بذلك لأن وقوع الموت أمر متيقن.

اقرأ أيضا: آيات قرآنية مؤثرة

سقر في القرآن الكريم

سقر

إن سقر من أشهر أسماء النار التي وردت في القرآن الكريم، وقد وردت في العديد من المواضع، فقد بلغ ذكرها في القرآن الكريم أربع مرات، حيث قال تعالى في سورة القمر: (إن المجرمين في ضلال وسعر * يوم يسحبون في النار علىٰ وجوههم ذوقوا مس سقر).

المراد من هذه الآية: توعد الكافرين والمجرمين الذين يكذبون آيات الله تعالى، ويُشككون في الرسالات، بأن لهم العذاب الأليم يوم القيامة، فهم في ضلال وسُعر، وهي حالة لا يُحسد عليها إنسان؛ إذا يجرون في النار على وجوههم، وقد كان الجر على الوجه على وجه التحديد؛ لما في إهانة وذل لهم؛ لأن الوجه أكرم شيء في خلقة الإنسان؛ فعندما يكون مقصدًا للعذاب، ففي ذلك خزي كبير، ثم جاء الخطاب تقريعًا لهم (ذوقوا مس سقر)، أي ذوقوا عذابها، وهذا العذاب جزءًا وفاقًا لكم على كفركم.

تكرر ذكر سقر في سورة المدثر، فقد جاءت ثلاث مرات، حيث قال تعالى: (ما سلككم في سقر) كما ذُكرت سقر في قوله تعالى: (سأصليه سقر * وما أدراك ما سقر * لا تبقي ولا تذر * لواحة للبشر * عليها تسعة عشر).

تتضمن الآية توعدًا من الله تعالى للكافرين المكذبين من قريش، والمقصود في الآية تحديدًا هو الوليد بن المغيرة، وذلك بسبب إعراضه عن كلام الله تعالى، وتشويهه للإسلام وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد وصف القرآن بأنه سحر مأثور، وليس كلامًا إلهيًا، كما أدعى أن الرسول هو من ألّف هذا الكلام؛ لذلك توعده الله تعالى بإدخاله جهنم وغمره فيها.

بيّن القرآن الكريم معنى سقر عندما أجاب عن استفهام (وما أدراك ما سقر) بقوله تعالى: (لا تبقي ولا تذر * لواحة للبشر * عليها تسعة عشر)، والاستفهام هنا للتعظيم والتهويل، فسقر لا تُبقي لحمًا ولا عظمًا ولا دمًا إلا أحرقته، فهي لا تُبقي على من فيها من الأحياء، ولا تذره ميتًا أيضًا، فهي تحرقهم، وكلما أُحرقوا، أُعيدت لهم الحياة؛ ليُعاد تحريقهم.

من أوصاف سقر أنها نار حامية، تأكل الأبدان من شدة حرارتها، وتذيب العظم والجلد، وتؤلم المتعذب بها أشد إيلام، كما أنها لواحة للبشر أي مُحرقة للجلد، ومُسوِّدة له، حتى أن المحترق به، يكون جلده أشد سودًا من ظلمات الليل، والبشر أي الجلد أو الإنسان الكافر في النار.

بعدما بيّن الله تعالى أوصفات سقر، وكيفية التعذيب بها في الآخرة، ومدى إذلال المُعذبين بها، ذكر تعالى عدد الملائكة الموكلين بالعذاب، وهم تسعة عشر ملاكًا، يُوصفون بالشدة والقوة والغلظة، كما أنهم لا يعصون الله مهما كان الأمر، فهم يتوكلون بكل من يدخل سقر، وذلك بإذاقته ما يستحق من العذاب والإذلال جزاءً لما كان يقوم في الحياة الدنيا، وتحقيقًا لعدل الله تعالى، وللتأكيد على الفرق بين الكافرين المجرمين وبين أهل الإيمان وأصحاب النعيم المقيم.

اقرأ أيضا: شعر عربي عن النار

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3
مصدر 4

مقالات ذات صلة