صلة الرحم من أفضل العبادات التي يمكن للعبد أن يتقرب بها لربه فلقد حثنا عليها الله تعالى في كتابه العزيز حيث قال:﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ﴾ الإسراء: 26، وقال عنها الرسول المصطفى في السنة النبوية «قال الله: أنا الرَّحمن، وهي الرَّحِم، شققتُ لها اسمًا من اسمي، مَن وصلها وصلتُه، ومن قطعها بتتُّه»؛ رواه أبو داود، وصلة الرحم هنا لا تختص بالرحم الطيب الذي يضمر لك الخير فقط بل تشمل الرحم الكاشح الذي يضمر لك العداوة والبغضاء، تعرف معنا على من هو ذو الرحم الكاشح والمقصود به ، وصلة الرحم في القرآن والسنة.
من هو ذو الرحم الكاشح وما المقصود به
– القريب الذي ينظر لك في كل كبيرة وصغيرة في حياتك ولا يتمنى لك أي خير، ويمكن أن يؤذيك بشكل أو بأخر.
– لفظ الكاشح يعني العدو الذي يبغضك.
– الطريقة المثلى للتعامل مع هذه العداوة تكون من حلال المعاملة الحسنة التي حثنا عليها الدين الإسلامي، فالخلق الحسن والسماحة هما ما يلين لهم القلب.
– أوصانا الرسول صل الله عليه وسلم بالتعامل بالحسنى مع ذو الرحم الكاشح حيث قال أن أفضل الصدقات تكون على ذو الرحم الكاشح، عن حكيم بن حزام قال (أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقات أيها أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح) رواه أحمد.
فضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح
– الصدقة على ذي الرحم الكاشح الذي يعاديك ويضمر لك الشر لها فضل كبير فهي تجمع بين درء الشيطان، وصلة الرحم.
– أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا أحمد بن عبده، أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أمه أم كلثوم بنت عقبة – قال سفيان: وكانت قد صلت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – القبلتين – قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح “.
فضل صلة الرحم في القرآن الكريم
– تعد صِلة الرَّحم من أعظم الوسائل التي يتقرب بها العبد من ربه، قال الله تعالى: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ﴾ الإسراء: 26، وقال أيضاً {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} [الرعد:21].
– قطع الرحم يندرج تحت نشر الفساد في الأرض، ويتسبب في لعنة صاحبة وسلب العقول وعمى الأبصار، قال الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد:22-23]، وقال أيضاً: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ . الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ﴾ [البقرة:26-27].
فضل صلة الرحم في السنة النبوية
– عن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرَّحمُ معلَّقةٌ بالعرش تقولُ: مَن وصلني وصله اللهُ، ومَن قطعني قطعه اللهُ» رواه مسلم.
– عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله: أنا الرَّحمن، وهي الرَّحِم، شققتُ لها اسمًا من اسمي، مَن وصلها وصلتُه، ومن قطعها بتتُّه»؛ رواه أبو داود، وصحَّحه الألباني.
– عن عبد الله بن سلَام رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيُّها النَّاس، أفشُوا السَّلام، وأطعِموا الطَّعام، وصِلوا الأرحامَ، وصَلُّوا باللَّيل والنَّاسُ نيام، تدخلوا الجنَّةَ بسَلام»؛ رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
– عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليُكرِم ضيفَه، ومن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليصِل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»؛ رواه البخاري.
– عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصِلُ بالمُكافِئ، ولكن الواصل الَّذي إذا قُطِعتْ رَحِمُه وصلَها»؛ رواه البخاري.
– عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أثرِه، فليَصِل رَحِمَه»؛ رواه البخاري ومسلم.
قد يهمك:
فضل الصدقة على ذوي الرحم في السنة النبوية
– عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله تعالى عنه قال: قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الصَّدقة على المسكين صدقةٌ، وعلى ذي الرَّحم اثنتان: صدَقةٌ وصِلةٌ»؛ رواه النسائي، وصححه الألباني.
عقوبة قطع الرحم
– عن نفيع بن الحارث الثقفي أبي بكرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من ذنبٍ أجدرُ أن يعجِّلَ اللَّه لصاحبه العُقوبةَ في الدُّنيا مع ما يدَّخر له في الآخرة -من البغيِ، وقطيعةِ الرَّحم»؛ رواه الترمذي، وصححه الألباني.
– عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله خلَق الخلْقَ، حتى إذا فرغ من خلقِه قالتِ الرَّحِمُ: هذا مقامُ العائذ بك من القطيعة، قال: نعَم، أمَا تَرضَيْنَ أن أصِل مَن وصلَكِ، وأقطعَ مَن قطعَكِ؟ قالت: بلى يا ربِّ، قال: فهو لكِ»، قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: «فاقرؤوا إن شِئتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}[محمد: 22]»؛ رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري.
– قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة قاطع” (رواه البخاري ومسلم). يعني قاطع رحم.