ما أنواع النسك لمن أراد الحج من أكثر الأسئلة انتشاراً مع حلول موسم الحجّ، فقد فرض الله -تعالى- الحجّ على مَن استطاع من المُسلمين عليه، وبيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لأصحابه -رضي الله عنهم- جميع مناسك الحجّ والعُمرة في حَجّة الوداع.
ما أنواع النسك لمن أراد الحج
عند الإجاية عن سؤال ما أنواع النسك لمن أراد الحج فيمكن القول أنها لا تختلف عن أنواع الإحرام، وهي: التمتُّع، والقِران، والإفراد، ويجوز للحاجّ أداء النسك بأيٍّ نوعٍ أراد باتّفاق العلماء؛ استدلالاً بحدث أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَرَادَ مِنكُم أَنْ يُهِلَّ بحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ، وَمَن أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَن أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بعُمْرَةٍ، فَلْيُهِلَّ قالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فأهَلَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بحَجٍّ، وَأَهَلَّ به نَاسٌ معهُ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بالعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بعُمْرَةٍ، وَكُنْتُ فِيمَن أَهَلَّ بالعُمْرَةِ). (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1211 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
ومِن الأدلّة على ذلك أيضاً قَوْله -تعالى-: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)، وقد أجمع العلماء على مشروعيّة أنواع النُّسك، كما نَقل الإجماعَ عددٌ من العلماء، كابن عبد البرّ، وابن المنذر، وقال النوويّ: “وقد انعقد الإجماع على جواز الإفراد والتمتّع والقِران”.
اقرأ أيضا: أحاديث عن ثواب الحج
نسك التمتُّع
يُعرّف التمتُّع في اللغة بأنّه: الانتفاع؛ فالمتاع يُطلق على ما يُنتفَع به، والمُتعة من التمتُّع، ومنه أيضاً: مُتعة الطلاق، ومُتعة الحاجّ، أمّا حجّ التمتُّع في الاصطلاح الشرعيّ، فهو عند الحنفيّة: المُتعة بالعمرة إلى الحَجّ؛ بأداء أكثر أو كلّ أعمال العُمرة في أشهر الحجّ، ومن ثمّ أداء الحجّ في العام نفسه، دون السفر ولقاء الأهل والإلمام بهم بصورةٍ صحيحةٍ.
أما عند المالكيّة فهو : الإحرام بالعُمرة، وإتمامها في أشهر الحجّ، ثمّ أداء الحجّ في عامٍ واحدٍ، وعند الشافعيّة: الإحرام بالعُمرة في أشهر الحجّ من الميقات، ثمّ أداء أعمال الحجّ في العام الواحد، دون الحاجة إلى الرجوع إلى الميقات، والإحرام منه، وعند الحنابلة: الإحرام بالعُمرة من الميقات في أشهر الحجّ، ثمّ الإحرام للحَجّ من مكّة، أو مكانٍ قريبٍ منها، وسُمِّيَ نسك التمتُّع بهذا الاسم؛ لأنّ الحاجّ المتمتّع يحلّ له بين العُمرة والحَجّ ما حُرِّم على الحاج القارن والمفرد.
يبدأ نسك التمتُّع بالتحلُّل من الإحرام بعد أداء العُمرة؛ أي أنّ الحاجّ المُتمتِّع يُؤدّي العُمرة، ويتحلّل منها، وينتظر الحَجّ؛ ليُحرم به في اليوم الثامن من ذي الحِجّة، ثمّ يتوجّه إلى مِنى دون أداء طواف القدوم؛ إذ إنّه لا يجب على المُتمتِّع بالحَجّ، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة بعد طواف الإفاضة، ويُكمل أعمال الحَجّ، ويجوز للحاجّ الخروج من الحَرم؛ لقضاء ما يحتاج إليه دون الإقامة خارجه.
يتوجّب على المُتمتِّع الهَدْي؛ لِما خُفِّف عنه من أمورٍ في الحَجّ، كطواف القدوم، ومن لم يتمكّن من ذبح الهَدْي، يجب عليه صيام ثلاثة أيّامٍ قبل يوم النَّحر، وسبعةٍ حين الرجوع إلى الأهل.
نسك القِران
نسك القِران هو: أن يُحرم الحاجّ بالعُمرة والحجّ معاً في نُسكٍ واحدٍ؛ فيقول: “لبّيك اللهمّ عمرةً في حَجّةٍ”؛ فلا يتحلّل الحاجّ من إحرامه بالحَلْق أو التقصير بعد أن يُنهي أعمال العُمرة؛ من طوافٍ، وسعيٍ؛ إذ يجب أن يبقى مُحرِماً مُلتزماً بأحكام الإحرام؛ لإتمام أعمال الحَجّ، ويكون بذلك مُقرِناً؛ لأنّه واصلَ أعمال العُمرة مع أعمال الحَجّ دون الفَصْل بينهما، ويجب عليه الهَدْي كالحاجّ المتمتّع، فإن لم يستطع، فإنّه يصوم ثلاثة أيّامٍ قبل يوم النَّحر، وسبعةٍ حين الرجوع إلى الأهل.
القِران من الحَجّ له ثلاثة صُورٍ؛ الصورة الأولى: وهي الصورة الأصليّة؛ وتكون بالإحرام بالحجّ والعُمرة معاً في وقتٍ واحدٍ، وإحرامٍ واحدٍ، والصورة الثانية: إدخال الحجّ على العُمرة؛ بالإحرام أوّلاً بالعُمرة، ثمّ إدخال الحَجّ عليها، والصورة الثالثة: إدخال العُمرة على الحجّ؛ بالإحرام بالحجّ وحده، ثمّ إدخال العُمرة عليه، والصورة الثالثة للقِران مذهب الحنفية وبعض المالكية، وبه قال عطاء والأوزاعي، ورجّحه ابن عثيمين، غير أنّ المعتمد عند المالكية والشافعية والحنابلة عدم جواز هذه الصورة.
اقرأ أيضا: ما هي شروط الحج للمرأة في الإسلام
نسك الإفراد
إفراد الحجّ هو: الإحرام بالحجّ دون العُمرة؛ فيقول الحاجّ: “لبّيك اللهمّ حجّاً”، وإن أراد أداء العُمرة، فلا يُؤدّيها إلّا حين الفراغ من أعمال الحَجّ كاملةً.
وعن كيفية أداء نسك الإفراد، فيبدأ الحاجّ بطواف القدوم حين دخول مكّة، ثمّ يُؤدّي السَّعي بين الصفا والمروة، وإن شاء أخّره، لكن الأوْلى أن يؤدّيه بعد طواف القدوم؛ اقتداءً بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ويبقى على إحرامه إلى اليوم الثامن من ذي الحِجّة؛ ليبيتَ في مِنى ذلك اليوم.
يُؤدّي الحاجّ في منى الصلوات الخمس؛ كلّ صلاةٍ في وقتها، ويقصرُ الصلاة الرباعيّة؛ فيُؤدّيها ركعتَين، ويقف بعرفة في اليوم التالي؛ اليوم التاسع من ذي الحِجّة، ويجمعُ تقديماً بين الظهر والعصر، ويقصرُهما، ويبقى في عرفة إلى غروب الشمس، ليتوجَّه بعدها إلى مُزدلفة، ويبقى فيها حتى الفجر، ويتوجّه بعد ذلك إلى مِنى، ويرمي جمرة العقبة بسبع حَصَياتٍ، مع التكبير عند رَمي كلّ حصوةٍ، ويَحْلق شَعْره أو يُقصّر، ويغتسل ويتطيّب.
يتوجّه بعد ذلك الحاجّ إلى مكّة؛ ليطوف طواف الإفاضة، ويعود إلى مِنى؛ ليبيتَ فيها ليلة الحادي عشر، والثاني عشر إن كان مُتعجِّلاً، وليلة الثالث عشر إن أراد التأخُّر، ويرمي في كلّ يومٍ منها الجمرة الصُّغرى، ثمّ الوُسطى، ثمّ العقبة؛ كلّ واحدةٍ بسبع حَصَياتٍ، مع التكبير عند كلّ حصاةٍ، ثمّ يرجع إلى مكّة؛ ليطوف سبعة أشواطٍ طواف الوداع.
اقرأ أيضا: ما هي واجبات الحج