حكم الاضحية في الاسلام
الأضحية اسمٌ لما يُضحّى به، أي: يُذبَح أيام عيد الأضحى، وجمعها: الأَضاحِي، وهي من أحبّ الأعمال إلى الله -تعالى- في أيّام النَّحر، ويجب على كل مسلم معرفة حكم الاضحية في الاسلام.
حكم الاضحية في الاسلام
تعدّدت أقوال الفُقهاء في حكم الاضحية في الاسلام وبيان أقوالهم فيما يأتي:
القول الأول: إنّها سُنةٌ مؤكّدة، وهو قول الجُمهور من الشافعيّة، والحنابلة، والأصحّ عند المالكيّة، كما أنّه قول أبي بكر، وعُمر، وبلال -رضيَ الله عنهم- من الصحابة، وقول سعيد بن المُسيب، وعطاء، وغيرهم من التّابعين، واستدلّوا بالعديد من الأدلّة، كقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا). (( الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1977 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
وقيل إنّها سُنّة عين؛ فلا تُجزئ الأُضحية الواحدة عن الشّخص وأهل بيته أو غيرهم، وهو قول أبي يوسف، ومنهم من يقول إنّها سُنّة عينٍ حُكماً؛ فلو ضحّى الشّخص عن نفسه وعن أهل بيته سقط الطّلب عمّن أشركهم معه، ومنهم من يجعلُها سُنّة عين في حقّ الفرد، وسُنّة كِفاية في حقّ أهل البيت الواحد، وهو قول الشافعيّة والحنابلة، واستدلّوا بفعل الصّحابة الكِرام من غير إنكارٍ من النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- عليهم، وذهب المالكيّة إلى القول بالكراهة لِمن تركها مع قُدرته عليها.
القول الثاني: إنّها واجبة في كُلّ عام مرّة على القادر إلّا في حقّ الحاجّ بِمنى، وهو قول أبو حنيفة، وجاء عن الماورديّ أنّها واجبةٌ في حقّ المُقيم فقط، واستدلّوا على ذلك بالعديد من الأدلّة، كقولهِ -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)؛ فجاءت كلمة النّحر بصيغة الأمر، ومُطلق الأمر للوجوب.
وعن جندب بن عبد الله -رضيَ الله عنه-: (شَهِدْتُ الأضْحَى مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ بالنَّاسِ نَظَرَ إلى غَنَمٍ قدْ ذُبِحَتْ، فَقالَ: مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَن لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ علَى اسْمِ اللَّهِ) (( الراوي : جندب بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلمن الصفحة أو الرقم: 1960 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) وفيه أمرٌ بإعادة الذبح لمن ضحّى قبل الصلاة، وذلك يدُل على الوُجوب.
اقرأ أيضا: أحاديث عن الأضحية
وقت ذبح الأضحية
تعدّدت أقوال الفُقهاء في وقت ذبح الأُضحية، وبيان ذلك فيما يأتي:
- الحنفيّة: يبدأ وقت ذبح الأُضحية من طُلوع الفجر في يوم النّحر لمن كان خارج البلد؛ لأنّ غير أهل البلد ليس عليهم صلاة العيد، واشترطوا في صحّتها لمن يُضحّي داخل البلد أن يكون ذبحه بعد صلاة العيد حتى وإن كان قبل الخُطبة، والأفضل تأخيرُها إلى ما بعد الخُطبة، وإن لم يكُن هُناك صلاة؛ فيُضحّي بعد الزّوال، ومن وكّل غيره فتكون العبرة بمكان الذّبح وليس بمكان الموكِّل.
- المالكيّة: يبدأ وقتُها لغير الإمام بعد فراغ الإمام من ذبح أُضحيته في اليوم الأوّل بعد الصلاة والخُطبة، ولا يجوز لغير الإمام الذّبح قبله، ويجوز لهم البدء بالذبح بعد بدئه، وإن لم يُضحِّ الإمام فيتحرّى النّاس القدر الذي يُمكن فيه ذبح الأُضحية ثُمّ يبدؤون بالذّبح.
- الشافعيّة: يبدأ وقت الأُضحية بعد طُلوع الشمس في يوم العيد بمقدار صلاة ركعتين وخُطبتين خفيفتين، والأفضل تأخيرُها إلى ما بعد ارتفاع الشمس بمقدار رُمح، وكره الشافعيّة الأُضحية في اللّيالي المُتوسطة؛ لخشية إخطاء الذّابح في الذّبح، واستثنوا من ذلك إن كان لحاجة، أو ما كان فيه مصلحة الفقير.
- الحنابلة: يبدأ وقتُها بعد صلاة العيد حتى وإن كان قبل الخُطبة، والأفضل الذبح بعدها، ومن لم يذهب إلى صلاة العيد؛ فيبدأ وقتُها بعد ارتفاع الشمس بمقدار رُمح.
وينتهي وقت الأضحية عند جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة، في اليوم الثاني من أيام التشريق بِغُروب الشمس؛ أي يكون للأُضحية ثلاثةُ أيام، واستدلّوا بفعل عُمر، وعلي، وأبي هُريرة، وابن عباس -رضي الله عنهم-، وعند الشافعيّة ينتهي وقتُها بِغروب شمس اليوم الثالث من أيام التّشريق؛ أي رابع يوم العيد، واستدلّوا بأقوال بعض الصّحابة؛ كابن عباس وعلي -رضي الله عنهما-.
وفي حال فوات وقت الأُضحية؛ فلا تُقضى بعينها بعد خُروج الوقت؛ لأنّها من العبادات المخصوصة بوقت، ولكن يستطيع الإنسان التّصدُق بالشاة وهي حيّة، أو بمقدار قيمتها، ومن عيَّن شاة للأَضحية بالنيّة ولم يُضحِّ خلال أيام العيد؛ فيجبُ عليه التّصدُق بها حيّة، وإن حضرته الوفاة بعد أن نوى وعيّن الأُضحية؛ فيجبُ عليه الوصيّة بالتّصدُق بقيمتها، وذلك عند الحنفيّة.
واستدلّ من قال أنّ وقتُها يبدأ من بعد طُلوع شمس يوم العيد بحديث جندب بن عبد الله -رضيَ الله عنه- أنّه قال: (شَهِدْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى يَومَ أَضْحًى، ثُمَّ خَطَبَ، فَقالَ: مَن كانَ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا، وَمَن لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ باسْمِ اللَّهِ). (( الراوي : جندب بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1960 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
اقرأ أيضا: كيفية تقسيم الاضحية شرعا
سنن ذبح الأضحية
توجد العديد من الأُمور التي يُسنُّ فعلها عند ذبح الأُضحية، ومنها ما يأتي:
- تحديد أداة الذّبح، وإمرارها بقوّة ذهاباً وإياباً، مع التسميّة والتّكبير عند الذّبح، ومَن تركها سهواً جازت ذبيحته، ويُكره تركُها عمداً، ولا يجوز التلفُّظ بغير اسم الله -تعالى-.
- استقبال القبلة، مع توجيه الذّبيحة نحوها، ويكون بتوجيه مذبحها وليس وجهها.
- الصّبر على الأُضحية حتى تبرُد، وتركها ترفس بعد الذبح لإراحتها.
- وضع الذّابح ذبيحته على جنبها الأيسر مع رفع رأسها، ويضع رجله اليُمنى على عُنقها، أمّا الإبل فتُنحر وهي قائمة ومعقولةٌ يدُها اليُسرى.
- الرّفق بالأُضحية، فلا يضربُها أو يجرُّها نحو الذّبح.
اقرأ أيضا: هل يجوز اعطاء الجزار من الاضحية