أمر الله سبحانه الأزواج أن يعاشروا زوجاتهم بالمعروف، كما أوصى النبي عليه الصلاة والسلام بالنساء خيراً، ونهى عن ظلمهن والإساء إليهن أو التعدي عليهن؛ لذلك تعظم عاقبة ظلم الزوجة في الدنيا والآخرة، وتبحث الكثير من السيدات عن تجربتي مع ظلم زوجي وجزاء الزوج الظالم لزوجته.
تجربتي مع ظلم زوجي
تقول إحدى السيدات المتزوجات: تجربتي مع ظلم زوجي من التجارب القاسية، فأنا حالتي نادرة ومشكلتي كبيرة وأريد الطلاق ولكني لا أستطيع، فقد تزوجت منذ خمس عشرة سنة، وفي ذهني أن الزوج يعيش مع زوجته على الحلوة والمرة، وأنه ينفق عليها ويكرمها ويعاشرها بالمعروف، ولكني صدمت في أول يوم من زواجي عندما أخذ زوجي مني حاجته ثم تركني وخرج، فاستغربت من فعلته هذه ولكني قلت في نفسي لعل عنده ظرفا خاصا، إلا أن هذا الوضع استمر طوال الخمسة عشر عاما، وزيادة على ذلك فإنه لا يحترمني ولا يقدرني، وكأني حيوانة تعيش معه لقضاء الشهوة فقط، فهو لا يتحدث معي أبدا ودائم العصبية والضرب، فأنا أعيش في سجن اسمه الزواج وفي معتقل اسمه الأسرة.
تتابع هذه السيدة: عندما سألت أحد المشايخ الأفاضل: هل مرت عليك استشارة مثل حالتي؟ قلت لها: نعم مرت عليّ حالات مثل حالتك، ولكن كيف عالجِت هذه المشكلة؟ هل تحدثت معه؟ أو مع أهلك أو أهله؟ فقلت: نعم فعلت كل ذلك ولا فائدة، وإن كانت مشكلتي مع زوجي كبيرة فمشكلتي مع أهلي أكبر، فإني شكوت لوالدي بكل تفاصيل حياتي الزوجية ومشاكلي، حتى إني قلت له عن أدق الأمور التي أكرهها في زوجي، ولم يقل لي سوى اصبري عليه ويردد علي عبارتين، الأولى “ما عندنا بنات تطلق” والثانية “هو جنتك ونارك”، فأجابني الشيخ: الأصل في العادات والتقاليد أنها تحمي الإنسان من الظلم لا أن تجعله يعيش الظلم، فوالدك يطبق العادات بطريقة خاطئة ومخالفة للدين، أخبريه أن النبي صلى الله عليه وسلم لديه ابنتان قد طلقتا، فكيف يقول “ما عندنا بنات تطلق”، وأنه ليس من الدين ضرب المرأة وإهانتها وأن تكون للفراش فقط، كما أن حديث “هو جنتك ونارك” يُقصد به أن الزوج يكون سببا في دخول زوجته الجنة بسبب طاعتها له ودخولها النار بسبب معصيتها له، ولكن بالمعروف وليس كما يفعل زوجك من ضرب وإهانة وعدم إنفاق وأخذ نصيبه من الفراش يوميا عنوة، فهذا تكون زوجته “هي ناره” وليس “هو نارها”، لأنه ظالم لها.
اقرأ أيضا: أحاديث عن غضب الزوج على زوجته
جزاء الزوج الظالم لزوجته
يُحاسب الله -تعالى الزوج الظالم لزوجته على فعله، فظُلم الزوج لزوجته بأيِّ نوعٍ من أنواعِ الظُلم هو من الذُنوب التي لا يغفرها الله -تعالى- إلا بمسامحة زوجته له، وهذا الظُلم من الكبائر، فقد جاء عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن الظُلم ثلاثةُ أنواع، وذكر منها: (وأمّا الظلمُ الذي يغفرُهُ اللَّهُ فَظُلْمُ العبادِ أنفسُهمْ فيما بينهُمْ وبينَ ربِّهمْ، وأمّا الظلمُ الّذي لا يتركُهُ اللهُ فظُلمُ العبادِ بعضُهمْ بعضًا حتى يَدِينَ لبعضِهِمْ من بعضٍ). (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة، الصفحة أو الرقم: 7/383 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
وإذا آذى الزوج زوجته حتى طلبت الخُلع منه، وكان هناك الحكميْن للإصلاح، وتبيّن لهم ظلم الزوج لزوجته، ففي هذه الحالة يُؤخذ على يده، وينهاه الحكمين عن فعل هذا الظلم، ويُؤمر بالإنفاقِ عليها.
اقرأ أيضا: ما أكرمهن إلا كريم
ومن الظّلم الذي حرّمه الله -تعالى- وشدّد في النهي عنه؛ ظُلم الزوج بتجاوزه لحُدود الله -تعالى- بأن يمنع زوجته من مهرها ويحرمها منه، لِقولهِ -تعالى-: (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). وكذلك ظُلمه لزوجته بأخذ حُقوقها بعد أذيّتِهُ لها، سواءً أكان هذا الأذى بالقول أو الفعل، لِقولهِ -تعالى-: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ).
في هذه الحالات يقتصُ الله -تعالى- منه يوم القيامة، بأن يأخذ الله -تعالى- من حسناته ويُعطيها لمن ظلمهم؛ ومنهم زوجته، بدليل قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كَانَتْ له مَظْلَمَةٌ لأخِيهِ مِن عِرْضِهِ أَوْ شيءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ منه اليَومَ، قَبْلَ أَنْ لا يَكونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كانَ له عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ منه بقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وإنْ لَمْ تَكُنْ له حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عليه). (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 2449 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
أما من يظلم زوجته بالضرب وغيره فعليه إثمٌ عظيم؛ لقول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)، وقد قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: “يؤخذ بيد العبد والأمة يوم القيامة، فينادي منادٍ على رؤوس الأولين والآخرين: هذا فلان بن فلانٍ، من كان له حقٌ فليأت إلى حقّه، فتفرح المرأة أن يكون لها الحقّ على أبيها، أو على ابنها، أو على أخيها، أو على زوجها، ثم قرأ ابن مسعود: (فَلَاْ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَاْ يَتَسَاءَلُون)، فيغفر الله تبارك وتعالى من حقّه ما شاء، ولا يغفر من حقوق الناس شيئًا”. ويحقّ للزوجة التي يظلمها زوجها ويؤذيها أن تشكو ذلك للحاكم، فإمّا أن ينصحه بالإحسان إليها وعدم ظلمها، أو يأمره بمفارقتها بإحسان.
اقرأ أيضا: أحاديث عن ضعف المرأة