توجد الكثير من الشخصيات النسائية العربية التي قدمت الكثير في مجال عملها، سواء في الفن أو الطب أو العلوم، ومثل هذه الشخصيات تحتاج لأن نسلط الضوء عليها، لكي تكون معروفة للجميع، ولن نوفيهم ولو جزء من حقها.
ومن الشخصيات المهمة التي سنسلط عليها الضوء هنا شخصية الطبيبة توحيدة بن الشيخ، من هي توحيدة بن الشيخ .
من هي توحيدة بن الشيخ
توحيدة بن الشيخ هي أول ط
بيبة تونسية، ولدت في 2 يناير 1909، و توفيت في 6 ديسمبر 2010 ، في تونس العاصمة، وتعتبر توحيدة أول طبيبة في المغرب العربي أيضًا.
ولدت توحيدة بن الشيخ في عائلة ميسورة الحال المادي، حيث كان والدها مالكًا عقاريا معروفًا في بلدة رأس الجبل، والتي تتبع إداريًا في الوقت الحالي لولاية بنزرت، ووالدتها تنحدر من عائلة بن عمار، وهي من العائلات التونسية المعروفة والثرية بالعاصمة التونسية، وقد توفي والدها وتركها صغيرة، وعاشت مع أخويها تحت رعاية أمهم، والتي جعلت التعليم في حياتهم أول الأولويات.
الحياة العلمية لتوحيدة
بدأت توحيدة بن الشيخ تعليمها في مدرسة نهج الباشا، وحصلت في عام 1922 على الشهادة الابتدائية،
دخلت توحيدة مدرسة نهج الباشا، ومن ثم واصلت دراستها الثانوية بمعهد أرمان فاليير، إلى أن حصلت على درجة البكالوريا بتقدير امتياز في عام 1928.
كانت توحيدة الشيخ أول تلميذة تونسية مسلمة تحصل على هذه الشهادة، وبعدها اتجهت إلى فرنسا مع السيدة ليديا بورني، زوجة الدكتور بورني، وهو طبيب وباحث فرنسي كان يعمل في معهد باستور بتونس.
حال وصولها إلى فرنسا سجلت للحصول شهادة الدبلوم في تخصصات الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، مما جعلها مؤهلة للدخول في المجال العلمي بكل ثقة، والالتحاق بكلية الطب في باريس.
في بداياتها سكنت توحيدة بن الشيخ في سكن الطالبات الموجود في الحي الدولي، وبعدها بثلاث سنوات،
انتقلت لتسكن مع عائلة بورني ممّا سمح لها بالتعرف على الأوساط الثقافية والعلمية الفرنسية.
تخرجت توحيدة بن الشيخ سنة 1936 من كلية الطب، وناقشت فيما بعد رسالة الدكتوراه، لتكون توحيدة أول طبيبة تونسية وأول طبيبة أطفال، وكذلك أول طبيبة في المغرب العربي في تلك الفترة.
توحيدة الطبيبة
بعد عودة توحيدة إلى بلادها تونس افتتحت عيادتها الخاصة في العاصمة تونس، في شارع باب المنارة العمارة 42 تحديدًا، وفي الفترة بين 1955 و1964 تم تعيينها كرئيسة لقسم التوليد في مستشفى شارل نيكول في العاصمة تونس، وبعدها انتقلت إلى مستشفى عزيزة عثمانة إلى أن تقاعدت في عام 1977.
ساهمت خلال عملها على أمور عدة من أهمها سياسة تنظيم الاسرة، وفي سنة 1970 تقلدت منصب إداري في ديوان الأسرة والعمران البشري، إلا أنها لم تستمر في هذا المنصب طويلًا.
مناصب مختلفة
انخرطت الدكتورة توحيدة بعد الاستقلال في مشروع بناء الدولة التونسية وتولت عديد المناصب منها إدارة قسم التوليد وطب الرضيع في مستشفى شارل نيكول بالعاصمة من سنة 1955 إلى سنة 1964 كما أنشأت في نفس المستشفى قسما خاصا بالتنظيم العائلي سنة 1963. بعدها تولت منصب رئيسة قسم التوليد وطب الرضيع بمستشفى عزيزة عثمانة بتونس. وقد تم تعيينها سنة 1970 في منصب مديرة الديوان الوطني للتنظيم العائلي. ساهمت في الحياة الفكرية من خلال كتاباتها واشرافها على أول مجلة تونسية نسائية ناطقة بالفرنسية صدرت من 1936 إلى 1941 تحت عنوان “ليلى”.
نشطت توحيدة بن الشيخ في عدد من الجمعيات الخيرية في فرنسا وفي تونس أيضًا، ومن تلك الجمعيات جمعية طلبة شمال أفريقيا المسلمين بفرنسا، وتمت دعوتها أيضًا للمشاركة في مؤتمر مؤتمر اتحاد النساء الفرنسيات الذي أقيم في أيار1931. وقد تعرضت آنذاك إلى أوضاع المرأة المسلمة في المستعمرات الفرنسية.
في تونس نشطت في الاتحاد النسائي الإسلامي التونسي، وأسست بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية جمعية، وأعطتها اسم جمعية الإسعاف الاجتماعي وكانت الجمعية برئاستها، وتحت إشرافها، وانبثق عن هذه الجمعية مشروع دار الأيتام (1950) ودار المرأة، وفي سنة 1950 أسست جمعية القماطة التونسية للعناية بالرضع من أبناء العائلات الفقيرة، كما شاركت أيضًا في تأسيس لجنة الإسعاف الوطني.
أصبحت توحيدة عضوا في عمادة الأطباء التونسيين، وقد احتفت بها النخبة التونسية نطرًا لاسهامتها الكثيرة والكبيرة في مجال الطب والعمل المجتمعي والتي استمرت حتى وفاتها عام 2010.