تجربتي مع سورة الجن من التجارب التي يكثر البحث عنها، وذلك بسبب ما تتسم به هذه السورة الكريمة من أسرار وخواص، وقد نزلت سورة الجن بمكة المكرمة بعد سورة الأعراف، حيث أنها السورة الأربعون من حيث ترتيب نزول سور القرآن الكريم.
تجربتي مع سورة الجن
يقول أحد الإخوة: تجربتي مع سورة الجن كانت منذ أكثر من سنة، ولن أنسى ما حدث وقتها، فلا يزال مطبوعا في ذاكرتي. كنت أخلد إلى النوم وبعد ساعة تقريبا جاء أحد ليوقظني، لم أرَ ملامحه لأن الغرفة كانت إضاءتها خفيفة وكنت متعبا جدا، قلت له: ابتعد عني لأني ظننته أخي الذي يصغرني بأربعة أعوام، فهو مشاغب ويحب العبث معي، لكنه استمر في مضايقتي بكيس كان يحمله ويصدر من هذا الكيس أصواتا مزعجة جدا كادت أن تثقب طبلة أذني، وعندما نظرت إلى ذلك الشخص كان يضحك بهستيريا وكانت ملامحه سوداء كأنه ظل وليس شخص،
يُتابع: بعد دقائق قليلة صارت خزانتي تفتح وتغلق من تلقاء نفسها، وقتها أحسست بأني سأفقد عقلي أو أن هذه نهايتي لأن ذلك الموقف أول مرة يحدث في حياتي، وبدأت أذكر الله بصوت عالي وأردد الأذكار وأنا في قمة الخوف، وهرولت من سريري لأمسك بمصحفي وأقرأ سورة الجن؛ لأن السورة تبين حال وكيف كانت عبادتهم سابقا وإخلاصهم لله والتفريق بين الجن الكافر والمسلم وتبيين الطريق الصحيح ووعظ الجن بالرجوع إلى الله، وبالفعل اختفى ذلك الشخص أو بالأحرى الظل المشئوم ورجعت خزانتي مثلما كانت عليه ورجع الهدوء لغرفتي وبقيت لنصف ساعة في حاله ذهول أحاول أن أفهم ما جرى، وكنت أسمع دقات قلبي في أذني ولغاية الآن وأنا لا أستوعب ما حدث في ذلك اليوم، لكني أحمد الله أن ذلك لم يتكرر معي أبدا حيث عاهدت الله على المداومة على قراءة سورة الجن بشكل يومي.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الناس
أسرار سورة الجن
تعظم أسرار سورة الجن حيث ورد في فضلها عن أبي بن كعب قال: كنتُ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فجاءَه أعرابيٌّ فقال: يا نَبيَّ اللهِ، إنَّ لي أخًا وبه وَجَعٌ. قال: وما وَجَعُه؟ قال: به لَمَمٌ. قال: فائْتِني به. قال: فوضَعَه بينَ يَدَيْه، فعَوَّذَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بفاتِحةِ الكتاب وأربَعِ آياتٍ مِن أوَّلِ سورةِ البَقَرةِ وهاتينِ الآيَتينِ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ…} [البقرة: 163-164]، وآيةِ الكُرسيِّ، وثلاثِ آياتٍ مِن آخِرِ سورةِ البَقَرةِ، وآيةٍ مِن آلِ عِمرانَ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ…} [آل عمران: 18]، وآيةٍ مِن الأعرافِ: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ…} [الأعراف: 54]، وآخِرِ آيةِ المُؤمِنينَ: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ…} [المؤمنون: 116]، وآيةٍ مِن سورةِ الجِنِّ: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا…} [الجن: 3]، وعَشرِ آياتٍ مِن أوَّلِ سورةِ الصَّافَّاتِ، وثلاثِ آياتٍ مِن أوَّلِ سورةِ الحَشرِ، وَ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، والمُعَوِّذَتينِ، فقامَ الرجُلُ كأنَّه لم يَشتَكِ قَطُّ. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 5/118 | خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح ))
وقد جاء عن أبي بن كعب رضي الله عنه: “من قرأ سورة الجن كان له من الأجر بعدد كلّ جنّي وشيطان صدّق بمحمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو كذّب به عتق رقبة ، وأمن من الجنّ”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 304 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: “من أكثر قراءة : {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} لم يصبه في الحياة شيء من أعين الجنّ ولا نفثهم ولا سحرهم ولا كيدهم ، وكان مع محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فيقول : يا ربّ لا أريد منه بدلا ، ولا أبغي عنه حولا”.
وقال الإمام الصادق عليه السّلام : “قراءتها تهرّب الجانّ من الموضع ، ومن قرأها وهو قاصد إلى سلطان جائر أمن منه ، ومن قرأها وهو مغلغل سهّل اللّه عليه خروجه ، ومن أدمن في قراءتها وهو في ضيق فتح اللّه له باب الفرج بإذن اللّه تعالى”.
يتمثل مقصد سورة الجن في إظهار الشرف لهذا النبي الكريم الفاتح صلى الله عليه وسلم وعلى أنه وأصحابه وذريته، أهل بيته حيث لين له قلوب الإنس والجن وغيرهما، فصار مالكا لقلوب المجانس وغيره، وذلك لعظمة هذا القرآن، ولطف ما له من غريب الشأن، هذا والزمان في آخره وزمان لبثه في قومه دون ربع العشر من زمن نوح عليه السلام أول نبي بعثه الله تعالى إلى المخالفين وما آمن معه من قومه إلا قليل، وعلى ذلك دلت تسميتها بالجن وبـ “قل أوحي”، وبتأمل الآية المشتملة على ذلك وما فيها من لطيف المسالك، أعاذنا الله بمنه وكرمه من الوقوع في المهالك.
اقرأ أيضا: أسباب نزول سورة الجن