تجربتي مع سورة الفيل من التجارب التي تدعونا إلى عدم الطغيان، حيث تُعتبر هذه السورة تهديدًا لكل من يعادي الله تعالى بأن مصيره هو الهلاك، وسورة الفيل هي السورة التاسعة عشر بحسب ترتيب نزول سور القرآن الكريم.
تجربتي مع سورة الفيل
تقول إحدى السيدات: تجربتي مع سورة الفيل كانت عظيمة حيث رأيت كيفية رد الظلم على الظالم، فقد كنت أعيش مع زوجي وأهله في بيت واحد كبير، وكنت أعاني من معاملتهم السيئة لي، وتعمدهم إهانتي طوال الوقت، كما أنهم كانوا يُلقون على كاهلي القيام بجميع أعباء المنزل رغم أن لزوجي عدد من الإخوة المتزوجين، وبالتالي فمن المفترض أن تُوزع الأعمال بيننا بالتساوي، ولأنني لم أستطع التأقلم مع هذا الوضع، بدأت المشاكل تتفاقم في البيت، وأصبحنا نتشاجر بشكل يومي، وتعرضت ذات مرة لضرب مبرح من أهل زوجي، فتركت البيت وذهبت لبيت أهلي.
تتابع: كنت قد قرأت عن فضل قراءة سورة الفيل في رد المظالم، وبالفعل بدأت في قراءتها 41 مرة في اليوم الواحد بنية تخليصي من هذا الظلم الفادح الذي أتعرض له، وبالفعل جاء زوجي ليُصالحني واشترط عليه أن أعيش في بيت منفصل عنهم، وحقق لي زوجي هذه الرغبة، كما أن بعد ذلك انتقم الله ممن قاموا بإيذائي بأن أُصيبوا بمشاكل عديدة، وأصبحوا يتعاملون معي بكل احترام بعدها، وندموا على ما بدر منهم، وقدموا لي الاعتذارات، وطلبوا مني مسامحتهم، وذلك ببركة القرآن وفضل سورة الفيل.
حدثت القصة التي ترويها سورة الفيل قبل الإسلام في العام الذي وُلِدَ فيه سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بدليل حديث المطلب بن حنطب وُلِدْتُ أنَا ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عامَ الفيلِ، قال : وسأل عثمانُ بنُ عفانَ قُبَاثَ بنَ أَشْيَمَ أخا بني يَعْمُرَ بنِ لَيْثٍ : أَأَنْتَ أَكْبَرُ أم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ؟ قال : رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أكبرُ مِنِّي، وأنَا أَقْدَمُ منه في المِيلادِ [ وُلِدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عامَ الفيلِ، ورَفَعَتْ بي أمي على المَوْضِعِ ]، قال : ورَأَيْتُ خَذْقَ الطيرِ أَخْضَرَ مُحِيلًا. (( الراوي : المطلب بن حنطب بن الحارث | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3619 | خلاصة حكم المحدث : حسن غريب ))
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة المطففين
أسرار سورة الفيل
تتعدد أسرار سورة الفيل، وهناك العديد من الروايات الواردة في فضل قراءة هذه السورة المباركة ومن ذلك حديث: “مَن قرأَ سورةَ الفيلِ أعفاهُ اللَّهُ من المسخِ والخسفِ”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 324 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
روى المعرور بن سويد قراءة صحابة رسول الله لهذه السورة في صلاة الفجر فقال : “خرجنا مع عمرَ في حجَّةٍ حجَّها، فقرأ بنا في الفجرِ “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعْلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ”. (( الراوي : المعرور بن سويد | المحدث : الألباني | المصدر : تحذير الساجد، الصفحة أو الرقم: 124 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين ))
في السورة إنذار شديد وتحذير من غضب الله وقدرته على صرف كيد أعداءه، فيضلّهم ويهزمهم ويهلكهم. ويفهم منه بالمقابل: البشارة للمؤمنين بدفاع الله عن حرماته ونصره أولياءه المؤمنين نصراً يرونه بأعينهم أو يسمعون عنه خبراً أكيداُ كالمشاهدة.
وعند الكشف عن أسرار سورة الفيل فإن مقصد السورة نجده في الآية الثانية {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2)}: أي جعل كيد أعداءه في تضييع وخسران. فأضلّ عملهم، وأبادهم ومحى أثرهم، وكأنهم ما كانوا؛ وفي هذا إنذار شديد لأعداءه، وتسلية للضعفاء من أولياءه. أي أن السورة تحذر من محاربة أمر الله وتحث على عدم الكيد لدينه باستعراض قدرته سبحانه وتعالى.
تُخبرنا السورة أن الله سبحانه وتعالى ليس بحاجة للناس، وهو قادر على أن يفعل ما يشاء، يهلك أعداءه بأضعف جند من جنوده، وهو قادر على ذلك حتى بدون جنود. وقد علم ذلك جدّ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، عبد المطلب وقالها في شِعره المذكور “فامنع رحالك”، وقد فعل ذلك تعالى ربنا وحمى الكعبة من أصحاب الفيل. وفي هذا إشارة إلى نعمة أنعمها الله على أهل مكّة بأن صرف عنهم كيد أصحاب الفيل، الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة؛ وقد كان من الأولى بهم أن يؤمنوا ويناصروا رسوله حين جاءهم برسالة ربهم، لكنهم حاربوه، وفي هذه الحادثة إنذار شديد من غضب الله وقدرته على صرف كيدهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومحاولاتهم إيقاف دعوته.
قال الإمام برهان الدين البقاعي: مقصودها الدلالة على آخر الهمزة من إهلاك المكاثرين في دار التعاضد والتناصر بالأسباب، فعند انقطاعها أولى لاختصاصه سبحانه وتعالى بتمام القدرة دون التمكن بالمال والرجال، واسمها الفيل ظاهر الدلالة على ذلك بتأمل سورته، وما حصل في سيرة جيشه وصورته.
اقرأ أيضا: تفسير سورة الفيل للأطفال