تجربتي مع سورة مريم من التجارب العظيمة لدى الكثير من القراء، وهي السورة التاسعة عشرة في ترتيب سور القرآن الكريم، وقد نزلت بعد سورة فاطر، وقبل سورة طه في أثناء السنة الرابعة من البعثة. وهي مكية في قول أكثر أهل العلم. وعدد آياتها سبعون وتسعون آية.
تجربتي مع سورة مريم
تقول إحدى السيدات: تجربتي مع سورة مريم كانت بعد أن تأخر حملي وقتًا طويلًا رغم زواجي من سنوات، ولم يكن هناك أي سبب لتأخر الحمل، وذات ليلة حلمت بأنني أتلو سورة مريم، فاعتقدت أن هذه إشارة إلهية، وبالفعل عندما استيقظت قمت تقرأ سورة مريم ودعوت الله أن يرزقني بالذرية الصالحة، وداومت على ذلك لأكثر من شهر، وبعد القيام بالتحاليل الدورية، وجدت أنني حامل بفضل الله تعالى.
تقول صاحبة تجربة أخرى متعلقة بفضل سورة مريم لفك السحر والحمل أن تجربتي مع سورة مريم جاءت بعد تأخر الحمل بعد ولادتي الأولى، وقد قرأت عن فضل سورة مريم لفك السحر وللإنجاب، فكنت أقرأ هذه السورة المباركة بشكل يومي، ومن ثم أقوم بالدعاء، واستمررت على قراءة هذا الورد اليومي لمدة 32 يومًا وبعدها انفك السحر الذي كان يمنعني من الحمل، ورزقني الله بمولودي الثاني.
تحكي إحدى الفتيات تجربتها مع قراءة سورة مريم للزواج فتقول أنها واظبت على أداء الصلوات الخمس، وبعد انتهاء الصلاة دعت ربها لتقبل أعمالها، وغفران ذنبها، ورزقها بالزوج الصالح، ثم جلست وقرأت سورة مريم ثلاث مرات، والآية الأولى منها كررت قرائتها 99 مرة.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة آل عمران
خواص سورة مريم
يدل على اختصاص سورة مريم بالفضل ما جاء عن أبي بن كعب: من قرأ سورةَ مريمَ أُعطيَ من الأجرِ عشرَ حسناتٍ بعددِ من صدَّق بزكريا وكذَّب به وبيحيى ومريمَ وعيسى وإبراهيمَ وموسى وهارونَ وإسحاقَ ويعقوبَ وإسماعيلَ وإدريسَ وبعددِ من دعا للهِ ولدًا وبعددِ من لم يدْعُ للهِ تعالى ولدًا. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : القاوقجي | المصدر : اللؤلؤ المرصوع، الصفحة أو الرقم: 196 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فضائل سورة مريم مع بعض السور السابقة واللاحقة لها: “بني إسرائيلَ والكهفِ ومريمَ وطه والأنبياءِ: هُنَّ من العِتَاقِ الأُوَلِ، وهنَّ من تِلادِي”. (( الراوي: عبدالرحمن بن يزيد، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4739، خلاصة حكم المحدث: صحيح ))
يقول خباب بن الأرت عن اختصاص سورة مريم بفضل كبير في تثبيت الصحابة على الإيمان: كنتُ قَيْنًا بمكَّةَ، فعمِلتُ للعاصِ بنِ وائلٍ سَيفًا، فجِئتُ أتقاضاه، فقال: لا أُعطيكَ حتى تَكفُرَ بمحمَّدٍ. فقُلتُ: لا أكفُرُ بمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتى تَموتَ، ثُمَّ تُبعَثَ! فقال: إذا بُعِثتُ كان لي مالٌ؛ فسَوف أقضيكَ. فقُلتُ ذلك لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فأُنزِلَتْ: “أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا” (( الراوي : خباب بن الأرت | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4735 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
يتمثل مقصد سورة مريم في بيان صفة الرحمن التي شمل بها جميع خلقه، ودل بها على وحدانية وكمال صفاته: سعد بها المؤمنون الموحدون، وشقي بها الكفار المشركون. وعجبوا من عظيم صنعه وبديع معجزاته وواسع رحمته، ولا يليق برحمته وكمال صفاته أن يتكاثر أو أن يحتاج إلى شريك أو ولد أو أن يرثه أحد (فهو الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية) إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون. واحد أحد عليم حليم، قادر على البعث والحساب وصادق في وعده بالعقاب والثواب.
قال الإمام برهان الدين البقاعي: من أسرار سورة مريم بيان اتصافه سبحانه بشمول الرحمة بإفاضة النعم على جميع خلقه، المستلزم للدلالة على اتصافه لجميع صفات الكمال، المستلزم لشمول القدرة على إبداع المستغرب، المستلزم لتمام القدرة الموجب للقدرة على البعث والتنزه عن الولد لأنه لا يكون إلا لمحتاج، ولا يكون إلا مثل الوالد، ولا سميّ له سبحانه فضلاً عن مثيل.
دلّت تسميتها بمريم: على أنه لا سمي له سبحانه فضلاً عن مثيل، لأن قصتها أدل ما فيها على تمام القدرة وشمول العلم، لأن أغرب ما في المخلوقات وأجمعه خلقاً الآدمي.
وأعجب أقسام توليده الأربعة، بعد كونه آدمياً: ما كان من أنثى بلا توسط ذكر، لأن ذلك أضعف الأقسام. وأغرب ذلك أن يتولد منها على ضعفها أقوى النوع وهو الذكر. ولا سيما إن أوتي قوّة الكلام والعلم والكتاب في حالة الطفولية. وأن يخبر بسلامته الكاملة فيكون الأمر كذلك، لم يقدر أحد، مع كثرة الأعداء، على أن يمسه بشيء من أذى. هذا إلى ما جمعته من إخراج الرطب في غير حينه من يابس الحطب، ومن إنباع الماء في غير موضعه.
يُستكمل مقصد السورة في بيان صفة الرحمن التي شمل بها جميع خلقه، في سورة طه وكيف أن الله تولى موسى عليه السلام برحمته وعنايته وأهلك فرعون وقومه، ثم في السورة التي بعدها الأنبياء عن إبراهيم عليه السلام، ثم في السورة التي بعدها الحج عن يوم القيامة والحساب على العبادات والأعمال ثم السورة التي بعدها عن المؤمنون وصفات الفائزين.
وقد بدأت الإشارة إلى شمول رحمة الله ورعايته لعباده المؤمنين في سور الكهف السابقة أثناء الحديث عن هجرة أصحاب الكهف وطلبهم رحمة ربهم ونجاتهم بدينهم، وعن عدله مع أصحاب الجنتين، وقصص موسى مع العبد الصالح: بالحفاظ على سفينة المساكين وقتل الغلام حتى لا يرهق أبواه المؤمنين طغياناً وكفراً والحفاظ على كنز أبناء العبد الصالح، ثم في قصّة ذي القرنين ونشره العدل والإصلاح في الأرض.
اقرأ أيضا: موضوعات ومضامين سورة مريم