تجربتي مع سورة النحل من أعظم تجارب قراءة سور القرآن الكريم، فهي سورة النعم؛ لتذكيرها بنعم الله -عزّ وجل- في الكون، وعدد آياتها مئةً وثمانيةً وعشرون آيةً، معظمها مكية وبعضها مدنية، وترتيبها السادسة عشر بين سور القرآن الكريم.
تجربتي مع سورة النحل
تقول إحدى السيدات: كانت تجربتي مع سورة النحل فارقة في حياتي، حيث كنت أعاني من أمراض مستعصية، ولم تستطع الأدوية الطبية أن تساعدني على التخلص من هذه الأمراض، إلا أن علمت بآيات الرقية الشرعية، والتي كان من بينها قوله تعالى: (ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
تتابع: كانت هذه الآية ملهمة بالنسبة لي، واعتبرتها آية الشفاء من جميع الأمراض التي أعاني منها، وبالفعل داومت على قراءتها بنية الشفاء، وكان لذلك أثر كبير على نفسي وجسدي، فتحسنت حالتي النفسي، وبدأت أشعر بالتعافي تدريجيا من الأمراض، ولكن يجب على المؤمن أن يكون على يقين عند قراءة الآيات من قدرتها على الشفاء، وألا يقرأها بغرض التجربة؛ لأنه الله تعالى لا يُجرّب.
كما يحكي أحد الأخوة أن له تجربة مع قراءة سورة النحل وتأثيرها على علاج مشكلة تساقط الشعر، وذلك بعدما داوم على قراءة قوله تعالى: (يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الحجر
خواص سورة النحل
سورة النحل من السور العجيبة ذات الأسرار، فمن يقرأها يستشعر أمرين:
الأول: عظيم نعمة الله وعظيم جحود الإنسان، فتظهر السورة عظم المنة الإلهية على البشر في كل شيء حولهم، وبالمقابل تقابل عظم المنة بعظم الجحود الإنساني،
الثاني: رافق الجحود حالة مكر قوية تقابل بالأمر الإلهي، وهذا الأمر استدعى التذكير بقرب أمر الله في بداية السورة بمعنى أن قوى الظلام في الأرض ومكرهم محاط بأمر عظيم منهم قد أتى وهو في طور المباغتة في كل لحظة، فبداية السورة لها علاقة مباشرة بكل الجهود الظلامية في الأرض وبما تظنه أنها تمكنت وهيمنت على كل شيء.
ولتقرير الأمر جاءت الإشارة في وسط السورة إلى جانبين من جوانب التعامل مع المكر، يقول الله سبحانه وتعالى: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ{26}) إذا أهل المكر دائماً يتعرضون لضربة في القواعد تنهي كل بنائهم من صاحب القوة العظمة وهذه سنة الله الماضية إلى قيام الساعة، فهذه الآية تذكر بسنة ماضية وقعت في الماضي في حق الماكرين.
ثم تختم السورة مع صاحب الرسالة لتطالبه بالصبر لأن المعية العليا هي معه ومع كل محسن متقٍ.. وفي ثنايا الآيات يأتي التذكير بالمكر (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ{127} إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ{128}).
تحمل سورة النحل سراً عظيماً لم تستوعبه هذه الكلمات القاصرة خاصة أنه في وسطها كانت هذه الآية العظيمة (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {33}) إنه نفس الأمر الذي بدأت به السورة وهو نفس الأمر الذي أشار إليه النبي عليه السلام بقوله (حتى يأتي أمر الله) في بعض علامات الساعة، ويقولون متى هو.. فقل انتظروا إنا منتظرون.
وردت العديد من الأحاديث التي تدل على اختصاص بسورة النحل بالفضل والمكانة، ومن ذلك ما جاء عن عثمان بن أبي العاص الثقفي قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا، إذ شخص ببصره، ثم صوبه حتى كاد أن يلزقه بالأرض، قال: ثم شخص ببصره، فقال: أتاني جبريل، فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} [النحل: 90]. (( الراوي : عثمان بن أبي العاص الثقفي | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 7/51 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
لما أنزل الله تعالى : “اقتربت الساعة وانشق القمر” قال الكفار بعضهم لبعض : إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت ، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن ، فلما رأوا أنه لا ينزل شيء ، قالوا : ما نرى شيئا ، فأنزل الله تعالى : “اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون” فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة ، فلما امتدت الأيام قالوا : يا محمد ، ما نرى شيئا مما تخوفنا به ، فأنزل الله تعالى : “أتى أمر الله” فوثب النبي – صلى الله عليه وسلم – ورفع الناس رءوسهم ، فنزل : “فلا تستعجلوه” فاطمأنوا ، فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” بعثت أنا والساعة كهاتين” ، وأشار بأصبعه – ” إن كادت لتسبقني “. (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 867 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
عن ابن عباس في قوله عز وجل : ضرب الله مثلا عبدا مملوكا قال : نزلت في رجل من قريش وعبده, وفي قوله : مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء إلى قوله : وهو على صراط مستقيم قال : هو عثمان بن عفان, قال : والأبكم الذي أينما يوجهه لا يأتي بخير, ذاك مولى عثمان بن عفان كان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المؤونة, وكان الآخر يكره الإسلام ويأباه, وينهاه عن الصدقة والمعروف فنزلت فيهما. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح أسباب النزول، الصفحة أو الرقم: 140 | خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح ))
اقرأ أيضا: موضوعات ومضامين سورة النحل