تزيد أهمية تجربتي مع سورة النساء لكثرة ما ورد فيها من الأحكام التي تتعلق بهن بدرجة لم توجد في غيرها من السور ولذلك أُطلِقَ عليها ” سورة النساء الكبرى ” مقابلة سورة النساء الصغرى التي عرفت في القرآن بسورة الطلاق.
تجربتي مع سورة النساء
تقول إحدي الفتيات: تجربتي مع سورة النساء أنني كنت أعاني من مشكلة تأخر الزواج، حيث كان كلما تقدم شابٌ لخطبتي، تحدث الكثير من الصعوبات التي تحول دون إتمام الزواج، وقد أثّر هذا الأمر على نفسيتي بشكل كبير، حيث بتُ أشعر بأنني غير مرغوبة، حتى سمعت يومًا من أحد المشايخ بفضل قراءة سورة النساء وتأثيرها على تسهيل الزواج، وبالفعل داومت على قرائتها بشكل يومي قبل الخلود إلى النوم، ولم يمر شهر حتى رزقني الله بشاب صالح تقدم لخطبتي بفضل قراءة سورة النساء.
تروي إحدى النساء المتزوجات أن تجربتها مع قراءة سورة النساء كانت تجربة عظيمة، خصوصًا وأنها كانت تعاني من المشاكل والخلافات المتعددة مع زوجها، وسمعت مرة في إحدى البرامج الدينية امرأة تقول بأنها جربت قراءة سورة النساء لمدة ثلاث أيام متواصلة، وكان لهذه القراءة تأثير كبير على علاقتها بزوجها، وعندما جاءت الساعة الثانية بعد منتصف الليل، بدأت بقراءة سورة النساء، وكنت قد عزمت على قرائتها كلها في ركعتين، وفي الركعة الثانية وكنت أقرأ في الصفحة الأخيرة، بدأت أشعر برجفة شديدة، وكأن شيئًا يقول لي وقفي، ولكني لم أستجيب وواصلت القراءة حتى انتهيت من قراءة السورة كلها وبعدها نمت، وكان النوم هادئًا وجميلًا، وداومت على هذا الأمر لمدة ثلاث ليال، وبعدها شعرت براحة وسكينة، وتحسنت علاقتي بزوجي كثيرًا، وانتهى ما بنا من مشاكل وخلافات، وأصبحنا حريصين على عدم التعامل بهدوء وعدم افتعال المشاكل.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الفاتحة للحمل
خواص سورة النساء
تتنوع خواص سورة النساء نظرًا لكثرة عدد آياتها فهي من السور السبع الأُول من القرآن ولغزارة الأحكام الشريعة الموجودة فيها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن أخَذ السَّبْعَ الأُولَ من القرآن، فهو حَبرٌ”. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 2305 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
كما تشتمل سورة النساء على بعض الآيات المؤثرة التي كانت سببًا في بكاء النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت عن عبدِ الله بن مَسعودٍ رضِي اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وهو على المنبر-: اقرأْ عليَّ القرآنَ، فقلت: يا رسولَ الله، أقرأُ عليك وعليك أُنْزِل؟! قال: إنِّي أَشتهي أن أسمعَه من غيري، قال: فقرأتُ عليه سورةَ النِّساء حتى بلغتُ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا [النساء: 41- 42]، رفعتُ رأسي، أو غمزني رجلٌ إلى جنبي- وفي رواية: بيده- فرفعتُ رأسي، فنظرْتُ إليه فرأيتُ عينيهِ تسيلُ. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 800 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
ترتكز خواص سورة النساء بشكلٍ أساسيّ على توحيد الله وإفراده -جلّ وعلا- بالعبودية ولأنّه خالق هذا الكون ومدبّره كانت سورة النساء من السور التي تجيب المسلمين عن معظم الأسئلة التشريعية لبناء مجتمعٍ سليم، بعيدًا عن المحرمات مع فتح باب التوبة للمسلمين الذين كانوا يجهلون تلك الأحكام وقاموا ببعض أخطاء الجاهلية.
ويتبين عند دراسة سورة النساء أنّها كانت من السور التي تتطرق للحديث عن المنافقين وصفاتهم كي يحذرهم المسلمون ولا يلقوا لحديثهم بالًا، فقد كان المنافقون يسعون بشكلٍ دائم إلى زعزعة استقرار الدولة الإسلامية وزرع الشك في قلوب حديثي الإسلام، كقوله -تعالى-: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا * وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا}، وقوله -جلّ وعلا-: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}، ففي هذه الآيات تحذيرٌ من سماع كلام هؤلاء المنافقين والحثّ على اجتنابهم.
وكان من خواص سورة النساء أيضًا أمر إيتاء كلّ ذي حقّ حقه من الأرحام واليتامى من الرجال والنساء، وبيانٌ لتوزيع الميراث والأموال توزيعًا صحيحًا وعدم أكل الأموال بالباطل، مع الإشارة إلى أنّ هذه الأحكام التي يسنّها الله -جلّ وعلا- ليست بغرض التضييق على المسلمين وإدخال المشقة، فقد قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}، وهذه الآية مثالٌ صريح على أمر الله بأداء الأمانات وأنّه شاهدٌ على الناس وأنّه لا يُظلم عنده أحد.
وتتضمن السورة الحديث عن الجهاد والحثّ على بذل الأموال والأنفس والأرواح في سبيل إعلاء كلمة الله والدفاع عن الدين الإسلامي، قال -جلّ وعلا-: { الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ}.
وقد كان من خواص سورة النساء تصحيح عقيدة أهل الكتاب اليهود والنصارى وتأكيدٌ على وحدوية الله -تبارك وتعالى- وأنّ الدين الحق هو الإسلام، وتأكيدٌ بأمر نبوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنّ الدين الذي أتى به محمدٌ هو ما أتى به موسى وعيسى وسائر أنبياء الله، وأنّ اتباع دين الإسلام هو السبيل الوحيد الذي يقود إلى الصراط المستقيم الذي ينتهي بالمسلمين إلى خيري الدنيا والآخرة، فقد قال -تعالى-: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا}.
اقرأ أيضا: لماذا سميت سورة النساء بهذا الاسم