عند حلول الشتاء ننتظر ذلك الزائر الأبيض الجميل الذي يغطي الأرض ويُدخل الفرح والبهجة إلى قلوبنا بقدومه، فليس هناك أجمل من مشاهدة منظر هطول الثلج، وقد كتب العديد من الشعراء عدة قصائد شعر عربي عن الثلج.
شعر عربي عن الثلج
يقول الأديب السوري فواز حجو في واحدة من أجمل قصائد شعر عربي عن الثلج :
هذا هو الثلجُ من عليائِهِ نَزَلا
لولا تَوَاضُعُ هذا الثلج ما هَطَلاَ
وَهَاهيَ الأرضُ في أَبهى مفاتنها
تزينتْ كعروسٍ وارتدتْ حُلَلاَ
والطير يمرحُ في الأَجواءِ مُبتهجاً
وقامَ يشدو بهذا العُرسِ مُحتفِلا
وكلُّ غصنٍ تَثَنّى خَصرُهُ طَرَبَاً
من نشوةِ الرقصِ حتّى خِلْتَهُ ثَمِلاَ
وإن نَظَرتَ إلى الأَشجارِ تحسَبُها
عَرائساً ما رَأَتْ عينٌ لها مَثَلا
وحيثُ تنظرُ فالآفاقُ قد لَبِسَتْ
ثوبَ النّقاءِ، ولن ترضى لـه بَدَلاَ
حتّى كأَنَّ سُهولَ الأرضِ قد عَدَلَتْ
عن لونِها نحوَ لونٍ يبعثُ الأَمَلاَ
وأَينما سِرْتَ فالأَرجاءُ من بَجَعٍ
وَلو دَنَوْتَ قليلاً رُبّما جَفِلاَ
والثلجُ في الاَرضِ كالدِّيباجِ مُنْبَسِطٌ
فكيفَ تمشي على الدّيباجِ مُنْتَعِلاَ؟
***
هذا هو الثلجُ ما أَبهى نَصَاعتَهُ
وما أُحيلاَهُ عَمَّ السَّهلَ والجَبِلاَ
والبردُ يحلو إذا ما الثلجُ جاءَ بِهِ
لولاهُ ماكانَ هذا البردُ مَحتَمَلاَ
وكم سُعِدْنا بهِ، إذْ راحَ مُحْتَضِناً
وَجْهَ الطبيعةِ، واستحلى بهِ القُبَلاَ
وَحَسْبُنا أَنّنا ذُقْنا حَلاوتَهُ
وحيثما حَلَّ مَتّعنا بهِ المُقَلاَ
وكم لَهَونا بهِ، والأرضُ ضَاحِكَةٌ
واللّهوُ بالثلجِ لم يَتْرُكْ بِنا خَجَلاَ
وَكم ضُرِبنا بهِ، والكُلُّ مُبْتَهِجٌ
والضربُ، إلاَّ بهذا الثلجِ ما قُبِلاَ
***
هذا هو الثلجُ وَافَانا بطلعتِهِ
وجاءَ بالخيرَ حتّى أَغلَقَ السُّبُلاَ
وجاءَ يحملُ ما يحْيا المَوَاتُ بهِ
بُشْرَاكِ يا أرضنا الظَّمأَى بما حَمَلاَ
حتّى القَرائح أَحياها بمَقْدُمِهِ
فجاءَ بالوَحيِ والإلهامِ إِذْ هَطَلا
وكلُّ نُدْفَةِ ثلجٍ لاَمَسَتْ هُدُبي
وَدِدْتُ لو أَنّني أَسمعتُها غَزَلاَ
وكم نَوَدُّ لَوَ ِِأَنَّ الثلجَ بَادَلَنَا
حُبَّاً بحُبٍّ، وبعدَ اليومَ ما رَحَلاَ
يقول الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في قصيدة “ثلج”:
تكثَّفَ الهواءُ الأبيض، وتباطأ وانتشر
كالقطن المنفوش في الفضاء. وحين لامس
جسَدَ الليل أضاءه من كل ناحية. ثلج.
انقطع التيار الكهربائي، فاعتمدت على
ضوء الثلج لأهتدي إلى الممر، الفاصل
الموسيقي، بين جدارين، فإلى الغرفة المجاورة
لشجيرات النخيل الست الواقفات كراهبات
على كتف الوادي. فرَحٌ شِبهُ ميتافيزيقي
يأتيني من كلِّ ما هو خارجي، وأَشكر الريح
التي جاءت بالثلج من أقاليم لا تصل إليها
إلا الروح. لو كنتُ غيري لاجتهدت في وصف
الثلج. لكني إذ أنخطفُ في هذا العشب
الكونيّ الأبيض، أتخفف من نفسي فلا أكون
أنا، ولا أكون غيري، فكلانا ضيفان على
جوهر أبيض، مرئي وواسع التأويل.
وحين عاد التيار الكهربائي، أطفأت الضوء
وبقيت واقفا أمام النافذة لأرى كم أنا
هناك… طيفاً في ما وراء الثلج.
يقول الشاعر السوري نزار قباني في واحدة من أجمل قصائد شعر عربي عن الثلج والحب:
يندف الثلج على شبابيكي في لندن
يندف على كتبي .. وأوراقي .. وفناجين قهوتي ..
وأنا مبهور بهذا الكلام الحضاري
الذي لم أسمعه منذ تسعة أشهر
مبهور بهذا الانقلاب الأبيض
الذي يعلنه الشتاء على رجعية الصيف..
ورتابة اللون الأخضر..
الثلج هو حداثة الأرض
عندما تخرج على النص..
وتحاول أن تكتب بطريقة أخرى
وصياغة أخرى
وتعبر عن عشقها بلغة أخرى
وأنا أيضاً.. أريد أن أكون في عشقي
شتائياً .. وانقلابياً .. وعاصفاً ..
فمع امرأة استثنائية مثلك ..
لا يمكنني إلّا أن أكون استثنائياً ..
ومع عاشقة مجنونة مثلك ..
لا يمكنني أن أبقى محارباً على أرض منزوعة السلاح..
لا يقلقني الثلج
ولا يزعجني حصار الصقيع
فأنا أقاومه.. حيناً بالشعر..
وحيناً بالحب..
فليس عندي وسيلة أخرى للتدفئة..
سوى أن أحبك..
أو أكتب لك قصيدة حب..
بهاتين الطريقتين السحريتين
يمكنني أن أحل مشاكلي الجسدية..
ومشاكلي العاطفية .. والشعرية ..
فلا تشغلي بالك بالطقس الخارجي ..
لأن الصيف الحقيقي مخبوء في داخلنا..
إنني قادر دائماً على استخراج الجمر من ثلج يديك ..
وعلى استخراج النار من عقيق شفتيك..
وعلى استخراج الشعر..
من تحت أية رابية من روابي أنوثتك…
وأية منطقة حبلى بمياهها الجوفية…
يا سيدتي التي يشتعل حبها في دمي
كحفلة ألعاب نارية…
حين تكونين معي..
فلا فائدة من مواقد الحطب..
ولا مواقد الفحم..
ولا مواقد الكهرباء..
فمصادر الطاقة كلها
موجودة في أمواج بحارك..
والكواكب كلها..
تدور حول شمس نهديك…
يا ذات القبعة الحمراء التي ترتجف من شدة العشق
يا التي يسقط صوتها على الأرض كليرة ذهبية…
لا تفتحي المظلة فوق رأسي
فأنا لا أريد الحماية من زغب الحمام ..
ونثارات القطن .. وأقمار الياسمين ..
لا أريد الهروب من هذا الحصار الأبيض ..
فأنت والثلج صديقاي على دروب الحرية
أيتها الشتائية التي أحبها
لا تشيلي يدك من يدي..
ولا تخافي على صوف الأنغورا من نزواتي الطفولية ..
فلطالما تمنيت أن أكتب قصيدة فوق الثلج ..
وأحب امرأة فوق الثلج ..
وأجرب كيف يمكن لعاشق أن يحترق بنار الثلج…
يا سيدتي التي تقفز كسنجابة خائفة
على أشجار صدري..
كل عشاق العالم أحبوا حبيباتهم
في شهر تموز..
وكل ملاحم العشق كُتِبَت في شهر تموز..
وكل الثورات من أجل الحرية وقعت في شهر تموز ..
فاسمحي لي
أن أخرج على هذا التوقيت الصيفي
وأنام معك .. ليلة واحدة
على مخدة من خيطان الفضة ..
والثلج المندوف.
اقرأ أيضا: تفسير رؤية الثلج في المنام
أشعار عن الثلج
يقول أبو فراس الحمداني:
كَأَنَّما تَساقُطُ الثَلجِ بِعَينَي مَن رَأى
أَوراقُ وَردٍ أَبيَضٍ وَالناسُ في شاذِكُلى.
يقول أبو الفتح الرملي المعروف بـ” كشاجم”:
الثَّلْجُ يَسْقُطُ أَمْ لُجَيْنٌ يُسْبَكُ
أَمْ ذَ حَصَى الكَافُورِ ظَلَّ يُفَرَّكُ
رَاحَتْ بِهِ الأَرْضُ الفَضَاءُ كَأّنَّهَا
مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ بِثَغْرِكَ تَضْحَكُ
شَابَتْ مَعَارِفُهَا فَبَيًّنَ ضِحْكُهَا
طَرَبَاً وَعَهْدِي بِالْمَشِيْبِ يُنَسِّكُ
أَوْ فِي عَلَى خُضْرِ الغُصُوْنِ فَأَصْبَحَتْ
كَالدُّرِّ فِي قُضُبِ الزَّبَرْجَدِ يُسْلَكُ
وَتُزَيَّنُ الأَشْجَارَ مِنْهُ مُلاَءَةٌ
عَمَّا قَلِيْلٍ بِالرَّاحِ تُهْتَّكُ
كَانَتْ كَعُودِ الهِنْدِ طُرِّيَ فَانْكَفَا
فِي لَوْنِ أَبْيَضْ وَهُو أَسْوَدُ أَحْلَكُ
وَالْجَوُّ مِنْ أَرَجِ الهَوَاءِ كَأَنَّهُ
ثَوْبٌ يُعَنْبَرُ تَارَةً وَيُمْسَّكُ
فَخُذِي مِنَ الأَوْتَارِ حَظَّكِ إِنَّمَا
تَتَحَرَّكُ الأَطْرَابُ حِيْنَ تَحَرَّكُ
فَالْيَوْمُ يُؤْذِنُ بِالْمَلاَحَةِ إِنَّهُ
سَيُطَلُّ فِيْهِ الدِّنَانِ وَيُسْفَكُ.
اقرأ أيضا: هل تعلم عن الثلج