الوقت هو الزمن الذي يقيس الإنسان تقدمه من خلاله، فالإنسان اليوم ليس كما سيكون بعد خمس سنين، فالوقت هو الإنجاز وهو تحقيق الذات وهو دقات العقارب التي تتراقص على عمر الإنسان، حيث يدق ناقوس انتهاء العمر عندما تبدأ خطوط الشيب ترسم رحلتها في شعر المرء ليعلم أن حياته لم تكن سوى بضع من الدقائق شارفت على الانتهاء، وقد أَكثرَ الشعراء من كتابة قصائد شعر عربي عن العمر ومروره.
شعر عربي عن العمر
قال الشاعر أبو العتاهية في واحدة من أجمل قصائد شعر عربي عن العمر:
مَنَ اَحَسَّ لي أَهلَ القُبورِ وَمَن رَأى
مَنَ اَحَسُّهُم لي بَينَ أَطباقِ الثَرى
مَنَ اَحَسَّ لي مَن كُنتُ آلَفُهُ وَيَأ
لَفُني فَقَد أَنكَرتُ بُعدَ المُلتَقى
مَنَ اَحَسَّهُ لي إِذ يُعالِجُ غُصَّةً
مُتَشاغِلاً بِعِلاجِها عَمَّن دَعا
مَنَ اَحَسَّهُ لي فَوقَ ظَهرِ سَريرِهِ
يَمشي بِهِ نَفَرٌ إِلى بَيتِ البِلى
يا أَيُّها الحَيُّ الَّذي هُوَ مَيِّتٌ
أَفنَيتُ عُمرَكَ بِالتَعَلُّلِ وَالمُنى
أَمّا المَشيبُ فَقَد كَساكَ رِداؤُهُ
وَاِبتَزَّ عَن كَفَّيكَ أَثوابَ الصِبا
وَلَقَد مَضى القَرنُ الَّذينَ عَهَدتَهُم
لِسَبيلِهِم وَلَتَلحَقَنَّ بِمَن مَضى
وَلَقَلَّ ما تَبقى فَكُن مُتَوَقَّعاً
وَلَقَلَّ ما يَصِفو سُرورُكَ إِن صَفا
وَهِيَ السَبيلُ فَخُذ لِذَلِكَ عُدَّةً
فَكَأَنَّ يَومَكَ عَن قَريبٍ قَد أَتى
إِنَّ الغِنى لَهُوَ القُنوعُ بِعَينِهِ
ما أَبعَدَ الطِبعَ الحَريصَ مِنَ الغِنى
لا يَشغَلَنَّكَ لَو وَلَيتَ عَنِ الَّذي
أَصبَحتَ فيهِ وَلا لَعَلَّ وَلا عَسى
خالِف هَواكَ إِذا دَعاكَ لِرَيبَةٍ
فَلَرُبَّ خَيرٍ في مُخالَفَةِ الهَوى
عَلَمُ المَحَجَّةِ بَيِّنٌ لِمُريدِهِ
وَأَرى القُلوبَ عَنِ المَحَجَّةِ في عَمى
وَلَقَد عَجِبتُ لِهالِكٍ وَنجاتُهُ
مَوجودَةٌ وَلَقَد عَجِبتُ لِمَن نَجا
وَعَجِبتُ إِذ نَسي الحِمامَ وَلَيسَ مِن
دونِ الحِمامِ وَإِن تَأَخَّرَ مُنتَهى
ساعاتُ لَيلِكَ وَالنَهارِ كِلَيهِما
رُسُلٌ إِلَيكَ وَهُنَّ يُسرِعنَ الخُطا
وَلَئِن نَجَوتَ فَإِنَّما هِيَ رَحمَةُ الـ
ـمَلِكِ الرَحيمِ وَإِن هَلَكتَ فَبِالجَزا
يا ساكِنَ الدُنيا أَمِنتَ زَوالَها
وَلَقَد تَرى الأَيّامَ دائِرَةَ الرَحى
وَلَكُم أَبادَ الدَهرُ مِن مُتَحَصِّنٍ
في رَأسِ أَرعَنَ شاهِقٍ صَعبِ الذُرى
أَينَ الأُلى بَنوا الحُصونَ وَجَنَّدوا
فيها الجُنودَ تَعَزُّزاً أَينَ الأُلى
أَينَ الحُماةُ الصابِرونَ حَمِيَّةً
يَومَ الهِياجِ لِحَرِّ مُجتَلَبِ القَنا
وَذَوُو المَنابِرِ وَالعَساكِرِ وَالدَسا
كِرِ وَالمَحاصِرِ وَالمَدائِنِ وَالقُرى
وَذَوُو المَواكِبِ وَالمَراكِبِ وَالكَتا
أَئبِ وَالنَجائِبِ وَالمَراتِبِ في العُلى
أَفناهُمُ مَلِكُ المُلوكِ فَأَصبَحوا
ما مِنهُمُ أَحَدٌ يُحَسُّ وَلا يُرى
وَهُوَ الخَفِيُّ الظاهِرُ المَلِكُ الَّذي
هُوَ لَم يَزَل مَلِكاً عَلى العَرشِ اِستَوى
وَهُوَ المُقَدِّرُ وَالمُدَبِّرُ خَلقَهُ
وَهُوَ الَّذي في المُلكِ لَيسَ لَهُ سِوى
وَهُوَ الَّذي يَقضي بِما هُوَ أَهلُهُ
فينا وَلا يُقضى عَلَيهِ إِذا قَضى
وَهُوَ الَّذي بَعَثَ النَبِيَّ مُحَمَّداً
صَلّى الإِلَهُ عَلى النَبِيِّ المُصطَفى
وَهُوَ الَّذي أَنجى وَأَنقَذَنا بِهِ
بَعدَ الصَلالِ مِنَ الضَلالِ إِلى الهُدى
حَتّى مَتى لا تَرعَوي يا صاحِبي
حَتّى مَتى حَتّى مَتى وَإِلى مَتى
وَاللَيلُ يَذهَبُ وَالنَهارُ وَفيهِما
عِبَرٌ تَمُرُّ وَفِكرَةٌ لِأُلي النُهى
حَتّى مَتى تَبغي عِمارَةَ مَنزِلٍ
لا تَأمَنُ الرَوعاتِ فيهِ وَلا الأَذى
يا مَعشَرَ الأَمواتِ يا ضيفانَ تُر
بِ الأَرضِ كَيفَ وَجَدتُمُ طَعمَ الثَرى
أَهلَ القُبورِ مَحا التُرابُ وُجوهَكُم
أَهلَ القُبورِ تَغَيَّرَت تِلكَ الحُلى
أَهلَ القُبورِ كَفى بِنَأيِ دِيارَكُم
إِنَّ الدِيارَ بِكُم لَشاحِطَةُ النَوى
أَهلَ القُبورِ لا تَواصُلَ بَينَكُم
مَن ماتَ أَصبَحَ حَبلُهُ رَثَّ القِوى
كَم مِن أَخٍ لي قَد وَقَفتُ بِقَبرِهِ
فَدَعَوتُهُ لِلَّهِ دَرُّكَ مِن فَتى
أَأُخَيَّ لَم يَقِكَ المَنِيَّةَ إِذ أَتَت
ما كانَ أَطعَمَكَ الطَبيبُ وَما سَقى
أَأُخَيَّ لَم تُغنِ التَمائِمُ عَنكَ ما
قَد كُنتُ أَحذَرُهُ عَلَيكَ وَلا الرُقى
أَأُخَيَّ كَيفَ وَجَدتَ مَسَّ خُشونَةِ الـ
ـمَأوى وَكَيفَ وَجَدتَ ضيقَ المُتَّكا
قَد كُنتُ أَفرَقُ مِن فِراقِكَ سالِماً
فَأَجَلُّ مِنهُ فِراقُ دائِرَةِ الرَدى
فَاليَومَ حَقَّ لي التَوَهُّعُ إِذ جَرى
قَدَرُ الإِلَهِ عَلَيَّ فيكَ بِما جَرى
تَبكيكَ عَيني ثُمَّ قَلبي حَسرَةً
وَتَقَطُّعاً مِنهُ عَلَيكَ إِذا بَكى
وَإِذا ذَكَرتُكَ يا أُخَيَّ تَقَطَّعَت
كَبِدي فَأُقلِقتُ الجَوانِحُ وَالحَشا.
ويقول الشاعر الأحوص الأنصاري:
يا أيها الرجلُ الموكَّلُ بالصِّبا
وصِبا الكبيرِ إذا صَبا تعليلُ
قدِّمْ لنفسك قبل موتِك صالحًا
واعملْ فليس إلى الخلود سبيلُ
إنَّ الحِمامَ لنازلٌ بكَ لاحقٌ
والموتُ ربعُ إقامةٍ مَحلولُ
لا بدَّ مِنْ يومٍ لكل مُعَمَّر
فيهِ لمدةِ عيشهِ تكميلُ
والناسُ أرسالٌ إلى أمَدٍ لهم
يَمضي لهم جيلٌ ويُخلَق جيلُ.
يقول ابن المعتز عن ضياع العمر:
ذَهَبَ الشَبابُ وَكُدِّرَ العُمرُ
في صَبوَةٍ وَعَلى لَكَ الأَمرُ
حَتّى بَلَغتَ السُؤلَ مِنهُ فَهَل
حانَ اِلتَقى لَكَ وَاِنجَلى الشُكرُ
وَلَرُبَّما رَوّاكَ مِن قُبَلٍ
ظَبيٌ مُجاجَةُ ريقِهِ خَمرُ
مُتَلَفِّتٌ حَتّى أَتاكَ وَقَد
خافَ الرَقيبَ وَهَزَّهُ الذُعرُ
إِسلَم أَميرَ المُؤمِنينَ وَدُم
في غِبطَةٍ وَلِيَهنِكَ النَصرُ
فَلَرُبَّ حادِثَةٍ نَهَضتَ بِها
مُتَقَدِّماً فَتَأَخَّرَ الدَهرُ
لَيثٌ فَرائِسُهُ الكُماةُ فَما
يَبيَضُّ مِن دَمِها لَهُ ظِفرُ
سَحبَ الجُيوشِ فَكَم بِها فُتِحَت
بَعدَ التَمَنُّعِ بَلدَةٌ بِكرُ
ما رَدَّ عَن مُتَحَصِّنٍ يَدَهُ
إِلّا وَقَلعَتُهُ لَهُ قَبرُ
مُستَأسِدٌ في الحَربِ هِمَّتُهُ
قُدّامَهُ وَالقَتلُ وَالأَسَرُ
وَعِقابُهُ عَدلٌ وَعَزمَتُهُ
كَالمَشرِفِيِّ وَوَعدُهُ نَذرُ.
اقرأ أيضا: شعر انجليزي عن العمر
أبيات شعر عربي عن العمر
- يقول الشاعر أبو الأصبغ الأخفش:
أرى عُمْرَ الأنام كرأس مالٍ
سعوا فيهِ لربحٍ أو خسارةْ
فمِنهم مَنْ يروحُ بغير ربحٍ
ومنهم مَنْ له فضلُ التجارةْ.
- ويقول الأديب أبو الفتح العسقلاني:
عِلمي بعاقبة الأيامِ يَكفيني
وما قضى اللهُ لي لا بُدَّ يأتيني
إذ يُنفَقُ العُمْرُ في الدنيا مُجازفةً
والمالُ يُنفَقُ فيها بالمَوازينِ.
- ويقول الخطيب البغدادي:
لا تغبطنَّ أخا الدنيا لزخرفِها
ولا للذةِ وقتٍ عجَّلتْ فرحا
فالدهرُ أسرعُ شيءٍ في تقلُّبه
وفعلُه بيِّن للخلقِ قد وضَحا
كم شاربٍ عسلاً فيه منيتُهُ
وكم تقلَّدَ سيفًا مَن به ذُبِحا.
اقرأ أيضا: أحاديث عن طول العمر