شعر عربي عن الخمر
الخمر هو كُلُّ شرابٍ خمرَ العقلَ فستره وغَطّى عليه، وهو من قول القائل: “خمرتَ الإناء” إذا غطيته، والخمرُ شرابٌ يحتوي في تركيبته على الكحول المَعروف علمياً باسم “الإيثانول”، كما ويُصنع من العديد من الأغذية مثل العنب والشّعير، ورغم أن الخمر مُحرم في الإسلام لكن تكثر قصائد شعر عربي عن الخمر في عصور الأدب المختلفة وبخاصة الشعر الجاهلي.
شعر عربي عن الخمر
لم يكن الشاعر أبو نواس أوّل من وصف الخمر، إنّما قد سبقوه لذلك شعراء كُثُر، أغلبهم كان في الجاهلية كالأعشى، لكنّ أبا نواس قد فاق سابقيه ولاحقيه جميعهم في وصفه للخمر؛ لذلك فهو أهم من كتب شعر عربي في الخمر ووصفها ومدحها، ومن أهم قصائده في الخمريات:
وَخَمّارٍ حَطَطتُ إِلَيهِ لَيلاً
قَلائِصَ قَد وُنينَ مِنَ السِفارِ
فَجَمجَمَ وَالكَرى في مِقلَتَيهِ
كَمَخمورٍ شَكا أَلَمَ الخُمارِ
أَبِن لي كَيفَ صِرتَ إِلى حَريمي
وَنَجمُ اللَيلِ مُكتَحِلٌ بِقارِ
فَقُلتُ لَهُ تَرَفَّق بي فَإِنّي
رَأَيتُ الصُبحَ مِن خَلَلِ الدِيارِ
فَكانَ جَوابُهُ أَن قالَ صُبحٌ
وَلا صُبحٌ سِوى ضَوءُ العُقارِ
وَقامَ إِلى العُقارِ فَسَدَّ فاها
فَعادَ اللَيلُ مُسوَدَّ الإِزارِ
فَحَلَّ بِزالُها في قَعرِ كَأسٍ
مُحَفَّرَةِ الجَوانِبِ وَالقَرارِ
مُصَوَّرَةً بِصورَةِ جُندِ كِسرى
وَكِسرى في قَرارِ الطَرجَهارِ
وَجُلُّ الجُندِ تَحتَ رِكابِ كِسرى
بِأَعمِدَةٍ وَأَقبِيَةٍ قِصارِ.
وقال في قصيدة أخرى مطلعها “يا خاطب القهوة الصهباء بمهرها”:
يا خاطِبَ القَهوَةِ الصَهباءِ يَمهُرُها
بِالرَطلِ يَأخُذُ مِنها مِلأَهُ ذَهَبا
قَصَّرتَ بِالراحِ فَاِحذَر أَن تُسَمِّعَها
فَيَحلِفَ الكَرمُ أَن لا يَحمِلَ العِنَبا
إِنّي بَذَلتُ لَها لَمّا بَصُرتُ بِها
صاعاً مِنَ الدُرِّ وَالياقوتِ ما ثُقِبا
فَاِستَوحَشَت وَبَكَت في الدَمنِ قائِلَةً
يا أُمُّ وَيحَكِ أَخشى النارَ وَاللَهَبا
فَقُلتُ لا تَحذَريهِ عِندَنا أَبَداً
قالَت وَلا الشَمسَ قُلتُ الحَرُّ قَد ذَهَبا
قالَت فَمَن خاطِبي هَذا فَقُلتُ أَنا
قالَت فَبَعلِيَ قُلتُ الماءُ إِن عَذُبا
قالَت لِقاحي فَقُلتُ الثَلجُ أُبرِدُهُ
قالَت فَبَيتي فَما أَستَحسِنُ الخَشَبا
قُلتُ القَنانِيَّ وَالأَقداحُ وَلَّدَها
فِرعَونُ قالَت لَقَد هَيَّجتَ لي طَرَبا
لا تُمكِنَنّي مِنَ العِربيدِ يَشرَبُني
وَلا اللَئيمِ الَّذي إِن شَمَّني قَطَبا
وَلا المَجوسِ فَإِنَّ النارَ رَبَّهُمُ
وَلا اليَهودِ وَلا مَن يَعبُدُ الصُلُبا
وَلا السَفالِ الَّذي لا يَستَفيقُ وَلا
غِرِّ الشَبابِ وَلا مَن يَجهَلُ الأَدَبا
وَلا الأَراذِلِ إِلّا مَن يُوَقِّرني
مِنَ السُقاةِ وَلَكِنِ اِسقِني العَرَبا
يا قَهوَةً حُرِّمَت إِلّا عَلى رَجُلٍ
أَثرى فَأَتلَفَ فيها المالَ وَالنَشَبا
ويقول أيضًا في قصيدة “دع عنك لومي”:
دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ
وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ
صَفراءُ لا تَنزَلُ الأَحزانُ ساحَتَها
لَو مَسَّها حَجَرٌ مَسَّتهُ سَرّاءُ
مِن كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذي ذَكَرٍ
لَها مُحِبّانِ لوطِيٌّ وَزَنّاءُ
قامَت بِإِبريقِها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ
فَلاحَ مِن وَجهِها في البَيتِ لَألأُ
فَأَرسَلَت مِن فَمِ الإِبريقِ صافِيَةً
كَأَنَّما أَخذُها بِالعَينِ إِغفاءُ
رَقَّت عَنِ الماءِ حَتّى ما يُلائِمُها
لَطافَةً وَجَفا عَن شَكلِها الماءُ
فَلَو مَزَجتَ بِها نوراً لَمازَجَها
حَتّى تَوَلَّدُ أَنوارٌ وَأَضواءُ
دارَت عَلى فِتيَةٍ دانَ الزَمانُ لَهُم
فَما يُصيبُهُمُ إِلّا بِما شاؤوا
لِتِلكَ أَبكي وَلا أَبكي لِمَنزِلَةٍ
كانَت تَحُلُّ بِها هِندٌ وَأَسماءُ
حاشا لِدُرَّةَ أَن تُبنى الخِيامُ لَها
وَأَن تَروحَ عَلَيها الإِبلُ وَالشاءُ
فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً
حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ
لا تَحظُرِ العَفوَ إِن كُنتَ اِمرَأً حَرِجاً
فَإِنَّ حَظرَكَهُ في الدينِ إِزراءُ.
اقرأ أيضا: سيرة ذاتية عن الشاعر أبو نواس
قصائد شعر عربي عن الخمر
يقول عنترة بن شداد عن الخمر:
كَم لَيلَةٍ قَد قَطَعنا فيكِ صالِحَةٍ
رَغيدَةٍ صَفوُها ما شابَهُ كَدَرُ
مَع فِتيَةٍ تَتَعاطى الكَأسَ مُترَعَةً
مِن خَمرَةٍ كَلَهيبِ النارِ تَزدَهِرُ
تُديرُها مِن بَناتِ العُربِ جارِيَةٌ
رَشيقَةُ القَدِّ في أَجفانِها حَوَرُ
إِن عُشتُ فَهيَ الَّتي ما عُشتُ مالِكَتي
وَإِن أَمُت فَاللَيالي شَأنُها العِبَرُ.
كما قال أيضًا:
وَإِن طَرِبَ الرِجالُ بِشُربِ خَمرٍ
وَغَيَّبَ رُشدَهُم خَمرُ الدِنانِ
فَرُشدي لا يُغَيِّبُهُ مُدامٌ
وَلا أُصغي لِقَهقَهَةِ القَناني.
ومن أبرز القصائد التي كُتبت في الخمريات أيضًا قصيدة “شربنا على ذكر الحب مدامة” لابن الفارض، حيث يقول فيها:
شَرِبْنَا على ذكْرِ الحبيبِ مُدامَةً
سكِرْنَا بها من قبل أن يُخلق الكَرْمُ
لها البدرُ كأسٌ وهيَ شمسٌ يُدِيرُهَا
هلالٌ وكم يبدو إذا مُزِجَتْ نَجم
ولولا شذَاها ما اهتدَيتُ لِحانِها
ولولا سَناها ما تصَوّرها الوَهْمُ
ولم يُبْقِ منها الدّهْرُ غيرَ حُشاشَةٍ
كأنّ خَفاها في صُدور النُّهى كتْم
فإن ذُكرَتْ في الحَيّ أصبحَ أهلُهُ
نَشاوى ولا عارٌ عليهمْ ولا إثم
ومِنْ بينِ أحشاء الدّنانِ تصاعدتْ
ولم يَبْقَ منها في الحقيقة إلاّ اسمُ
وإن خَطَرَتْ يوماً على خاطرِ امرىءٍ
أقامتْ به الأفراحُ وارتحلَ الهمّ
ولو نَظَرَ النُّدْمَانُ خَتمَ إنائِها
لأسكَرَهُمْ من دونِها ذلكَ الختم
ولو نَضحوا منها ثرَى قبرِ مَيّتٍ
لعادتْ اليه الرّوحُ وانتَعَشَ الجسم
ولو طَرَحُوا في فَيءِ حائطِ كَرْمِها
عليلاً وقد أشفى لفَارَقَهُ السّقم.
ولو قَرّبُوا من حانِها مُقْعَداً مشَى
وتنطِقُ من ذِكْرَى مذاقتِها البُكْم
ولو عَبِقَتْ في الشرق أنفاسُ طِيبِها
وفي الغربِ مزكومٌ لعادَ لهُ الشَّمُّ
ولو خُضِبت من كأسِها كفُّ لامسٍ
لمَا ضَلّ في لَيْلٍ وفي يَدِهِ النجم
ولو جُليتْ سِرّاً على أَكمَهٍ غَدا
بَصيراً ومن راووقِها تَسْمَعُ الصّم
ولو أنّ رَكْباً يَمّموا تُرْبَ أرْضِهَا
وفي الرّكبِ ملسوعٌ لمَا ضرّهُ السّمّ
ولو رَسَمَ الرّاقي حُرُوفَ اسمِها على
جَبينِ مُصابٍ جُنّ أبْرَأهُ الرسم.
اقرأ أيضا: حلم شرب الخمر في المنام للامام الصادق