حكم الغلو في محبة ال البيت
آل البيت مصطلح إسلامي يشير إلى جماعة من أقرباء نبي الإسلام محمد، ويؤمن المسلمون بأن آل البيت لهم مكانة خاصة ولكن ثمة اختلاف على درجة هذه المكانة بين المذاهب الإسلامية؛ لذلك يسأل الكثير من الناس حكم الغلو في محبة ال البيت من الناحية الشرعية.
حكم الغلو في محبة ال البيت
إنَّ من حقوق آل البيت على المسلمين محبتهم ومودتهم، فمحبّتهم فرعٌ من محبّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنّه أوصى بهم خيراً، ولكنَّ الغلو في محبة ال البيت لا يجوز بل يعدُّ بدعة من البدع، لذلك ينبغى أن يحذر المسلم من ذلك.
اقرأ أيضا: من هم آل بيت الرسول
آل البيت في القرآن
ذكر القرآن الكريم آل بيت النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ تشريفًا لهم، وفيما يأتي بيان موضعَين من المواضع التي ذُكِروا فيها:
آية التطهير
قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)، والمُراد بالآية أنّ الله أراد لآل بيت النبيّ -عليه الصلاة والسلام- التوفيق، والهداية إلى التقوى.
وقد روى سعيد بن جُبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وتَبعه عكرمة، وجماعة من أهل التفسير أنّ الآية السابقة نزلت في نساء النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وخالفهم أبو سعيد الخدري-رضي الله عنه-، وأم المؤمنين أم سلمة، ومجاهد، وقتادة من التابعين؛ بقولهم إنّ المقصود بالآية هو علي بن أبي طالب، وفاطمة، والحسن، والحسين -رضي الله عنهم-.
رُوِي عن أم سلمة: (في بَيْتي أُنزِلَتْ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]، قالتْ: فأَرسَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى فاطمةَ وعليٍّ والحَسنِ والحُسينِ، فقال: هؤلاءِ أهلُ بَيْتي). (( الراوي : أم سلمة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم: 765 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
كما أنّ الآية ذكرت “عنكم” لا “عنكنّ”؛ أي أنّ أمهات المؤمنين لم يكنّ المقصودات بالآية، ورُوِي قولٌ ثالثٌ يدلّ على عموم الآية؛ أي أنّها تشمل أمهات المؤمنين -رضي الله عنهنّ-، وآل بيته جميعاً.
آية المودة
قال الله -تعالى-: (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)، وقد فسّر ابن كثير -رحمه الله- الآية السابقة بذِكر شواهد من صِلة أبي بكر وعمر-رضي الله عنهما-، ومودتهما، وتعظيمهما لقَدر آل البيت؛ فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: (ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أهْلِ بَيْتِهِ). (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3751 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
يدلّ قوله على مراعاة مصالح آل بيت النبيّ، وحقوقهم، كما طلب عمر من العبّاس السُّقيا؛ لقرابته من النبيّ، وقال له: (اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَتَسْقِينَا، وإنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ: فيُسْقَوْنَ). (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3710 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
وقِيل في المقصود من الآية السابقة إنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- أراد من قبيلة قريش تَركه وشأنه في تبليغ دعوته ورسالته، وعدم إيذائه.
اقرأ أيضا: أحاديث عن حب الرسول
آل البيت في السنة النبوية
ممّا يدلّ على مكانة آل بيت النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من السنّة النبويّة:
الحديث المُسمّى بحديث الكِساء، والدالّ على شرف آل بيت النبيّ، ومكانتهم، وحُبّ النبيّ لهم، ورحمته بهم، وشفقته عليهم، وبيّن الحديث أنّ الآية المذكورة فيه؛ وهي آية تطهير آل البيت، وتزكيتهم وردت في أمّهات المؤمنين، يتبعهم عليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين -رضي الله عنهم-.
رُوِي عن عمر بن أبي سلمة أنّه قال: (نزلَت هذِهِ الآيةُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ “إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا” في بيتِ أمِّ سلَمةَ، فدعا النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فاطمَةَ وحَسنًا وحُسَيْنًا فجلَّلَهُم بِكِساءٍ وعليٌّ خَلفَ ظَهْرِهِ فجلَّلَهُ بِكِساءٍ ثمَّ قالَ: اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهْلُ بيتي فأذهِب عنهمُ الرِّجسَ وطَهِّرهم تطهيرًا قالَت أمُّ سلمةَ: وأَنا معَهُم يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ إلي خَيرٍ). (( الراوي : عمر بن أبي سلمة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3205 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
وصيّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بآل بيته، وقد ورد تأكيد ذلك في حديثٍ عن زيد بن أرقم، أنّ النبيّ قال: (وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُما كِتَابُ اللهِ فيه الهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا به فَحَثَّ علَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قالَ: وَأَهْلُ بَيْتي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتي فَقالَ له حُصَيْنٌ: وَمَن أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يا زَيْدُ أَليسَ نِسَاؤُهُ مِن أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قالَ: نِسَاؤُهُ مِن أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَن حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قالَ: وَمَن هُمْ؟ قالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ قالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قالَ: نَعَمْ). (( الراوي : يزيد بن حيان | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2408 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
اقرأ أيضا: أحاديث عن الزهراء