يشرع سجود السهو عند ترك واجب من واجبات الصلاة عمدًا

ينقسم السجود في الشريعة الإسلاميّة إلى أربعة أقسام، أولها سجود الصّلاة وهي سجدتان من أركان صّلاة الفرض والنّفل، والثاني سجود التّلاوة وهي سجدةٌ واحدةٌ تُسنّ في خمسة عشر موضعًا في القرآن وتشرع في الصّلاة وخارجها لقارئ القرآن ومستمعه، والثّالث سجود الشّكر وهي سجدةٌ واحدةٌ تُسنّ في النّعم وعند دفع النّقم، وأمّا القسم الرّابع فهو سجود السّهو، ومن الأحكام التي تتعلق به هل يشرع سجود السهو عند ترك واجب من واجبات الصلاة عمدًا أم لا.

يشرع سجود السهو عند ترك واجب من واجبات الصلاة عمدًا

يشرع سجود السهو عند ترك واجب من واجبات الصلاة عمدًا من العبارات المنتشرة ولكنها غير صحيحة، لأنّ سجود السهو يكون إذا أخطأ المصلي بصورة غير مقصودة فحسب، أما إذا كان متعمدًا فصلاته باطلة اعتبارًا.

شرع الله -سبحانه- سجود السَّهو؛ جَبراً لِما قد يقع فيه المُصلّي من الخطأ في الصلاة؛ سهواً، أو نسياناً؛ فسجود السَّهو يَسُدُّ الخلل الحاصل، ويجبره، فينال العبد بذلك رضا الله -تعالى-؛ بإتمام الصلاة دون تقصيرٍ؛ فالخطأ من طبيعة النفس البشريّة، وقد سها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في صلاته.

اقرأ أيضا: طريقة سجود السهو

تعريف سجود السهو

يعرّف السّجود، والسّهو، في اللغة والاصطلاح الشرعيّ كما يأتي:

  • السهو لغةً: نسيان الشيء، أو الغفلة عنه، من غير قصدٍ، أو علمٍ.
  • السجود لغةً: هو التذلُّل، والخضوع، والانقياد، والخشوع.
  • السجود شرعاً: وضع الجبهة، أو بعضها على الأرض أو على ثابت مستقر، بكيفيّةٍ معلومةٍ، ومخصوصةٍ؛ تعبُّداً لله -تعالى-، وتقرُّباً منه.
  • سُجود السَّهو اصطلاحاً: سجدتان يؤدّيهما المُصلّي؛ إصلاحاً، وجبراً لِما طرأ على صلاته من نقصٍ، أو خللٍ؛ فرضاً كانت صلاته، أمّ نفلاً.

اقرأ أيضا: أول ما يحاسب عليه العبد

حكم سجود السهو

سجدة السهو

فصّل أهل العلم في حكم سجود السّهو لاعتبارات عدّة، منها حال المصلي، مأموماً أو منفرداً، وغيرها من الاعتبارات، وبيان ذلك فيما يأتي:

قال الحنفيّة بوجوب سجود السهو، فإن تركه المُصلّي، فإنّ الإثم يترتّب عليه، إلّا أنّ صلاته لا تبطل؛ استدلالاً بحديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أنّ النبيّ قال: (إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ فليتحرَّ الصَّوابَ فليُتمَّ عليهِ ثمَّ ليسلِّم ثمَّ ليسجُدْ سَجدتَينِ) [1] واستدلّوا أيضاً بحديث ثوبان مولى الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (لكلِّ سهوٍ سجدتان بعدما يُسلِّمُ) [2] واحتجّوا أيضاً بعدم ترك الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والصحابة -رضي الله عنهم- لسجود السهو؛ فبذلك تكون المواظبة عليه بلا تركٍ تفيد الوجوب.

قال المالكيّة بأنّ سجود السَّهو سُنّةٌ مؤكّدةٌ لكلٍّ من الإمام والمنفرد، ولكن إن سها المأموم، فإنّه لا يسجد للسَّهو إلّا حين فراغ الإمام من الصلاة والسلام، فبذلك يسجد المأموم لسَهْو نفسه.

قال الشافعيّة بأنّ سجود السَّهو سُنّةٌ، ولا يسجد المأموم لسَهْو نفسه خلف إمامه أبداً؛ إذ يتحمّل الإمام عنه ذلك، ويجب سجود السَّهو في حالةٍ واحدةٍ فقط، وهي الاقتداء؛ إذ وجب على المأموم أن يتابع إمامه.

فصّل الحنابلة في حكم سجود السَّهو، وذهبوا في ذلك إلى ثلاث حالاتٍ، بيانها فيما يأتي:

  • الحالة الأولى: يجب سجود السَّهو إن غَفل المُصلّي، وسها عن ركنٍ، أو شكّ فيه، أو سها عن واجبٍ، أو جَهل وأخطأ في القراءة، ممّا أدى إلى تغيير معنى الآية بغير علمٍ.
  • الحالة الثانية: يُسَنّ سجود السَّهو لمَن أضاف قولاً مشروعاً في غير موضعه؛ سهواً كان، أو عمداً.
  • الحالة الثالثة: يُباح سجود السَّهو لمَن ترك سُنّةً من سُنَن الصلاة.

اقرأ أيضا: أحاديث عن الخشوع في الصلاة

موضع سجود السهو

موضع سجدة السهو

تعدّدت آراء العلماء في مَحلّ سُجود السَّهو؛ إن كان آخر الصلاة، أم بعدها، وبيان أقوالهم في المسألة فيما يأتي:

  • الشافعيّة: ورد عن الإمام الشافعيّ -رحمه الله- أنّ سُجود السَّهو يكون قبل السلام من الصلاة، وبعد التشهُّد مهما اختلف سببه، وتلزم نيّةٌ له، لكلٍّ من الإمام والمنفرد على حدٍّ سواءٍ، أمّا المأموم فلا يحتاج إلى النيّة؛ اكتفاءً بنيّة إمامه، وتجدر الإشارة إلى أنّ محلّ النيّة هو القلب.
  • الحنفيّة: ورد عنهم أنّ سُجود السَّهو يكون بعد السلام مُطلقاً، واشترطوا النيّة له؛ إذ اعتبروه صلاةً لا بدّ فيها من تحقُّق النيّة، وقياساً على اشتراط النيّة في سجود التلاوة، وسجود الشُّكر.
  • المالكيّة: قالوا بأنّ سُجود السَّهو يكون قبل السلام إن كان سببه النقص، ويكون بعد السلام إن كان بسبب الزيادة، أمّا فيما يتعلّق بالنيّة، فلا حاجة لها إن كان سُجود السُّهو قبل السلام؛ إذ تكفي نيّة الصلاة باعتباره جزءاً منها، إمّا إن كان بعد الصلاة فلا بدّ من النيّة؛ لأنّه خرج عن الصلاة.
  • الحنابلة: قالوا بأنّ سُجود السَّهو يكون قبل السلام من الصلاة مُطلقاً، وفي جميع الحالات باستثناء حالَتين؛ الأولى: نقص ركعةٍ، أو أكثر من الصلاة؛ فإن نقصت عدد الركعات، فإنّ المُصلّي يأتي بالنقص، ثمّ يسجد للسَّهو بعد السلام، والثانية: الشكّ في شيءٍ من أعمال الصلاة؛ فالمُصلّي حينها يبني صلاته على غلبة ظنّه، ويُتمّ الصلاة بناءً عليها، ثمّ يسجد للسَّهو بعد السلام، واشترط الحنابلة التشهُّد بعد سجود السَّهو وقبل السلام منه إن كان بعد الصلاة.

اقرأ أيضا: كيفية صلاة السهو

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

المراجع
  1. الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 1020 | خلاصة حكم المحدث : صحيح []
  2. الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : الرباعي | المصدر : فتح الغفار، الصفحة أو الرقم: 515/1 | خلاصة حكم المحدث : لا يثبت []

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *