إذا احرم الصغير المميز فماهو حكم حجه

تكمن الحكمة من مشروعيّة الإحرام في تضمُّنه العديدَ من الحِكَم، والتي تمثّل أبرزها تحقيق العبوديّة لله -عزّ وجلّ-، والخضوع لعظمته، بالإضافة إلى امتثال أوامره -تعالى-، كما أنّه يُظهر المساواة التي أقرَّها شرع الله -تعالى-؛ إذ تختفي الفوارق بين جميع الناس، وهناك العديد من الأحكام الشرعية المتعلقة بالإحرام مثل إذا احرم الصغير المميز فان حكم حجه جائز أم غير جائز.

إذا احرم الصغير المميز فان حكم حجه

إذا احرم الصغير المميز فان حكم حجه

إنَّ سن التمييز هو السن الذي يصبح فيه الولد أو البنت قادرين على التمييز بين الصواب والخطأ، وهو سنٌ يحدد تقريبًا بسن السابعة، وهو سنٌ يسبق سن البلوغ، ولا يكون الإنسان في هذا السن مكلّفًا بالعبادة، لكن يؤجر عليها، وفيما يلي سنوضّح حكم إحرام الصغير في الحج سواء كان مميزًا أو غير مميز.

المميز

يجوز الإحرام بالحج للطفل المميز ولكن بإذن وليه ولا يصحُّ بغير ذلك، وقد ورد عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنَّه كان يحج مع صبيانه، وكان يرمي عمّن لم يستطع الرمي، ومن استطاع ذلك فكان يدعه يرمي بنفسه، أمّا من كان مميزًا بالغًا فيحق له بإجماع أهل العلم الحج والإحرام وأداء مناسك الحج، وتقبل منه كحجّة الإسلام، والله أعلم.

اقرأ أيضا: هل يشترط الوضوء للاحرام

غير المميز

إن كان الطفل غير مميز، فيجوز له الإحرام بالحج، ويحرم عنه وليّه ويرمي عنه، ويقوم وليّه بما لا يستطيع فعله، ولكنّ ذلك لا يغني عن حجّة الإسلام، ويجب عليه الحج مرّة أخرى بعد البلوغ، وقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، أَلِهذا حَجٌّ؟ قالَ: “نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ” (( الراوي : كريب مولى ابن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1336 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) ولا شكَّ في أنَّ تعليم الطفل وتنشئته على العبادات والأخلاق الإسلامية هو أمرٌ يؤجر عليه الطفل وأهله، والله أعلم.

اقرأ أيضا: حكم الاضطباع في العمرة للرجل

شروط الإحرام

شروط_الإحرام

تعدّدت آراء العلماء في شروط الإحرام، وبيانها على النحو الآتي:

الشرط الأول: الإسلام، إذ اتّفق العلماء جميعهم على أنّ الإسلام شرط من شروط الإحرام لا يصحّ إلّا به.

الشرط الثاني: النيّة، فقد اتّفق العلماء على اشتراط النيّة لصحّة الإحرام، وذهب العلماء إلى أنّ الحجّ يقع إن أطلقَ الحاجّ النيّة، ولم يكن قد حجَّ سابقاً، واتّفقوا على أنّ النيّة الخاصّة بنُسك الفرض لا يُشترَط فيها تعيين كونه فرضاً، وإن كانت النيّة خاصّة بنُسك النَّفل، فإنّها تقع عمّا نوى عليه صاحبها، وذهب إلى ذلك الحنفيّة في المعتمد عندهم، والمالكيّة، وفي رواية عند أحمد، وقال به ابن المنذر، وسفيان الثوريّ.

بَينما ذهب الشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ مَن أحرمَ بالنَّذْر، أو النافلة ولم يكن قد حَجّ، فإنّه يقع عن حجّ الفرض، وقال بهذا أيضاً ابن عمر، وأنس، كما أنّهم ذهبوا إلى أنّ من أحرمَ حاجّاً عن غيره ولم يكن قد حَجّ عن نفسه، فإنّ حجّته تكون عن نفسه، وعليه أن يُعيدَ ما أخذَه من غيره، وقال بهذا أيضاً الأوزاعيّ، وتجدر الإشارة إلى أنّ النيّة مَحلُّها القلب، ولا يصحّ الحجّ ولا العمرة إلّا بها.

الشرط الثالث: التلبية، ذهب الحنفية إلى أنّ التلبية أو ما يقوم مَقامها، كالتسبيح، والتهليل، تُعَدّ شرطاً لصحّة الإحرام أيضاً، ووواجباً عند المالكيّة أيضاً، فإذا تُرِكت فلا بدّ من الهَدي إلّا إذا انعقد الإحرام بدونها من فعل أو قول متعلّق به، بينما ذهب الإمامان؛ الشافعيّ، وأحمد بن حنبل إلى أنّها سُنّة في اتِّصالها بالإحرام، وهي كما أوردها ابن عبّاس -رضي الله عنهما-، عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ قال: (كانتْ تَلبيةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَبَّيْكَ اللَّهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَريكَ لك لَبَّيْكَ، إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لكَ، والمُلْكَ لا شَريكَ لكَ). (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 1549 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))

قد أجمع العلماء على استحباب الاقتصار على الثابت مرفوعاً إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فيما اختلفوا في الزيادة؛ فذهب أبو حنيفة، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل إلى أنّه لا بأس في الزيادة التي في الحديث الذي أورده نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، إذ قال: (إنَ عبدُ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه يَزِيدُ مع هذا: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بيَدَيْكَ لَبَّيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ). (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1184 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))

واستدلّوا بأنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يسمع الناس يزيدون، فلا ينكر عليهم ذلك، ممّا يدلّ على جوازها، بينما قال مالك، وأبو يوسف، والطحاويّ أنّ الزيادة على الصيغة أمر مكروه.

أمّا مَن أراد الحجّ، أو العمرة، فإنّ عليه إذا ما وصل إلى الميقات أن يتجرَّد من ملابسه، فيُنظِّف نفسه، ويغتسل، ويتطيّب، ويرتدي كلّاً من الإزار والرداء؛ والإزار لباس يُغطّى به النصف الأسفل من الجسد، فإن لم يجده، فإنّه يلبس السروال.

بينما يُغطّي الرداء النصف الأعلى من الجسد في ما عدا الرأس، إضافةً إلى أنّه يرتدي نعلَين في قدمَيه، فإذا لم يجدهما، فلا بأس في ارتداء الخُفَّين؛ وذلك للحديث الوارد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، إذ قال: (نَهَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَلْبَسَ المُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بزَعْفَرانٍ أوْ ورْسٍ. وقالَ: مَن لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ). (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 5852 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))

اقرأ أيضا: لمن الحالة التي يجوز فيها تجاوز الميقات من غير إحرام

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *