التصديق التام والاعتقاد الجازم بوجود الله
التصديق التام والاعتقاد الجازم بوجود الله هو من شروط صحة العقيدة، حيث يجب على الإنسان الإقرار بوجود الله -تعالى- واستحقاقه للعبادة وحده، وأن الله -سبحانه- خالق هذا الكون وما فيه، والمُتحكّم فيه، وبيَدِه الرِّزق والتدبير، ويجب الإقرار والإيمان بأسماء الله -تعالى- وصفاته التي دلّت عليها الآثار من القرآن الكريم والسنّة النبويّة، فالله لا يشبه أحداً، وهو متفرِّدٌ في ذاته وصفاته وأسمائه.
التصديق التام والاعتقاد الجازم بوجود الله هو
إنَّ التصديق التام والاعتقاد الجازم بوجود الله هو التعريف الاصطلاحي للإيمان بالله -عزَّ وجلَّ- إنّ للإيمان ستّة أركان كما ورد في حديث جبريل -عليه السلام- لَمّا قدِم للنبي -عليه الصلاة والسلام- يسأله عن الإيمان، فأخبره رسول الله بأنّ أوّل ركنٍ هو الإيمان بالله -تعالى-، ثم بالملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، ومما يدل على ذلك ما رواه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّ جبريل سأل النبيّ: (فأخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ، قالَ: أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ). (( الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 8 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
ويجب الإيمان والتصديق بجميع هذه الأركان، فلا يصحّ إيمان العبد بجزءٍ منها أو ترْك بعضها، ولا يُطلق على العبد مؤمناً ما لم يُقرّ ويُصدّق بهذه الأركان جميعها.
اقرأ أيضا: أحاديث عن الايمان
لكي يحقق المسلم التصديق التام والاعتقاد الجازم بوجود الله هو، فإنَّه لا بدَّ له من تحقيق أربعة أمور، وهي:
الإيمان بوجود الله تعالى
هناك العديد من الأدلة العقلية والفطرية التي تدلُّ على وجود الله -عزَّ وجلَّ- منها:
- أما دلالة الفطرة على وجود الله: فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ”. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4775 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
- وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى؛ فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجِدَ نفسها بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة.
الإيمان بربوبية الله تعالى
إنَّ من مقتضيات التصديق التام والاعتقاد الجازم بوجود الله هو الإيمان بربوبيته، وهذا يعني أنَّه لا بدَّ للمسلم أن يؤمن بأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- هو وحده الرب والمدبر، ولا معين له، فالله -عزَّ وجلَّ- هو الخالق والمدبر والملك، فلا خالق ولا مدبر ولا ملك غيره، وإله ترجع كلَّ الأمور.
وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}، وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ}، وقوله تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ}، وقوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}.
اقرأ أيضا: هل تعلم عن الايمان
الإيمان بألوهية الله تعالى
أي أن يؤمن المسلم بأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- هو المعبود وحده حبًا وتعظيمًا، وإنَّ كلَّ ما اتخذَّ آلهةً غير الله فألوهيته باطلة، ودليل ذلك قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}.
الإيمان بأسماء الله وصفاته
الإيمان بأسماء الله وصفاته هو أن أن يثبت المسلم لله -عزَّ وجلَّ- ما أثبته الله -عزَّ وجلَّ- لنفسه في كتابه، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل.
ومما يدلُّ على ذلك في كتاب الله -عزَّ وجلَّ- قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، ولا بدَّ من التنبيه إلى أنَّ هناك أربعة من الأمور التي تنافي توحيد الأسماء والصفات، وهي:
- التحريف: والمراد به تغيير معنى نصوص الكتاب والسنة من المعنى الحق الذي دلت عليه، والذي هو إثبات الأسماء الحسنى والصفات العلى لله تعالى إلى معنى آخر لم يرده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
- التعطيل: في الأسماء الحسنى والصفات العلى أو بعضها عن الله تعالى.
- التمثيل: وهو تمثيل صفة الله تعالى بصفة المخلوق، فيقال مثلاً: إن يد الله مثل يد المخلوق.
- التكييف: وهو تحديد الكيفية والحقيقة التي عليها صفات الله تعالى، فيحاول الإنسان تقديراً بقلبه، أو قولاً بلسانه أن يحدد كيفية صفة الله تعالى.
اقرأ أيضا: حكم من تاب من الشرك
مكانة الإيمان
الإيمان بالله -تعالى- من أعظم الأركان، ويكون بالتّصديق الجازم بوحدانيّة الله -عز وجل-، وإفراده بالعبادة دون سِواه، وهو أول الأركان وأساسها، ويتضمّن إيمان العبد بالله على توحيده -عز وجل-، وتوحيد أسمائه وصفاته، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وقد أُطلق على الدين الإسلامي دين التوحيد؛ لأنه مبنيٌّ على أساسٍ مهمٍّ وعظيمٍ؛ وهو الإيمان بالله -تعالى- وحده لا شريك له.
اقرأ أيضا: شرح حديث جبريل عليه السلام يبين مراتب الدين الثلاث