شرح حديث جبريل عليه السلام يبين مراتب الدين الثلاث

حديث جبريل عليه السلام يبين مراتب الدين الثلاث من أعظم الأحاديث التعليمية بأسلوبه وطريقته وأسئلته وبساطة عباراته وآداب السائل وتواضع المسؤول وإجابته عن كل سؤالٍ، وقد روِّي هذا الحديث عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة -رضي الله عنهما- في صحيحَيْ مسلم والبخاري والأربعين النووية.

شرح حديث جبريل عليه السلام يبين مراتب الدين الثلاث

حديث جبريل عليه السلام يبين مراتب الدين الثلاث

عن عُمَر بن الخَطَّابِ قالَ: بينما نحن عند رسولِ اللهِ ذات يومٍ، إذ طلع علينا رجلٌ شديدُ بياضِ الثيابِ، شديدُ سوادِ الشعرِ، لا يُرى عليه أثرُ السفرِ ولا يعرفه منا أحدٌ، حتى جلس إلى رسولِ اللهِ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخِذيه، ثم قال: يا محمدُ أخبرني عن الإسلامِ؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسولُ اللهِ، وتقيمَ الصلاةِ وتؤتيَ الزكاةِ، وتصومَ رمضانَ، وتحجَّ البيتَ إنِ استطعتَ إليه سبيلًا. قال: صدقتَ فعجِبنا إليه يسأله ويصدِّقُه.

ثم قال: أخبرني عن الإيمانِ؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكتِه وكتبه ورسلهِ واليوم الآخرِ والقدر كله خيرِه وشرهِ قال: صدقتَ. قال: فأخبرني عن الإحسانِ؟ قال: أن تعبد اللهَ كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

قال: فأخبرني عن الساعةِ؟ قال: ما المسؤولُ عنها بأعلمَ بها من السائلِ قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: أن تلدَ الأمةُ ربتَها وأن ترى الحفاةَ العراةَ العالةَ رعاءَ الشاءِ، يتطاولون في البنيان. قال عمرُ : فلبثتُ ثلاثًا، ثم قال لي رسولُ اللهِ: يا عمرُ هل تدري من السائلُ قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلمُ قال: فإنه جبريلُ -عليه السلام-أتاكم ليعلمَكم أمرَ دينِكم”. [1]

اقرأ أيضا: لماذا سمي جبريل بالروح

مراتب الدين

مراتب الدين

  • الإسلام: وهي المرتبة الأولى من مراتب الدين، وأركان الإسلام خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلًا.
  • الإيمان: وأركانه عددها ستة، وهي: الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشرّه.
  • الإحسان: وهو ركنٌ واحدٌ يؤدي إلى إحسان المرء في عبادة ربّه.

اقرأ أيضا: أحاديث عن الثبات على الدين

شرح حديث جبريل عليه السلام

شرح حديث جبريل

يصف راوي الحديث عمر بن الخطاب هيئة الرجل القادم إلى الجالسين بصفاتٍ لا تدل على أنه ابن سبيلٍ ويجلس مباشرةً إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- جلوسًا لصيقًا ثم يبدأ بطرح الأسئلة التعليمية للصحابة ومن ثم للأُمة جمعاء.

يبدأ أول أسئلته عن الإسلام وهو الدائرة الكبرى التي تشمل كل من نطق بالشهادتيْن وهو أول أركانه يليه الصلاة والزكاة والصوم والحج فإجابة الرسول الكريم هذه تلقى التصديق عند السائل مما يثير استغراب واستهجان الصحابة عن رجلٍ يسأل عن أمر لا يعلمه وفي ذات الوقت يُصادق على قول المُجيب.

ثم ينتقل السائل إلى السؤال الثاني: عن الإيمان وهي الدائرة الأصغر والتي تشمل كل من آمن بالله تعالى إيمانًا حقيقيًّا لا يشوبه شركٌ، فيجيب الرسول الكريم بأنّ الإيمان هو إيمانٌ بالله تعالى ثم باقي أركان الإيمان وهي: الملائكة والكتب السماوية والرسل واليوم الآخر -يوم القيامة وما يترافق معه من البعث والعرض والحساب والجزاء- والإيمان بالقدر المكتوب على العبد سواءً خيرًا أم شرًّا، فيصادق السائل على هذه الإجابة أيضًا.

ثم يطرح السؤال الثالث عن دائرة الإسلام التي تشمل أقل الأعداد ألا وهي دائرة المحسنين، فيسأل عن الإحسان وأركانه فيجيب الرسول الكريم بأنه عبادة الله تعالى مستحضرًا وجوده معك في كل عملٍ أو قولٍ، فإن عجز العبد عن استحضار معية الله معه فعليه أن يؤمن إيمانًا راسخًا بأن الله مطلع على كل أعماله وأقواله فيتصرف العبد وِفق هذيْن المبدأيْن فيكون بذلك من المحسنين الذين امتدحهم الله في أكثر من موضعٍ في القرآن الكريم، وتجدر الإشارة إلى أنّ كل مُحسنٍ هو مؤمن ومسلم لكن ليس كل مسلم أو مؤمن محسن؛ فهي مراتب أدناها الإسلام وأعلاها الإحسان.

يسأل السائل الرسول الكريم سؤالًا هو موضع تساؤل الناس منذ الأزل ألا وهو قيام الساعة خاصةً مع إنكار غالبية الأمم لهذا الأمر، فيجيبه الرسول الكريم بأن السائل والمسؤول لا يعلمانها فهي مخفيةٌ عن جميع الخلائق بما فيهم الأنبياء والملائكة ثم يُخبر رسول الله عن علامات الساعة الدالة على اقتراب موعدها وهي جزءٌ من مجموع علامات الساعة الصغرى وهي:

  • ولادة الأَمة ربتها: أي زواج الأسياد بالإماء فتنجب تلك الأَمة بنتًا لها مكانة وشرف من شرف وسيادة أبيها فتعلو بذلك على منزلة أمها، وقد حصل ذلك في العهد الأول من الإسلام حين كثُرت الفتوحات الإسلامية وزالت بزوال مفهوم الرِّق والعبودية، وقال أهل العلم في تفسير هذه الأمارة هو كثرة عقوق الوالديْن في المجتمع بحيث تقلل وتحقر البنت من شأن أمها لكثرة عقوقها وكأنها أَمةٌ.
  • الثراء والغنى الفاحش لمن عُرف عنهم شدة الفقر وضنك العيش حتى وصفهم الحديث بالحفاة والعراة رعاة الأغنام وهم من قال عنهم النووي -رحمه الله- أهل البادية ومن على شاكلتهم قد بُسطت لهم الدنيا فأصبحوا ذوي أملاكٍ ومبانٍّ شامخة وهي موضع تسابق فيما بينهم أيهم يكنْ بنيانه أكثر طولًا.

وبعد مرور ثلاثة أيامٍ يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن الخطاب -رضي الله عنه- إذا كان يعرف من الرجل السائل ذلك اليوم فيُنكر عمر معرفته بالرجل، فيقول رسول الله: أنّ هذا هو حديث جبريل عليه السلام يبين مراتب الدين الثلاث ومبادئه الراسخة المتعلقة بيوم القيامة.

اقرأ أيضا: أحاديث عن جبريل عليه السلام

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

المراجع
  1. الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 8 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] []

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *