ماذا كان اهل الجاهلية يسمون محمد قبل البعثة

أعدَّ الله -سبحانه وتعالى- سيّدنا محمداً -صلى الله عليه وسلم- للنبوَّة منذ نعومة أظفاره؛ فالمُتتبّع لسيرته يستطيع أن يُلاحظ ذلك من خلال النظر إلى حياته المليئة بالهدى والنور، والكمال والفضل، والخير والحق، ومن خلال النظر إلى شخصه المُبرّأ من كل عيبٍ ومن كل نقص، فهو كالنور المُنبعث من وسط الظلمة، والدليل على ذلك كان اهل الجاهلية يسمون محمد قبل البعثة بأفضل الألقاب الأخلاقية التي تدل على احترامهم له.

كان اهل الجاهلية يسمون محمد قبل البعثة

كان اهل الجاهلية يسمون محمد قبل البعثة

كان اهل الجاهلية يسمون محمد قبل البعثة بالصادق الأمين، فقد كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- معروفاً بأمانته، وعندما أراد الهجرة كانت أمانات أهل قريشٍ عنده، فجعلها عند عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- ليُعيدها إلى أهلها، وكان صادق الحديث، وشهد له بذلك أعداؤه، ولمّا بعثه الله وأمره أن ينذر عشيرته الأقربين، قال -صلى الله عليه وسلم-: (أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم، أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نَعَمْ، ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلَّا صِدْقًا). (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4770 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))

وكان بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من الصّفات الحسنة قبل البعثة ما يدلّ عن نبوّته، وهي ما قالتها عنه السيدة خديجة -رضي الله عنها- في بدء النبوة: (أبْشِرْ فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، فَوَاللَّهِ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ). (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4953 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) وتعتبر هذه الحياة الكريمة الفاضلة قبل البعثة وبعدها من دلائل نبوّته -صلوات الله عليه-.

استمرّت حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى سن الخامسة والعشرين حياةً بسيطة، وكان لا يزال عازباً في تلك الفترة، لأنَّه لم يكن يملك الصداق الكبير الذي قد تطلبه إحدى شريفات مكة، مع أنَّه كان محلّ احترام، وموضع ثقةٍ عند أهل قريش، حتى إنهم قالوا عندما رأوه: (هذا الأمينُ رَضِينا، هذا محمَّدٌ)، وقد ذكر ابن الأثير أنَّ سبب زواجه بالسيدة خديجة -رضي الله عنها- هو أمانته، واتّصافه بكرم الأخلاق، وصدق الحديث، مما جعلها تطلبه ليخرج في مالها للتجارة في الشام، ورافقه غلامها ميسرة، وعندما عاد ميسرة حدّها عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وعن أخلاقه، فقرّرت الزواج به.

وعُرفت أمانة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد البعثة من خلال تأديته للأمانة الكبرى والرسالة العظمى، بالإضافة إلى تَحَمُّل أعظم أنواع المشقّة بسببها، وقد كان معلماً حكيماً وقرآناً ناطقاً يمشي على الأرض، ونوراً تُضاء به العقول والقلوب والأرواح، وكان يمتاز بجوده وإيثاره وإطعامه للمساكين من قبل أن يكون رسولاً، لذلك وُصف بأنَّه كالريح المرسلة، وأنه يُعطي عطاء من لا يخشى الفقر، كيف لا وقد أدّبه ربه، وفطَره على مكارم الأخلاق.

اقرأ أيضا: أحاديث عن الاخلاق الاسلامية

نسب النبي

نسب النبي

إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشرف ولد آدم حسبا، وأفضلهم نسباً، من قبل أبيه وأمه، وقد ورد عنه أنَّه قال: (إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنانَةَ مِن ولَدِ إسْماعِيلَ، واصْطَفَى قُرَيْشًا مِن كِنانَةَ، واصْطَفَى مِن قُرَيْشٍ بَنِي هاشِمٍ، واصْطَفانِي مِن بَنِي هاشِمٍ). (( الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2276 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))

وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، واسم عبد المطلب شيبة، ابن هاشم واسمه عمرو، ابن عبد مناف واسمه المغيرة، ابن قصي واسمه زيد، بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ بن النضر بن كنانة بن خزيمة ابن مدركة، واسمه عامر بنِ إِلْيَاسَ بنِ مُضَرَ بنِ نزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عدنان، وعدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم -صلى الله عليهما وعلى نبينا وسلم-.

اقرأ أيضا: سبب بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم

مكانة أفعال الرسول قبل البعثة

النبي محمد قبل البعثة

تنقسم أفعال الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة بالنسبة لنا إلى قسمين: فالقسم الأول أفعال وأمور فعلها قبل البعثة وبعدها، وجاء الأمر بمشروعيّتها إما من باب الاستحباب أو الوجوب، ومثال ذلك: وفائه بالعهد، وإكرامه للضيف، وإعانته للملهوف، وإعانته على نوائب الحق، فهذه أمور علينا الاقتداء به فيها، ليس لأنَّه فعلها قبل البعثة فحسب، وإنما لأنَّه أقَرّها بعد البعثة وأصبحت تشريعاً لنا.

أمّا القسم الثاني: فهي أمورٌ فعلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة، لكن لم يثبت تشريعها في حقّنا، لورود ما يعارضها أو ينسخها بعد البعثة.

وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الإجماع على أنَّ المفروض على المسلمين اتّباعه والإيمان به والعمل بما جاء عن الرسول بعد النبّوة، فإذا قام شخصٌ بترْك صلاة الجمعة والجماعة، وذهب للتعبّد في غار حراء أربعين يوماً؛ لا يعتبر متَّبِع لسنة الرسول؛ لأنَّ هذه الأمور من الأفعال التي تركها بعد النبوّة.

والدليل على ذلك أنه لم يقم أحدٌ من الصحابة بفعل ذلك، ويَعْتبر المحدّثون أن كلّ ما ورد عن الرسول في كل وقتٍ قبل البعثة وبعدها من السُّنة، لذلك هم يروونها في كتبهم، مع أنَّ حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة؛ أي في طفولته وشبابه، تميّزت بالمثالية التامة، وحُسن السلوك، وخير الأخلاق، والرعاية والحفظ الإلهي، لكن لا يصحّ القول إنها مصدراً للتشريع، وذلك لأنَّه لم يكن نبيّاً معصوماً، ولم يوحَ له بعد.

اقرأ أيضا: أحاديث عن شمائل الرسول

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3
مصدر 4
مصدر 5

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *