أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم على النبي عليه الصلاة والسلام في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك، وهو معجزة النبي الخالدة، فيه من التعاليم والقواعد ما تُسيّر حياة البشر، حيثُ يبلغ عدد سوره مئة وأربع عشرة سورة، لكل سورة وآية فضل كبير، ولكن هناك فرق في الأفضلية بين آيات القرآن الكريم؛ لذلك يجب على كل مسلم ومسلمة التعرف على أفضل آية في القرآن الكريم.
أفضل آية في القرآن
إنَّ أفضل آية في القرآن الكريم هي آية الكرسي، ودليل ذلك ما ورد عن أبي بن كعب أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال: “يا أبا المنذرِ ! أتَدري أيُّ آيةٍ من كتابِ اللهِ معَك أعظَمُ؟ قال : قُلتُ : اللهُ ورَسولُه أعلمُ. قال : يا أبا المنذِرِ! أتَدري أيُّ آيةٍ من كتابِ اللهِ معَكَ أعظمُ؟ قلتُ : اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. قال : فضَربَ في صَدري؛ وقال: واللهِ لِيَهْنِكَ العلمُ أبا المنذرِ! والَّذي نَفسي بيدِه إنَّ لهذه الآيةِ لِسانًا وشَفتيْنِ تُقَدِّسُ المَلِكَ عِندَ ساقِ العَرشِ”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب، الصفحة أو الرقم: 1471 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
رتب الله -عزَّ وجلَّ- على قراءة آية الكرسي فضائل عديدة، منها: أنَّها سبب لدخول الجنة، ودليل ذلك ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ، إلَّا الموتُ”. (( الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : ابن حبان | المصدر : بلوغ المرام، الصفحة أو الرقم: 97 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
تُعدّ قراءة آية الكرسي سببًا لحفظ المسلم من الشيطان، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إذَا أوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، حتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ؛ فإنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، ولَا يَقْرَبَنَّكَ شَيطَانٌ حتَّى تُصْبِحَ”. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب، الصفحة أو الرقم: 610 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
اقرأ أيضًا: آخر آيتين من سورة البقرة
تفسير أفضل آية في القرآن
بعدما أوضحنا أنَّ آية الكرسي هي أفضل آية في القرآن الكريم، لا بدَّ من بيان تفسيرها، وقد احتوت آية الكرسي على عشرِ جملٍ مستقلة، وفيما يأتي بيان تفسيرها:
- قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، إخبارٌ بأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- هو المنفرد بالألوهية لجميع الخلائق، فلا معبود بحقٍّ إلاَّ هو، وهو المستَحق للعِبادة، وبهذه الكلمة أرْسَل الله الرُّسل، وأنزَل الكُتُب، وعليها قامت السماوات والأرض، ومِن أجْلها خَلَق الله الجنَّة والنار.
- قوله تعالى: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، أي أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- هو الحي في نفسه الذي لا يموت أبدًا، القَيِّم لغَيْره، ولا قوام للموجودات دون أمره.
- قوله تعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}، أي أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- لا يغلبه نعاسٌ ولا نومٌ.
- قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}، يعني أنَّ جميع المخلوقات عبيده وفي ملكه، وتحت قهره وسلطته.
- قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}، وهذا توضيحٌ من الله -عزَّ وجلَّ- بأنَّ لا أحد يتجاسر أن يشفع لأحدٍ، إلَّا من أذن له الله -عزَّ وجلَّ- بالشفاعة، وهذا دليلٌ على عظمة الله -عزَّ وجلَّ- وكبريائه.
- قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}، هذه الآية تدلُّ على إحاطة علْمِ الله -عزَّ وجلَّ- بجميع الكائنات؛ ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
- قوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}، أي لا يطَّلع أحدٌ على شيءٍ مِن عِلْم الله، إلاَّ بما أعْلَمَه الله -عزَّ وجلَّ-، وإنَّ كل ما وصَل إليه الإنسان من عِلْم، فهو بإذن الله.
- قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}، قال ابن عباس: أنَّ الكرسي هو موضع قدم الله -عزَّ وجلَّ- أمَّا العرش فإنَّه لا يقدِّر قدره إلا الله.
- قوله تعالى: {وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا}، أي أنَّ حفظ السماوات والأرض وما بينهما ومن فيهما لا يشتدَّ ولا يثقل ولا يصعب على الله -عزَّ وجلَّ- بل ذلك سهلٌ ويسيرٌ عليه.
- قوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}، أي أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- عليٌ بذاته على جميع مخلوقاته؛ عُلُو منزلة، وعلو قهْرٍ وسلطان، وهو العظيم -سبحانه وتعالى- الكبير المتعال.
اقرأ أيضًا: موضوعات ومضامين سورة البقرة
الدروس المستفادة من آية الكرسي
إنَّ للقرآن الكريم أهمية بالغة في حياة المسلم حيث إنَّ كلَّ ما في حياته مرتبطٌ في هذا الكتاب العظيم الخالد فبه يعرف المسلم عقيدته وعباداته وكيف يرضي ربه، كما أنَّ به ما يحتاج إليه من التوجيهات والإرشادات لتستقيم حياته، وعلى ذلك لا بدَّ للمسلم من أن لا يكتفي بقراءته فحسب بل عليه أن يتدبره ويفهم ما به ويستخرج منه الثمرات التي تعينه على إكمال حياته وفق ما شرع الله -عزَّ وجل- وفيما يأتي بعض الثمرات المستفادة من أفضل آية في القرآن الكريم:
- إذا علم المسلم أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- هو الحيُّ القيوم وحده، وأنَّ ما عداه من الخلق أمواتٌ لا محالة، علموا أنَّ هؤلاء الذين في القبور والأضرحة لا يقدرون على شيء، ومن هنا عليه أن يحذر من الاستغاثة بهم أو دعائهم والطلب منهم.
- إن علم المسلم أنَّ الشفاعة بيد الله وحده، فإنَّه يتوجب عليه عدم طلب الشفاعة من سواه.
- لو علم المسلم أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- عليٌ على جميع مخلوقاته، وأنَّه عليٌ عليهم علو منزلة وقهرٍ وسلطان، سيدرك حينها أنَّه لا ملجأ له من الله إلَّا إليه، وأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- هو حسبه ونعم الوكيل.
اقرأ أيضًا: آيات قرآنية مؤثرة