هل سورة مريم مكية ام مدنية

ترتيب سورة مريم بين سور القرآن الكريم هو التّاسع عشر، في الجزء السادس عشر، والحزب الواحد والثلاثين، كان نزولها بعد سورة فاطر، وتُصنّف من السور المثاني، فيما يبلغ عدد آياتِها 98 آيةً، ومن الأسئلة الشائعة بين الكثير من الناس هل سورة مريم مكية ام مدنية من حيث نزولها.

هل سورة مريم مكية ام مدنية

تُعدُّ سورة مريم من السّور المكيّة؛ إذ إنَّ أغلب آياتِها نزلت في مكة المكرمة على النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، باسثناء الآية [58]، والآية [71]؛ فهما آيتان مدنيتان.

سُمّيت هذه السورة بسورة مريم نسبة إلى مريم العذراء، أم النبي عيسى عليه السلام، فتعرض السورة معجزةَ السّيدة مريم العذراء، وميلاد سيدنا عيسى عليه السلام، وقد ابتدأت بقوله تعالى: {كهيعص}، وهي حروف مقطعة لا يمكن عدّها كلمةً واحدةً، وذُكِرت في تفسير الجلالين (بأن الله أعلم بمراده بذلك)، وتفسيرها غير معروف عند معظم المفسرين، وقد قال عبد الله بن عباس: (هو اسم من أسماء الله تعالى)، بينما قال قتادة بن دعامة: (هو اسم من أسماء القرآن)، فيما قيل في مواضع متفرقة بأنّها اسم آخر للسّورة، ويقول البعض بأنّها قسم أقسم الله به.

اقرأ أيضا: موضوعات ومضامين سورة مريم

أسباب النزول

 سورة مريم

ذُكر في صحيح البخاري عن أسباب نزول سورة مريم، عندما سأل أصحاب النّبي عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين، لكن نزول الوحي على النّبي محمد صلى الله عليه وسلم قد تأخر؛ فشّق ذلك عليه مشقةً شديدةً، فلما نزل جبريل أخيرًا بالوحي قال له النبي محمد عليه أفضل الصّلاة والسلام: (يا جبريلُ ! ما منعك أن تزورَنا أكثرَ ممَّا تزورُنا ؟ فنزلت وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا). [1]

ومن أسباب نزول السورة غرس المودة والرحمة في قلوب المؤمنين الصالحين، وقد ذُكر ذلك في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)، فعن عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ قال: لما هاجرتُ إلى المدينةِ وجدتُ في نفسي على إخواني بمكَّةَ شيبةَ بنِ ربيعةَ وعتبةَ بنِ ربيعةَ وأميةَ بنِ خلفٍ فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ: هذه الآية. [2]

نزلت إحدى آيات سورة مريم في أُبيّ بن خلف، حين قام بتفتيت عظام بالية بيده وقال: “زعم لكم محمد أنّا نبعث بعدما نموت”، قال تعالى: (وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا). [3]

كما نزلت آية من آيات السورة في العاص بن وائل السهمي وقد كان من المشركين، وكان لخباب بن الأرت دين عنده، ولكن العاص كان يؤخّر حقه، فذهب إليه ليقاضيه، فقال العاص: “لا أقضيك حتى تكفر بمحمد!”، ورفض خباب ذلك وقال: “لا أكفر حتى تموت وتبعث”، وعندها استهزء العاص بكلامه قائلاً: “إني إذا مت ثم بعثت؛ جئني وسيكون لي ثم مال وولد فأعطيك”، قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا). [4]

اقرأ أيضا: فوائد من سورة مريم

محاور سورة مريم

سورة مريم

تتضمن سورة مريم محاور تُعدُّ قريبةً من المحاور الموجودة في السّور المكية عامّةً؛ فهي تتناول المواضيعَ المتعلقة بوحدانية الخالق، والبعث، والحساب، والجزاء، وغيرها، وأكّدت أيضًا أنَّ الله سبحانه وتعالى مُنزَّه عن أن يكون له ولد، ذلك أنه جلَّ وعلا؛ لم يلدْ ولم يولدْ، وفي آيات أخرى تطرقت لسرد عدّة قصص من قصص الأنبياء، لتكون بذلك عبرة للناس.

ورد في سورة مريم ذكر قصص بعض الأنبياء، وهي كما يأتي:

  • في قوله تعالى {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا، قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ، قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}، تظهر قصة سيدنا زكريا عليه السلام، وفيها دليل على عظمة الله تعالى، وأنّه سبحانه قادر على فعل أيِّ شيء، فأمرُه بين الكاف والنون، ليقول للشيء الذي أراده كنْ فيكون، وتتجلى قدرة الله بقصة حَمْل وولادة امرأة سيدنا زكريا، لنبي الله يحيى، وقد كانت طاعنة في السّن.
  • قصة مريم العذراء نفسها، وابنها النّبي عيسى عليهما السلام، فقد كانت دليلًا وبرهانًا واضحًا على قدرة الله في الخلق، ذلك أَنَّ الله سبحانه وتعالى خلق سيدنا عيسى عليه السّلام من غير أب، كما أنّه بإعجازهُ وقدرته؛ جعله يتكلم في المهد وهو صغير، ليكون كلامه إثباتًا لكافة الناس على طهارة أمِّهِ السّيدة مريم، وينفي عنها الشّبهات نفيًا قاطعًا، كرامة من الله تعالى.
  • قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع قومِهِ وأبيه، حين دعا سيدنا إبراهيم أباه إلى عبادة الله الواحد، لكنه لم يستجب له، فاعتزله هو وقومه لإصرارهم عليه أن يعودَ لهم ويعبد آلهتهم، فما كان منه إلا أن تحمّل المشاق في سبيل الدّعوة، ليُكرمه الله تعالى بالذّرية الصّالحة، التي كانت قدوةً للعالمين جميعًا.
  • قصة نبي الله موسى عليه السلام، كان لها نصيبٌ من سورة مريم؛ فقد كرّمه الله فجعله مُخْلَصًا ورسولًا كريمًا، ليكون صاحب العزم القوي في الدعوة إليه، كما أنّه منّ عليه، فوهبه أخيه هارون ليعينه في الدعوة.

اقرأ أيضا: فضل سورة مريم

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

المراجع
  1. الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4731 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] []
  2. الراوي : والد أم إبراهيم | المحدث : العقيلي | المصدر : الضعفاء الكبير، الصفحة أو الرقم: 4/445 | خلاصة حكم المحدث : صحيح []
  3. الراوي : قتادة بن دعامة | المحدث : الزيلعي | المصدر : تخريج الكشاف، الصفحة أو الرقم: 3/167 | خلاصة حكم المحدث : صحيح []
  4. الراوي : خباب بن الأرت | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4735 | خلاصة حكم المحدث : صحيح []

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *