مقاصد سورة التكاثر
سورة التكاثر واحدة من قصار السور في القرآن الكريم فهي السورة الثانية بعد المائة في ترتيب المصحف الشريف ويبلغ عدد آياتها ثمان آيات كريمة، تقع في الجزء الثلاثين بعد سورة القرعة وتليها سورة العصر، وهي من السور المكية التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة، وتعظم مقاصد سورة التكاثر لأنها تتضمن تحذيرًا للناس من الانشغال بمغريات الحياة الدنيا دون الاستعداد للدارة الآخرة.
مقاصد سورة التكاثر
تتمثل مقاصد سورة التكاثر الإجمالية في التأكيد على أن سبب هلاك الإنسان يوم القيامة هو إلتهاءه بالتكاثر وانشغاله به عن العلم العبادة والعمل للآخرة. ثمّ الوعيد والتهديد الشديد تخويفاً وتنبيهاً لهم بأنهم سيعلمون عاقبة انشغالهم، وأنهم سيحاسبون وينالون الجزاء العادل يوم القيامة.
جاءت مقاصد سورة التكاثر بحسب ترتيب آياتها على النحو التالي:
مقاصد سورة التكاثر من الآية 1 حتى 4
قال تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}، ويعد هذا وَعِيد بعد وعيد؛ والمقصود من هذه الآيات هو أنَّ الناس شغلهم حب الدنيا والمال والبنون، حتَّى تخطفكم الموت في غفلة من أمركم، ثمَّ يأتي الوعد والوعيد الإلهي في الآية الثالثة والرابعة، والمقصودون بالوعيد هم الكفار.
مقاصد سورة التكاثر من الآية 5 حتى 8
قال تعالى في سورة التكاثر: { كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}، أي لو تعلمون أيها الناس علم اليقين لما ألهتكم الحياة الدنيا عن طلب اليوم الآخر والعمل له والتجهيز لملاقاة الله فيه.
ثمَّ يفسّر الله تعالى الوعيد المذكور في قوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}، أي سوف ترون الجحيم، والجحيم هو نار جهنم التي إذا زفرت زفرة خرَّت لها كلُّ تيجان ملوك الإنس والجن، وفي قوله: “{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}، أي سوف تسألون عن نعيم الدنيا الذي أنعم به الله تعالى عليكم من رزق وصحة وعافية، فعلى الإنسان أن قابل النعيم بالشكر والحمد حتَّى يكون سؤاله هيِّنًا يوم القيامة.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة المعارج
لطائف سورة التكاثر
اشتملت سورة التكاثر على بعض اللطائف البيانية وذلك في قوله تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ}، فمن الملاحظ أنّ الله تعالى ذكر مرّة قوله “علم اليقين” ثم قال “عين اليقين”، ومن هنا ينطلق التساؤل عن الفرق بين الحالتين. وقد أجاب الدكتور فاضل عن هذا التساؤل في حديثه عمّا ورد من تأملات في سورة التكاثر بقوله: يجب قبل التعرّف على الفرق بين علم اليقين وعين اليقين معرفة معنى اليقين، واليقين هو الشيء الحقّ الثابت الذي لا يتغيّر، وإنّ علم اليقين هو أن يتيقن المرء من الشيء وأنّ يسلّم به، أمّا عين اليقين هو أن يرى الشيء بعينه ويلمسه بيده ويسلّم به تسليمًا كاملًا بعد رؤيته والتيقّن من وجوده.
يُمكننا أيضًا أن نُلاحظ وجود لفظ “حقّ اليقين” في القرآن الكريم، وهو التيقين من الشيء وتصديقه بعد وقوع، وهو أعلى مراتب اليقين ويليه عين اليقين ثمّ علم اليقين، وقد ضرب السامرائي مثلًا على ذلك بقوله: “علم الناس بالموت هذا علم اليقين، فإذا رأى ملائكة الموت وهو في النزع هذا عين اليقين، فإذا ذاقه صار حق اليقين”.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة الإنسان
مناسبة سورة التكاثر لما قبلها
ترتبط سورة التكاثر بسورة القارعة التي تسبقها في ترتيب سور المصحف الشريف؛ فلما تقدم ذكر القارعة وعظيم أهوالها، أعقب بذكر ما شغل وصد عن الاستعداد لها وألهى عن ذكرها، وهو التكاثر بالعدد والقرابات والأهلين فقال: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} وهو في معرض التهديد والتقريع وقد أعقب بما يعضد ذلك وهو قوله {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
ثم قال {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} وحذف جواب {لو} والتقدير: لو تعلمون علم اليقين لما شغلكم التكاثر، قال صلى الله عليه وسلم “لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً” (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6486 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) وقوله تعالى {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} جواب لقسم مقدر أي والله لترون الجحيم، وتأكد بها التهديد وكذا ما بعد إلى آخر السورة.
اقرأ أيضا: فوائد من سورة التكاثر