مقاصد سورة المطففين

تقع سورة المطففين في الحزب التاسع والخمسين وفي الجزء ذي الرقم ثلاثين، رقم ترتيب السورة في المصحف ثلاثة وثمانون، وعدد آياتها ستة وثلاثون آية، وتعالج مقاصد سورة المطففين قضايا العقيدة كما تدعم السورة الدعوة الإسلامية في مواجهة خصومها الألداء.

مقاصد سورة المطففين

مقاصد سورة المطففين

تتمثل مقاصد سورة المطففين الإجمالية في تأكيد عدل الله وميزانه الدقيق في محاسبة الناس على أعمالهم، وأنه لا بد من بعث العباد يوم القيامة ليحاسبوا، ويعطى كل صاحب حق حقه جزاءاً وفاقاً على ما قدم من عمل في الدنيا، فلا بد من دينونة العباد يوم التناد بإسكان الأولياء أهل الرشاد دار النعيم، والأشقياء أهل الضلال والعناد غار الجحيم، ودل على ذلك الله تعالى بأنه مربيهم والمحسن إليهم بعموم النعمة، ولا يتخيل عاقل أن أحداً يربي أحداً من غير سؤال عما حمله إياه وكلفه به ولا أنه لا ينصف بعض من يربيهم من بعض، واسمها التطفيف أدل ما فيها على ذلك.

جاءت مقاصد سورة المطففين التفصيلية كالتالي:

بدأت سورة المطففين بالتهديد والوعيد لكل الذين يطفِّفون في الموازين ويتلاعبون بها، فينقِصُون حقوق الناس عند ببعهم ويأكلون ما حرَّم الله، قال تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}.

وتشير الآيات بلهجة قاسية إلى العذاب والعقاب الذي أعده الله تعالى لأهل الكفر والشرك والمجرمين جميعًا، قال تعالى: {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}، وتذكرُ الويلات التي سيلاقونها في ذلك اليوم العسير.

ومن مقاصد سورة المطففين أيضًا أنها تصف أحوال الأتقياء المؤمنين الذين سيكون جزاؤهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار في نعيمٍ مقيم عند من لا يضيع عنده مثقال ذرةٍ، قال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}.

وأما في آخرا لآيات فتنطوي سورة المطففين على المقارنة بين عاقبة كلا الفريقين، فريق الكفار الذين ستكون عاقبتهم الهلاك والخسران لأنهم كانوا يستهزؤون بالمؤمنين ويضحكون منهم، وفريق المؤمنين الذين سيضحكون في النهاية من أولئك المجرمين كما كانوا يضحكون منهم في الحياة الدنيا، قال تعالى: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}، وهذا فضل من الله تعالى سيكرِمُ به المؤمنين على صبرهم وإيمانهم في حياتهم الدنيا.

اقرأ أيضا: مقاصد سورة التغابن

لطائف سورة المطففين

سورة المطففين

تضمنت سورة المطففين العديد من اللطائف البيانية ومن ذلك أنه قال تعالى: {اكْتَالُواْ عَلَى النّاس}، ولم يقل: كالوا للنّاس، فالحرف “على” يفيد الاستعلاء، واكتالوا على النّاس، أي: تسلّطوا عليهم بالكيل، وأيضًا اكتالوا على النّاس، أي: أخذوا منهم كامل حقوقهم من الكيل وزيادة، وكالوهم، يعني: أعطوهم، ولكن مع البخس، أيّ: إذا أخذوا منهم يستوفون و”يستوفون” أخذُ كاملِ الحقوق وزيادة، وإذا أعطوهم بخسوهم، وأنقصوهم حقوقهم لتسلّطهم عليهم، ولو قال: “اكتالوا منهم” لما كان فيها تسلّط.

كان البيع والشراء طبيعي، فعندما تكونُ التّجارة طبيعية ليس فيها بخس، وليست من باب التّطفيف فيقال: “كالوا منهم”، فلو قال الله تعالى: “اكتالوا منهم” لكانت تجارة عادلة، بيع وشراء دون تسلّط من أحد المتبايعينِ على الآخر.

وقال تعالى: {وإذا كالوهم}، فلم يقل كالوا لهم، أو كالوه لهم، لأنّهم لم يعطوهم حقّوقهم واللّام تفيد الاستحقاق، فكالوهم يعني لم يعطوهم حقوقهم، فحذفت اللّام الدّالة على الاستحقاق، وجاء بـ “على” للدّلالة على التّسلط، فقول الله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}، تسلّط في الحالتين، فـ “كالوهم” يعني بأنّهم لا يراعون الحقوق لا في الأخذ ولا في العطاء، لذلك توعدهم الله تعالى بالويل.

اقرأ أيضا: تفسير سورة المطففين للأطفال

مناسبة سورة المطففين لما قبلها

سورة المطففين

تتناسب سورة المطففين مع السورة التي تسبقها في ترتيب المصحف الشريف وهي سورة الانفطار، فلما قال سبحانه وتعالى في سورة الانفطار {وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين (10)} وكان مقتضى ذلك الإشعار بوقوع الجزاء على جزئيات الأعمال وأنه لا يفوت عمل، أتبع الآية المتقدمة بجزاء عمل يتوهم فيه قرب المرتكب وهو من أكبر الجرائم، وذلك التطفيف في المكيال والميزان والانحراف عن إقامة القسط في ذلك، فقال تعالى {ويل للمطففين (1)} ثم أردف تهديدهم وتشديد وعيدهم فقال: {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون (4) ليوم عظيم (5)}، ثم التحمت الآي مناسبة لما افتتحت به السورة إلى ختامها.

اقرأ أيضا: أسباب نزول سورة المطففين

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *