مقاصد سورة النجم

سورة النجم من سور المفصّل، ومن السور المكية التي نزلت على النبي محمد –صلّى الله عليه وسلّم- في مكة المكرمة بعد سورة الإخلاص، وتقع في الجزء السابع والعشرين، وعدد آياتها اثنتان وستون آية، وتتمثل مقاصد سورة النجم في ذم الهوى لإنتاجه الضلال والعمى، ومدح العلم لإثماره الهدى والحث على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وتصديق رسالته.

مقاصد سورة النجم

مقاصد سورة النجم

تتألف سورة النجم من اجتماع اثنين وستين آية، ولهذا لا شكَّ أن مقاصد سورة النجم ستكون مختلفة، حيث إنَّ كلَّ عدد من آياتها يتناول مقصدًا خاصًّا، وفيما يأتي مقاصد سورة النجم بالترتيب، وبطريقة تقسم آياتها وفقًا لتسلسلها ومقاصدها، على الشكل التالي:

مقاصد سورة النجم من الآية 1 حتى 26

يُقسم الله تعالى في مطلع سورة النجم بالنجم، أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا ينطق بالخطأ وإنَّما كلامه وحي من الله تعالى، ثمَّ تسرد الآيات حادثة الإسراء والمعراج، حيث صعدَ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- إلى السماء ودنا حتَّى وصل إلى سدرة المنتهى، وهناك أوحى إليه الله تعالى ما شاء من هذا الدين ورأى رسول الله هناك آيات الله تعالى بأم عينيهِ

ثمَّ تتحدَّث الآيات عن الأصنام التي كان يعبدها أهل قريش، الأصنام التي لا تملك لنفسها ضرًّا ولا نفعًا، وإنَّما الدنيا والآخرة لله تعالى، مالك الملك بيده الأمر الشفاعة وهو على كلِّ شيء قدير.

أبطلت الآيات قياس المشركين عالم الغيب على عالم الشهادة، وأن ذلك ضلال في الرأي، قد جاءهم بضده الهدى من الله.

مقاصد سورة النجم من الآية 27 حتى 44

ينكر الله تعالى في هذه الآيات تسمية الملائكة بالإناث وهذا قول جماعة من المشركين، ثمَّ تأمر الآيات رسول الله بالإعراض عن مثل هذه الأقوال، فالله تعالى يعلم أحوال الناس، يعلم من ضلَّ ومن اهتدى، ثمَّ تظهر الآيات قدرة الله تعالى المالك الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، وسيجزي الله تعالى الناس بحسب أعمالهم.

تتناول الآيات الحديث عن قدرة الله تعالى وعلمهِ، فهو يعلم أحوال الناس وأفعالها منذ أنشأ الناس وخلقهم في بطون أمهاتهم، الله عالم الغيب والشهادة، وهذا ما أكَّدته صُحُف نبي الله موسى -عليه السَّلام- وما جاء به إبراهيم الحنيف -عليه الصَّلاة والسَّلام-، ومن عدل ألَّا يحاسب أحدًا بذنب أحد، وأنَّ لكلِّ إنسان ما قدَّم لنفسه، وإلى الله المآب والمصير.

مقاصد سورة النجم من الآية 45 حتى 62

تتابع هذه الآيات المباركات الحديث عن قدرة الله تعالى الذي خلق للناس الأزواج وحفظ نسل الناس بهذه الآية العظيمة، هو الذي خلق الناس من نطفة صغيرة لا تكاد تُذكر ولا تُرى، ثمَّ أنشأ الإنسان ورزقه حتَّى كبر وشبَّ، وأنَّ الله تعالى هو القادر فوق عباده، هو الذي أهلك الأقوام التي كذبت به من قبل، كقوم عاد وثمود وقوم نوح.

تشتمل الآيات على توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم للإعراض عن الذين تولوا مدبرين عن دعوته من المشركين الضالين، وإشعاره بحدود وظيفته، وأنه ليس مسؤولاً عن تحويلهم من الكفر إلى الإيمان، فالحكمة في الابتلاء من ظروف الحياة الدنيا كشف ما في صدور الممتَحَنِين؛ لتحقيق الجزاء يوم الدين.

يؤكد الله تعالى للناس قُربَ يوم القيامة، يوم البعث والحساب، لذلك على الناس أن يعدُّوا العدة ويتجهزوا لمثل هذا اليوم، والله تعالى أعلم.

اقرأ أيضاً: مقاصد سورة ص

لطائف سورة النجم

تشتمل سورة النجم على العديد من اللطائف بدايةً من اسم السورة الذي هو عبارة عن سقوط النجم المستقر في مكانه فيهوي بسرعة غير متوقعة من علو إلى أسفل، وهو يتناسب مع موضوعاتها وأحداثها أي سرعة سقوط النجم، وسرعة انتهاء حياة الإنسان ليوفّيه الله جزاء أعماله فلا مجال للمماطلة والتسويف، كذلك في آخر السورة {أزفت الآزفة (57)}، اقتراب قيام الساعة ولن يدفع حصول ذلك من دون الله أحد، فعليهم المسارعة بالسجود والعبادة لأن الأمر جد مفاجئ وخطير.

بدأت سورة النجم بالقسم بالنجم الذي هوى، وفسّر بعض المفسّرين “هوى” بمعنى سجد لله تعالى ليتناسب مع جلال الموقف في قصّة المعارج، ثمّ كان من جواب القسم قوله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى}، حيث نفى الله تعالى الضّلالة والغواية عن النبي –صلّى الله عليه وسلّم- بالفعلين “ضلّ وغوى بالماضي، ما ضلّ وما غوى، وفي الآية التّالية نفى الله تعالى عن رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- النّطق عن الهوى بالمضارع.

يُفيد الفعل المضارع الاستمرار من الحاضر إلى المستقبل، فلو قال: “ما نطق عن الهوى”، لكان المعنى نفي الهوى عنه في الماضي فقط، واحتماله في المستقبل، ولذلك فقد نفى الباري سبحانه عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الضّلال والغواية في الماضي، ونفى عنه النّطق عن الهوى في الحاضر والمستقبل، فالرسول محمد -صلّى الله عليه وسلّم- منفيّ عنه الضّلال والغواية في السّلوك فيما مضى وفي الحاضر وفي المستقبل.

قال الإمام جلال الدين السيوطي: وجه وضع سورة النجم بعد الطور‏:‏ أنها شديدة المناسبة لها فإن الطور ختمت بقوله: {وإِدبار النجوم}‏ وافتتحت هذه بقوله‏: {والنجمِ إِذا هوى} ووجه آخر‏:‏ أَن الطور ذكر فيها ذرية المؤمنين وأنهم تبع لآبائهم وهذه فيها ذكر ذرية اليهود في قوله‏: {هوَ أَعلم بكم إِذ أَنشأَكم من الأَرض (32)} ولما قال هناك في المؤمنين‏: {أَلحقنا بهم ذريتهم وما أَلتناهم من عملهم من شيء (21)} أي‏:‏ ما نقصنا الآباء بما أعطينا البنين مع نفعهم بما عمل آباؤهم قال هنا في صفة الكفار أو بني الكفار‏:‏ {وأن ليسَ للإِنسان إِلا ما سعى (39)} خلاف ما ذكر في المؤمنين الصغار وهذا وجه بين بديع في المناسبة من وادي التضاد.

اقرأ أيضاً: أسباب نزول سورة النجم

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version