مقاصد سورة الأحقاف

سورة الأحقاف هي هي السورة السادسة والأربعون من سور القرآن الكريم البالغ عددها مائةً وأربعة عشر سورة كريمة، وتقع في الجزء السادس والعشرين، وقد نزلت هذه السورة بمكة المكرمة، وتكثر مقاصد سورة الأحقاف وما تتضمنه من موضوعات ولطائف قرآنية.

مقاصد سورة الأحقاف

مقاصد سورة الأحقاف

تدور مقاصد سورة الأحقاف حول الحديث عن التوحيد ومناقشة المشركين والإيمان بالبعث والحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان برسالته، فالهدف من السورة هو الدعوة للاستجابة والإذعان وعدم الاستكبار، وقد جاءت مقاصد السورة تفصيلًا كالتالي:

  • دعوة الناس إلى تصحيح عقائدهم وذلك بأن يوحدوا الله عز وجل ويُصدقوا نبيه محمد صلى الله عليه مع الإيمان برسالات الرسل السابقين فضلًا عن الإيمان باليوم الآخر وما أعده الله من ثواب للمؤمنين ومن عقاب للكافرين.
  • التأكيد على أن استمرار النظام الذي خلقه تعالى للحياة الدنيا هو محدد لأجل لا يعلمه إلا الله، ومن ثم فكل الخلائق إلى زوال، ولا يبقى إلا الله تعالى الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما بالحق.
  • إظهار موقف الكافرين الذين يُعرضون عن الإذعان لما جاءت به الرسالات، حيث تُوضح الآيات موقفهم الاستكباري المتعالي وما أحدثه المشركون من إيذاء لضعفاء المؤمنين بمكة، كما عرضت الآيات مدى ضلال الكفار وبهتانهم وخطأهم في عبادة الأوثان والأصنام، التي لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، ولا تغنيهم من عذاب الله إذا حل بهم.
  • الرد على ما يردده الكافرون والمشركون من مزاعم تافهة حول القرآن الكريم، فهو ليس سحرًا كما يقولون، بل هو كتاب منزل من عند الله تعالى.
  • تناول مثالين للأبناء، الأول هو الابن الصالح البار بوالديه الذي أبلغه الله تعالى غاية الرشد والعقل، بينما كان المثال الثاني للابن العاق الفاجر الذي قابل نصيحة والديه حول الإيمان والاستقامة بالسخرية والاعتراض الشديد.
  • إنذار المصرين على الشرك والكفر من أهل مكة، فإنهم إذا تمادوا في الغي والضلال، فإن الله تعالى لن يعز عليه أن يهلكهم كما أهلك الأمم السابقة.
  • سوق الحجج المنطقية والعقلية للرد على منكري البعث، ولم تكتفِ الآيات بعد ذلك بل تبعت ذلك بإنذارهم من العذاب إذا استمروا في حالة الإنكار والتكذيب.
  • الحديث عن مدى عظمة الله تعالى، فهو خالق السماوات والأرض وما بينهما من غير أن يُصيبه التعب؛ لذلك فهو أقدر على أن يُحيي الناس بعد الموت، ويحاسبهم على ما اقترفوا في الحياة الدنيا.
  • استعراض حال أولئك النفر من الجن الذين صرفهم الله ووجههم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسماع القرآن الكريم، فأنصتوا إليه عند سماعه، ثم ذهبوا إلى قومهم منذرين ومخوفين لهم من أن يخافوه؛ لأن القرآن مصدق لما جاء به موسى عليه السلام؛ ولأنه يهدي إلى الحق الثابت والصراط المستقيم، وآمرين لهم باتباع ما جاء فيه ليغفر الله لهم ذنوبهم وينجيهم من عذاب أليم، وذلك تنبيه وتوبيخ للمشركين، فالجن قد آمنوا، بينما المشركون من الإنس لا يزالون حتى الآن على موقفهم.
  • أخذ الله الكافرين بكفرهم، ولهذا تعرض السورة مصرع قوم هود وفي مصارع القرى حول مكة. والمراد من هذا المقصد هو وعظ الكافرين المكذبين، لأن المكذبين السابقين، لم تُغن عنهم آلهتهم المزعومة من الله تعالى شيئًا؛ لأنهم لا يستطيعون نصر أنفسهم، فهم عاجزون عن نصر غيرهم.
  • مدح المؤمنين والثناء عليهم لإيمانهم بالقرآن الكريم، مع توضيح بعض صفات المؤمنين وما يقابلها من صفات المشركين.
  • أمر النبي صلى الله عليه بالتحلي بالثبات، فعليه أن يصبر على المكذبين من قومه وما يقومون به من جرائم؛ لأن نصر الله تعالى قادم لمن آمنوا به وبرسله، كما تتضمن الآيات نهي الله تعالى عن استعجال العذاب؛ لأنه واقع لا محالة.

اقرأ أيضًا: مقاصد سورة الزخرف

موضوعات ومضامين سورة الأحقاف

موضوعات سورة الأحقاف

تحدثت السورة في البدء عن القرآن العظيم المنزّل من عند الله تعالى، ثم انتقلت للحديث عن الأوثان التي عبدها المشركون وزعموا أنها آلهة فبيّنت ضلالهم، وبعدها استعرضت عن شبهة المشركين حول القرآن الكريم وإنكارهم له، فردت على ذلك بالحجّة الدامغة والبرهان الساطع، وذلك من قوله تعالى: (حم {1} تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ {2}) إلى قوله تعالى : (أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {14}).

تناولت نموذجين من نماذج البشرية في هدايتها وضلالها ويرتبط ذكر هذه النماذج بالحديث عن الحياة الآخرة وموقف الناس منها، وذلك من قوله تعالى: ( ‏ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً … {15} ) إلى قوله تعالى : (…فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ {20}‏).

تضمن السورة قصة هود عليه السلام مع القوم الطاغين، فتحدثت قوم عاد وكيف أهلكهم الله تعالى بالريح العقيم تحذيرًا لأهل مكة بأن الله تعالى قادر على عقابهم وإهلاكهم، من قوله تعالى: ( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ… {21} ) إلى قوله تعالى : ( … بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ {28}‏).

خُتمت السورة بأن الرسول مُصدق من الثقلين وذلك من خلال استعراض قصة الجنّ الذين استمعوا القرآن و آمنوا به ثم رجعوا دعاة منذرين إلى قومهم. قال تعالى: ( ‏ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ … {29}) إلى قوله تعالى : ( … كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ {35}‏).

اقرأ أيضًا: موضوعات ومضامين سورة السجدة

لطائف سورة الأحقاف

سورة الأحقاف

اشتملت سورة الأحقاف على بعض اللطائف القرآنية ومن ذلك قوله تعالى: {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ}، فلماذا جاءت الآية الكريمة بقوله: “إلى طريقٍ مستقيم”  على خلاف معظم آيات القرآن الكريم التي تحدثت عن “الصراط المستقيم”؟

وقبل الإجابة عن هذا التساؤل يجب معرفة معاني كلمات هذه الآية، أولًا ما الفرق بين الحق وطريق مستقيم؟، أما الحق فهو العقائد الصحيحة والأمور الثابتة الصحيحة، وأما الطريق المستقيم فهو ما يُسلك من الأعمال، وفي اللغة العربية الطريق هو ما تطرقه الأرجل وتسلكه وتمشي فيه، وبالعودة إلى ما جاء في الآية الكريمة فهي تتحدث عما قاله الجن حيث قالوا: “إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ” وهو ما معناه أن هذا الطريق مسلوكٌ من قبل وقد سلكه موسى -عليه السلام- ولم يبتدعه صاحبه، ولهذا ذكر كلمة “طرقٍ مستقيم” الطريق الحق الذي سار عليه الأنبياء من قبل.

بينما قوله تعالى الصراط المستقيم فهو الطريق الواسع الذي يصرط الناس أي يبلعهم، وهو طريقٌ متّسعٌ ضخم، وليس هذا المقصود في الآية الكريمة بل المقصود أن نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- سائر على نهج ومسار أنبياء الله -عليهم السلام- من قبله ولم يبتدع شيئًا من عنده.

اقرأ أيضًا: فضل سورة الأحقاف

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *