موضوعات ومضامين سورة النور

نزلت سورة النور بعد الهجرة النبوية، وقال بعض العلماء إنها نزلت في العام الخامس من الهجرة، وتعتى موضوعات ومضامين سورة النور بالجانب الأخلاقي؛ لذلك تشتمل على العديد من القضايا العامة والخاصة التي ينبغي أن يربى عليها المسلمون أفرادًا وجماعات.

موضوعات ومضامين سورة النور

موضوعات ومضامين سورة النور

تُعد سورة النور من السور التي تتناول الأحكام التشريعية والآداب في المجتمع الإسلامي بشيءٍ من التفصيل؛ لذلك تتمثل موضوعات ومضامين سورة النور في:

الزنا و الأحكام المتعلقة به

ذكرت آيات سورة بعض الحدود الشرعية التي فرضها الله تعالى على الناس، كحد الزنا وما يتعلق به من أحكام أخرى مثل حد القذف وحد اللعان، وقد شُرعت تلك الحدود تطهيرا للمجتمع من الفساد والفوضى واختلاط الأنساب والانحلال الخلقي، وحفظا للأمة من عوامل التردي والانحلال. وذلك من قوله تعالى : (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {1} الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ … {2}) إلى قوله تعالى : (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ {10}‏).

حادثة الإفك

في سياق متصل بموضوع الزنا، انتقلت لتتحدّث عن (حادثة الإفك) وردّة فعل كل من المؤمنين والمنافقين تجاه تلك الحادثة الشنيعة التي أشاعها المنافقون للطعن في شرف السيدة عائشة رضوان الله عليها، ورغم عظم تلك الحادثة التي اعتقد المسلمون أنها شر لهم، إلا أنها كانت خير لبيان براءة السيدة عائشة من فوق سبع سماوات، وشدّدت الوعيد والتهديد لمن يحب أن يشيع الفاحشة بين الناس دون دليل كما أكدت الآيات على استمرار البذل والعطاء للفقراء والمساكين برغم إسائتهم في إشارة إلى موقف أبي بكر الصديق مع مسطح بن أثاثة أحد الذين تكلموا في الإفك، وقد أعقبت ذلك التحذير من سلوك طريق الشيطان الذي يدعو الإنسان للشر والفساد. وقد بدأ هذا الجزء من قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ … {11} )، إلى قوله تعالى : (…أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ {26}).

آداب إجتماعية

تضمنت سورة النور العديد من الآداب الاجتماعية التي يبنغي الانتباه إليها مثل آداب الاستئذان والزيارة، ومن ثم أتبعت الآيات ذلك بالتوجيه إلى ضرورة غض البصر مع توجيه النصيحة للنساء بألا يُبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وفي ذلك دليل على الحجاب وفرضيته، ومن ثم رغبت الآيات في النكاح مع إرشاد ممن لا يجدون القدرة على النكاح إلى ضرورة التحلي بالعفاف حتى يُغنيهم الله من فضله، واخُتتم ذلك الجزء بما بدأت به السورة من التأكيد على تنزيل الآيات لتبيين الأحكام ووعظ المتقين. وذلك من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ …{21}) إلى قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ {34}).

نور الإيمان وظلمات الكفر

لمّا وصفت الآيات بأنه تعالى قد أنزل آيات مبينات، أكدّت على أن الله تعالى نور السماوات والأرض وأنه يدعو الناس إلى نور الإيمان والهداية، ويُجنبهم الكفر بظلماته، مع مدح المؤمنين ممن لا تُلهيهم التجارة ولا البيع عن ذكر الله تعالى وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وما أعده الله لهم من الجزاء، ثم أتبعت الآيات ذلك بيبان آثار قدرة الله وعظمته للتأكيد على وحدانية الله، وعرجت الآيات على صفات المنافقين ممن لم ينتفعوا بآيات الله مع بيان ما انطوت عليه نفوسهم من مكرٍ واحتيالٍ وحلفٍ كاذبٍ بأغلظ الأيمان فضلًا عن توضيح جزاء الطاعة في الدنيا والآخرة وفي ختام ذلك الجزء أظهرت الآيات أن أديان الكفار تقود إلى الهلاك في نهاية المطاف وذلك من قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ… {35}) إلى قوله تعالى : (… وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ {57}).

بيوت المؤمنين وآدابها

اهتمت سورة النور ببعض الآداب حول بيوت المؤمنين، وذلك بالتأكيد مرة أخرى على ضرورة الاستئذان داخل البيت مع بيان إمكانية الأكل من بيوت الأقارب دون حرج وذلك من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ…{58}) إلى قوله تعالى: (…كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون {61}‏).

أدب المؤمن مع النبي

خُتمت السورة الكريمة بتحذير المؤمنين من سلوك طريق المنافقين كما طالبتهم بوجوب التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك من قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ… {62}) إلى قوله تعالى : ( وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {64}‏).

اقرأ أيضًا: أحاديث عن سورة النور

لطائف سورة النور

سورة النور

مناسبة مضمون سورة النور للسورة التي قبلها

تسبق سورة النور في ترتيب المصحف سورة المؤمنون؛ وهي سورة مكية، وتتناسب السورتان فيما بينهما؛ فالمواضيع التي تتناولها سورة المؤمنون تعد مقدمة لما ستتحدث عنه سورة النور؛ إذ إن الأولى تدعو الناس إلى الإيمان، وتبين لهم طريق اكتساب صفات المؤمنين، فيأتي التزامهم بالأحكام التي تتناولها سورة النور عن قناعة، وفهم، ورغبة في نيل رضا الله -سبحانه-، ومن أوجه التناسب بين السورتين ما يأتي:

الترابط بين نهاية سورة المؤمنين، وبداية سورة النور؛ ففي نهاية الأولى توجه المؤمنين إلى الله بالدعاء بالرحمة، والمغفرة، قال -تعالى-: (وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)، وفي فاتحة النور السبيل الموصل إلى رحمة الله ومغفرته؛ وهو الالتزام بما فرضه الله في السورة من أحكام، قال -تعالى-: (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).

ذِكر بعض صفات المؤمنين في سورة المؤمنين، ومنها قول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)، في حين أنه -سبحانه- ذكر في سورة النور الأحكام المُتعلِّقة بمن لم يحفظ فَرجه؛ وهم مرتكبو الزنا، وما يلحق ذلك، أو يتعلّق به من قذف، ولعان. ومما أمرت به السورة من الأحكام المتعلقة بحفظ الفرج: غض البصر، والذي قد يؤدي إطلاقه إلى وقوع في فاحشة الزنا، كما أمرت من لم يستطع الزواج بالاستعفاف، ونهت عن إجبار الفتيات، وإكراههن على ممارسة الزنا مقابل الأجر، وقد أنزلها -سبحانه-، وقدر ما فيها من الأحكام والحدود على الوجة التام، وجعل اياتها واضحات بينات، ودالات على ما فيها من أحكام؛ للاتعاظ، والتذكرة.

مناسبة مضمون سورة النور للسورة التي بعدها

ناسبت موضوعات سورة النور موضوعات سورة الفرقان؛ وهي السورة التي تليها في ترتيب المصحف الكريم، والتناسب بين السورتين هو على النحو الآتي:

  • تناولت السورتان وصف السحاب، ونزول المطر، وما في نزوله من إحياء للأرض الميتة، قال -تعالى- في سورة النور: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ)، وقال في سورة الفرقان: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا) كما تناولت السورتان أعمال الكافرين، ومآلاتها، إضافة إلى بيان نشأة الإنسان.
  • اختتمت سورة النور بالتذكير بصفات الله المالك البديع الحكيم، وأنه -سبحانه- سيحاسب الناس على ما قدموه في الدنيا من العمل، في حين افتتحت سورة الفرقان بصفات الله العليا، وبمنته على عباده بأن أنزل إليهم القران هاديا، ومنيرا.
  • اشتملت خاتمة سورة النور على نداء للمؤمنين بوجوب التزامهم بأوامر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ونواهيه، ومدح من التزم منهم بها، وتحذيرهم من عصيان أمره، وما يترتب على ذلك من فتنة وعذاب أليم، كما ذم الله في افتتاح سورة الفرقان من وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه مسحور، وغير ذلك.

اقرأ أيضًا: موضوعات ومضامين سورة التوبة

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *