موضوعات ومضامين سورة آل عمران

سورة آل عمران هي السورة الثالثة في ترتيب المصحف الشريف، وهي واحدة من السور السبع الطوال، حيث تشتمل على مائتين آية، وكان نزولها بعد سورة الأنفال، وقد عالجت موضوعات ومضامين سورة آل عمران عدة قضايا شديدة الأهمية.

موضوعات ومضامين سورة آل عمران

موضوعات ومضامين سورة آل عمران

اشتملت سورة آل عمران على ركنين هامين هما: ركن العقيدة وإقامة الأدلة والبراهين على وحدانية الله جل وعلا، وركن التشريع وخاصة ما يتعلق بالمغازي و الجهاد في سبيل الله، وتتمثل موضوعات ومضامين سورة آل عمران في:

إنزال الكتاب هداية للناس

جاءت الآيات الكريمة في بدايتها لإثبات الوحدانية و النبوة وإثبات صدق القرآن الكريم، والرد على الشبهات التي يثيرها أهل الكتاب حول الإسلام و حول القرآن الكريم، كما تحدثت عن المؤمنين ودعائهم لله تعالى أن يثبتهم على الإيمان، وذلك من قوله تعالى: (الم {1} اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ {2} نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {3}) إلى قوله: (رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ {9}‏.

تحذير الكافرين وحقيقة الدنيا

تحدثت السورة عن الكافرين، وبيّنت أن سبب كفرهم هو اغترارهم بكثرة المال والبنين مع تخويفهم بما أعده الله من عقاب لهم في الآخرة، كما ضربت الأمثال بغزوة بدر حين انتصر المسلمين على الكافرين رغم قلتهم، و أعقبت ذلك بالحديث عن شهوات الدنيا وأن ما عند الله خير للأبرار، من قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم {10}) إلى قوله تعالى : (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِـتـِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ {17})

انتقال الرسالة لأمة الإسلام

بيّنت الآيات أن دلائل الإيمان ظاهرة ، وأن الإسلام هو الدين الحق وذكرت ضلالات أهل الكتاب واختلافهم في دينهم تحذيرا من الوقوع في مثل غيّهم وضلالهم ،من قوله تعالى : (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ.. {18}) إلى قوله تعالى : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {25})

لما ذكرت الآيات دلائل التوحيد وصحة دين الإسلام، أعقبته بذكر البشائر التي تدل على قرب نصر الله للإسلام والمسلمين، وأمر من الله لرسوله بالدعاء والابتهال لله تعالى أن يعز جند الحق وينصر دينه المبين، من قوله تعالى : (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء {26}) إلى قوله تعالى : (قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ {32}).

اصطفاء الله تعالى لرسله

أكدّت الآيات على علو درجات الرسل وشرف مناصبهم ، فبدأت بآدم عليه السلام ثم انتقلت إلى نوح ثم آل إبراهيم وآل عمران عليهم السلام ، وأعقبت ذلك بذكر ثلاث قصص: قصة ولادة مريم، وقصة ولادة يحيى، وقصة ولادة عيسى عليهم السلام ومعجزات عيسى الباهرة، وكلها دلائل تدل على قدرة الله تعالى، من قوله تعالى: ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ {33}) إلى قوله تعالى : (فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ {63}).

مخاطبة فرق أهل الكتاب و بيان حقائقهم

دعت آيات سورة آل عمران أهل الكتاب للتوحيد، وتحدثت بعدها عن قبائح أهل الكتاب وأوصاف اليهود ومثالبهم، عندما حرفوا التوراة واستحلوا أموال الناس بالباطل، وجاء ضمن الرد إشارات وتقريعات لليهود وبيان لمصيرهم وعذاب الله تعالى لهم، وتحذير للمؤمنين من دسائسهم، من قوله تعالى : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ{64}) إلى قوله تعالى : (وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ {80}).

اقرأ أيضًا: فوائد من آل عمران

وحدة الرسالات والدين الحق هو الإسلام

أوضحت السورة بعثة الله تعالى للرسل الكرام لدعوة الناس إلى الحق، وأن دعوة الأنبياء كلها واحدة، محذرة من الزيغ والانحراف عن دعوة الله مرغبة بالتوبة والإنفاق في سبيل الله، ثم انتقلت للحديث عن الطعام الذي أحل لبني إسرائيل محذرة من افتراء الكذب على الله تعالى من قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ {81}) إلى قوله تعالى : (فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {94}).

صلة المسلمين بإبراهيم وافتراء أهل الكتاب

حثت الآيات على اتّباع دعوة إبراهيم عليه السلام وتحدثت عن بيت الله الحرام ووجوب الحج إليه، ثم جاء العتاب لأهل الكتاب لكفرهم وصدودهم عن الحق، كما دعت الآيات للاعتصام بحبل الله تعالى، من قوله تعالى : (قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {95}) إلى قوله تعالى : (وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {103}).

بيان خيرية هذه الأمة وتحذيرها من أعدائها

وجّهت الآيات المؤمنين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذكرت ما حلّ باليهود بسبب بغيهم، ونهت عن اتخاذ أعداء الدين أولياء من دون الله، من قوله تعالى : (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ.. {104}) إلى قوله تعالى : ( .. وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ {120}).

معركة أحد

تناولت الآيات بعد ذلك الغزوات، وبالتحديد غزوة أحد، وتضمنت الآيات دعوة للمسارعة إلى مغفرة الله وجنة عرضها السماوات والأرض كما بينت صفات المتقين، من قوله تعالى : (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {121}‏) إلى قوله تعالى : (هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ {138}) كما شددت الآيات على أهمية الجهاد وأنه اختبار للمؤمنين، داعية إياهم للقوة وعدم الاستسلام والوهن، محذرة إياهم من اتخاذ الكافرين أولياء مبينة مصير الكافرين، وذلك من قوله تعالى : (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {139}) إلى قوله تعالى : (وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ {151}).

اقرأ أيضًا: أسباب نزول سورة آل عمران

دروس مستفادة من الهزيمة

تابعت الآيات تتحدث عن غزوة أحد وما أصاب المؤمنين من غم، وتلطف الله تعالى بهم، وشنّعت بالمنافقين الذين كان همهم هزيمة المسلمين وفضحتهم وبينت أهدافهم، كما أكدت على أن النصر بيد الله تعالى وحده وأن الناس درجات عنده على حسب أعمالهم، من قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ … {152}) إلى قوله تعالى : (هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ واللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ {163}).

عالجت الآيات امتنان الله تعالى على عباده ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم نبيا لهم ورسولا من أنفسهم، وبينت أن المصائب هي اختبار للإيمان في القلوب ليظهر المؤمن وتتكشف حقيقة المنافق، ثم بينت مصير المتقين وحالهم وسعادتهم في الجنة، وعذاب الكافرين في النار، من قوله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً {164}) إلى قوله تعالى : (وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {180}‏).

فضحت آيات سورة آل عمران دسائس اليهود ومؤامراتهم الخبيثة في محاربة الدعوة الإسلامية وحذرت منهم ومن مكرهم، من قوله تعالى: (لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ.. {181}) إلى قوله تعالى : (وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {189}).

التدبر في الآيات الكونية وتحقيق النصر

خُتمت سورة آل عمران بآيات التفكر والتدبر في ملكوت السماوات و الأرض وما فيهما من إتقان وإبداع وعجائب وأسرار تدل على وجود الخالق الحكيم، كما أن من أهم موضوعات ومضامين سورة آل عمران هو التأكيد على أن الأمور بخواتيمها والتذكير بأهمية الجهاد في تلك الوصية الفذة الجامعة التي بها يتحقق الخير ويعظم النصر ويتم الفلاح و النجاح، من قوله تعالى : (وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {189} إلى قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {200}‏).

اقرأ أيضًا: فضل سورة آل عمران

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version