يعظم فضل سورة الفتح حيث تُعرف بسورة التباشير والتفاؤل، نزلت على النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما رجع مع أصحابه من الحديبية، وقد بلغ عدد آياتها تسعًا وعشرين آية، كان نزولها قبل نزول سورة التوبة وبعد نزول سورة الصف.
فضل سورة الفتح
هناك العديد من الأدلة على فضل سورة الفتح وقراءتها ومن ذلك:
رُوي عن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب أنّه قال: (كنا معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سفَرٍ، فسأَلْتُه عن شيءٍ ثلاثَ مرَّاتٍ فلم يَرُدَّ عليَّ، قال: فقُلتُ لنَفْسي: ثَكِلَتْكَ أمُّك يا ابنَ الخطَّابِ، نزَرْتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثَ مرَّاتٍ فلم يَرُدَّ عليكَ، قال: فرَكِبتُ راحِلَتي، فتقَدَّمتُ مَخافَةَ أن يكونَ نزَل فيَّ شيءٌ، قال: فإذا أنا بمُنادٍ يُنادي يا عُمَرُ، أينَ عُمَرُ؟ قال: فرجَعتُ وأنا أظُنُّ أنه نزَل فيَّ شيءٌ، قال: فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نزَلَتْ عليَّ البارِحَةَ سورةٌ هي أحَبُّ إليَّ منَ الدنيا وما فيها، إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ). (( الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 1/114 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
كانت بعض آيات سورة الفتح سبباً في إدخال السرور إلى قلوب المسلمين كما أدخلت آياتها السرور إلى قلب النبي عليه الصلاة والسلام، فحينما نزل قوله تعالى: (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا)، تساءل المسلمون عن نصيبهم من السورة فنزل قوله تعالى: (لِّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا). (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4172 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
رُوي عن الصحابي الجليل أنس بن مالك أنّه قال: إنّ ثمانين رجلًا وقيل ثلاثين من أهل مكة هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم معهم سلاحهم يريدون غزو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأخذهم المسلمون أسرى، وقد كان ذلك في فترةٍ كان السفراء يمشون بالصُّلح بين المسلمين وقريش، فأطلقهم رسول الله وكان في ذلك قوله تعالى ” “وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1808 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
ويدل على فضل سورة الفتح أنّها هي السورة التي قرأها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذهابه لفتح مكّة، وقد ورد ذلك في حديثٍ عن رسول الله: “قَرَأَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَامَ الفَتْحِ في مَسِيرٍ له سُورَةَ الفَتْحِ علَى رَاحِلَتِهِ، فَرَجَّعَ في قِرَاءَتِهِ. قالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَيَّ النَّاسُ لَحَكَيْتُ لَكُمْ قِرَاءَتَهُ”. (( الراوي : عبدالله بن مغفل | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 794 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
تشتهر بين الناس العديد من الأحاديث الباطلة في فضل سورة الفتح ومن أبرز هذه الأحاديث: مَنْ قرأَ سورةَ الفَتْحِ فَكأنَّما شهدَ الفتحَ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : العراقي | المصدر : تخريج الإحياء، الصفحة أو الرقم: 1/442 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
اقرأ أيضًا: أسباب نزول سورة الفتح
فضائل سورة الفتح وخواصها
ما من سورة في القرآن الكريم إلا وتحمل في طياتها الكثير من العبر والدروس التي تؤثر إيجابا على حياة المسلم، ومن أبرز فضائل سورة الفتح وخواصها:
- لا بد على المسلم أن يطيع الله ورسوله طيلة حياته، ولكن كل إنسان على قدر استطاعته وقدرته؛ فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وذلك ما كان في فتح مكة؛ حيث أسقط الله واجب الغزو عن الأعمى والأعرج؛ لعلة في جسدهم تجعلهم غير قادرين على ذلك.
- على المسلم أن يطيع الله ورسوله لكي يحصل على ما وعده الله به؛ فاقد وعد الله المؤمنين والمؤمنات بجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها.
- من واجب المسلم تجاه دينه وربه أن لا يشغله عنهم شاغل كالأهل أو الأولاد أو جمع المال؛ فلا بد أن يعطي كلا حقه، وحق الله -تعالى- ورسوله ودينه فوق كل شي؛ فالله بيده مقاليد جميع الأمور، وليس من الصواب أن يجعل الإنسان من أهله وحياته وأمواله حجة يبرر بها تقصيره في واجباته تجاه الله تعالى.
- من فضل الله -تعالى- على عباده أنه يغفر ذنوب من يشاء من عباده وذلك رحمة وفضل من الله تعالى على عباده، ويعذب من يشاء من عباده وذلك يجسد عدل الله تعالى، فعلى الإنسان أن يعلم أن الله -تعالى- مالك السماوات والأرض بيده كل شيء، فلا بد أن يعمل صالحا ليجزيه جزاء عمله، وأن يتوب لله إن أخطأ في حياته فالله إن شاء غفر لهم.
اقرأ أيضًا: فضل سورة النصر