فضل سورة فاطر
في كل سورة من القرآن الكريم خصوصية تتميز بها عن غيرها من السور، سواء كان في فضل قراءتها، أو في سبب نزولها، أو في الأحكام الواردة فيها. ونحن واجبنا كمسلمين أن نسعى من أجل فهم القرآن الكريم بكل معانيه وأحكامه وتفاصيله بطريقة صحيحة، وتطبيقه بشكل عملي في حياتنا اليومية حتى نرتقي ونبعد عن الجهل والضلال؛ ولذلك يجدر بنا البحث عن فضل سورة فاطر وما تمتاز به من خواص.
فضل سورة فاطر
من دلائل فضل سورة فاطر أنه تعالى قال في مستهل سورة : “الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ” سورة فاطر هي السورة الخامسة والأخيرة التي افتتحت آياتها بالثناء على الله ومدحه باستخدام قول “الحمد لله” إلى جانب سور الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ، والحمد في اللغة العربية من الفعل حمد أي أثنى ومدح وهو ضد الذم، وقد وردت كلمة الحمد لله والحمد لله رب العالمين في القرآن الكريم في أكثر من موضع غير أوائل هذه السور، وقد قال أهل العلم أن لفظ الحمد لله يحمل في طياته معنى الثناء والدعاء معا؛ فهو من أفضل العبادات القولية: “أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله”، كما أن المواظبة على حمد الله على نعمه وحمده في السراء والضراء وتكرار لفظ الحمد لله على كل حال تملأ ميزان العبد وتثقله، فهي من أحب الكلام إلى الله تعالى.
ما ورد في فضل سورة فاطر اختصت به آيات محددة من السورة: “جاء رجلٌ إلى ابنِ مسعودٍ؛ فقال من أين جئتَ؟ قال: من الشامِ، قال: من لقِيتَ، قال: لقِيتُ كعبًا، قال: ما حدَّثك كعبٌ؟ قال: حدَّثني أنَّ السماواتِ تدور على منكبِ ملكٍ، قال: لقد كذب كعبٌ إنَّ اللهَ يقول في سورة فاطر “إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا”. (( الراوي : قتادة بن دعامة | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الإصابة، الصفحة أو الرقم: 3/316 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
ذُكِرَ عِنْدَ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، أنَّ ابْنَ عُمَرَ رَفَعَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ في قَبْرِهِ ببُكاءِ أهْلِهِ فقالَتْ: وهَلَ؟ إنَّما قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّه لَيُعَذَّبُ بخَطِيئَتِهِ وذَنْبِهِ، وإنَّ أهْلَهُ لَيَبْكُونَ عليه الآنَ، قالَتْ: وذاكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قامَ علَى القَلِيبِ وفيهِ قَتْلَى بَدْرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فقالَ لهمْ ما قالَ: إنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ ما أقُولُ إنَّما قالَ: إنَّهُمُ الآنَ لَيَعْلَمُونَ أنَّ ما كُنْتُ أقُولُ لهمْ حَقٌّ، {وَما أنْتَ بمُسْمِعٍ مَن في القُبُورِ} [فاطر: 22] يقولُ حِينَ تَبَوَّؤُوا مَقاعِدَهُمْ مِنَ النَّارِ. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3978 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
عن أبي الدرداء رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر: 32]، فأمَّا الذين سَبَقوا بالخَيراتِ، فأولئك الذين يَدخُلونَ الجنَّةَ بغيرِ حِسابٍ، وأمَّا الذين اقتَصَدوا، فأولئك يُحاسَبونَ حِسابًا يَسيرًا، وأمَّا الذين ظَلَموا أنفُسَهم، فأولئك الذين يُحاسَبونَ في طُولِ المَحشَرِ، ثُمَّ هم الذين تَلافاهم اللهُ برَحمتِه. (( الراوي : أبو الدرداء | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 7/98 | خلاصة حكم المحدث : [روي] بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح ))
وتكثر الأحاديث الموضوعة التي تُنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في فضل سورة فاطر ومن أشهر هذه الأحاديث الباطلة حديث “من قرأ سورة ( الملائكة ) دعته يوم القيامة ثلاثة أبواب من الجنة ، أن أدخل من أي الأبواب شئت”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 237 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
اقرأ أيضا: فضل سورة الكهف
فضائل سورة فاطر وخواصها
- إثبات الألوهية لله وحده لا شريك له.
- التأكيد على حقيقة البعث والجزاء والدار الآخرة وما فيها من ثواب وعقاب.
- التدليل على صدق الرسول الكريم وأن ما جاء به هو ما جاء به الأنبياء والرسل من قبله.
- تذكير الناس بعدد من نعم الله -سبحانه وتعالى- عليهم وأن ما يعبدون من دون الله لا يضر ولا ينفع.
- التشديد على حاجة الخلق لله، وفي المقابل استغناء الله عن جميع الخلق.
- التفريق بين الإيمان بالله والكفر والإشراك به -تبارك وتعالى- وضرب الأمثلة التي توضح كلا منهما.
- تقسيم الأمة الإسلامية إلى ثلاثة أصناف، فمنهم من يظن نفسه ويرتكب الذنوب والمعاصي، ومنهم من يقصر ويقتصد في عبادة ربه، ومنهم سابق بالخيرات مسارع لنيل الدرجات.
- تنبيه الناس إلى العداوة القديمة بين الإنسان والشيطان والتأكيد على الحذر منه والاستعاذة بالله من شره.
- الثناء على من آمن بدعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووصف حال المكذبين وما ينتظرهم من العذاب في الآخرة.
اقرأ أيضا: فضل سورة الفاتحة