فضل سورة القصص
سورة القصص -بفتح القاف والصاد- واحدة من مثاني السور المكية، وقيل في فضل سورة القصص أنها نزلت على الرسول الكريم في الجحفة في طريق هجرته من مكة إلى يثرب لتسليته والتخفيف عنه جرّاء ترك بلاده، ونزلت قبل سورة الإسراء وبعد سورة النمل، وقد افتُتحت السورة بالحروف الهجائية المقطعة “طسم”.
فضل سورة القصص
سورة القصص هي واحدة من الطواسين التي تتضمن أيضًا سورتي الشعراء والنمل، وقد وردت بعض الأحاديث الصحيحة في فضل الطواسين ومن أبرزها:
إِنَّ اللهَ تعالى أعطاني السبْعَ مكانَ التوراةِ ، وأعطاني الراآتِ إلى الطواسينِ مكانَ الإِنجيلِ ، وأعطاني ما بينَ الطواسينَ إلى الحواميمِ مكانَ الزَّبورِ ، وفضَّلَني بالحواميمِ والمفصَّلِ ، ما قَرَأَهُنَّ نَبِيٌّ قبْلِي. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : السلسة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 1556 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
اعمَلوا بالقرآنِ، وأحِلُّوا حلالَه، وحَرِّموا حرامَه، واقتدوا به، ولا تكفُروا بشيءٍ منه، وما تشابَهَ عليكم منه فرُدُّوه إلى اللهِ وإلى أولي العلمِ مِن بعدي، كيما يُخِبرونكم، وآمنوا بالتَّوْراةِ، والإنجيلِ، والزَّبورِ، وما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن ربِّهم، ولْيَسَعْكم القرآنُ وما فيه مِن البيانِ؛ فإنَّه شافعٌ مشفَّعٌ، وماحلٌ مصدَّقٌ، وإنَّ لكلِّ آيةٍ منه حورًا يومَ القيامةِ، وإنِّي أُعطِيتُ سورةَ البقَرةِ مِن الذِّكْرِ الأوَّلِ، وأُعطِيتُ طه والطواسينِ مِن ألواحِ موسى، وأُعطِيتُ فاتحةَ الكتابِ. (( الراوي : معقل بن يسار | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم: 1162 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
ومما يدل على فضل سورة القصص وآياتها ما جاء عن أبي سعيد بن المسيب، قال: “لمَّا حضرتْ أبا طالبٍ الوفاةُ، جاءَهُ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فوجد عندَهُ أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- : يا عمّ، قل لا إله إلا الله كلمة أحاجّ لك بها عند الله سبحانه وتعالى، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملَّةِ عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يعرضها عليه ويعاودانهِ بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم به: أنا على ملَّة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “والله لأستغفرنَّ لك ما لم أنه عنك”، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: “إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”. (( الراوي : المسيب بن حزن | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 24 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
عن ابن عباس أنَّ أربعينَ مِن أصحابِ النَّجَاشيِّ قدِموا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فشهِدوا معه أُحُدًا وكانت فيهم جِراحاتٌ ولَمْ يُقتَلْ منهم أَحَدٌ فلمَّا رأَوْا ما بالمُؤمِنينَ مِن الحاجةِ قالوا يا رسولَ اللهِ إنَّا أهلُ مَيسرةٍ فأْذَنْ لنا نجيءُ بأموالِنا نُواسي بها المُسلِمينَ فأنزَل اللهُ عزَّ وجلَّ فيهم “الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ”. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الطبراني | المصدر : المعجم الأوسط الصفحة أو الرقم: 7/336 | خلاصة حكم المحدث : ثابت ))
عن ابنِ عباسٍ في قوله أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ قال حمزةُ بنُ عبدِ المطلبِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا قال أبو جهلِ بنُ هشامٍ وشيبةُ بنُ ربيعةَ. (( الراوي : مقسم مولى ابن عباس | المحدث : ابن عدي | المصدر : الكامل، الصفحة أو الرقم: 8/288 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
اقرأ أيضًا: فضل سورة النازعات
فضائل سورة القصص وخواصها
تُوضح لنا سورة القصص أن من المفارقات في قصة موسى وقصة رسولنا صلى الله عليه وسلم أن موسى مكث خارج مصر بين 8 و10 سنوات التي كانت مهر ابنة شعيب، والرسول صلى اله عليه وبارك وسلم عاد لفتح مكة في السنة الثامنة واخننمت الرسالة في السنة العاشرة، والرسول خرج من مكة متخفياً وكذلك خرج موسى من مصر خائفاً يترقب، فكأنما القصتان متشابهتان إلى أبعد الحدود.
وفي هذه السورة توجيه لأمة الإسلام أنه مهما كانت الظروف صعبة فعليهم أن يثقوا بوعد الله تعالى لهم، حيث تبدأ السورة بقوله (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فالخطاب موجّه للمؤمنين لأنهم يؤمنون ويثقون بوعد الله.
تعرض السورة الواقع الصعب لموسى، فالوضع قاتم والظروف المحيطة صعبة للغاية، ولكن هذا كله في سبيل تحقيق مراد الله تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) فهو سبحانه يريد أن يمنّ على عباده، ومن ثم تستعرض السورة كيف تحققت وعود الله لموسى عليه السلام، وكذلك بالنسبة إلى رسولنا الكريم صلى اله عليه وبارك وسلم وعده الله تعالى (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ).
اقرأ أيضًا: فضل سورة الإسراء