سورة إبراهيم واحدة من السور المكية وهي من مثاني القرآن، ونزلت على الرسول الكريم قبل سورة الأنبياء وبعد سورة الشورى، وترتيبها سبعون من حيث النزول، أما ترتيبها في المصحف العثماني فهو الرابعة عشرة، وفضل سورة إبراهيم عظيم بسبب ما تشتمل عليه من آيات ومقاصد بالغة الأهمية.
فضل سورة إبراهيم
لم يرد في فضل سورة إبراهيم بالجملة شيئًا يُذكر ضمن الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن جاء ذكرٌ لبعض آياتها ضمن الأحاديث والآثار الصحيحة ومنها: ما جاء في سؤال القبر في إشارةٍ إلى الآية الواردة في السورة: “يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظّالِمينَ وَيَفعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ”.
عن البراءِ بنِ عازبٍ قال خرجْنا في جنازةِ رجلٍ من الأنصارِ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فانتهينا إلى القبرِ ولمَّا يُلحَد له بعدُ فجلس النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مستقبلَ القبلةَ وجلسنا معه كأنَّ على رؤوسِنا الطيرَ، فنكتَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ما شاء ثم رفع رأسَه فقال اللهم إني أعوذُ بك من عذابِ القبرِ قالها ثلاثَ مراتٍ ثم أنشأ يُحدِّثُنا فقال إنَّ المؤمنَ إذا كان في قُبلٍ من الآخرةِ وانقطاعٍ من الدُّنيا نزلت إليه ملائكةٌ كأنَّ وجوهَهم الشمسُ. قال: وإنه ليسمعُ خفقَ نعالِهم إذا ولَّوا مُدبرينَ فيقال له: يا هذا من ربُّك؟ وما دينُك؟ ومن نبيُّك؟ قال: يقول: ربيَ اللهُ ودينيَ الإسلامُ ونبيي محمدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ثم ينادي منادٍ من السماءِ وذكر كلامًا وذلك قوله تعالى: “يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة”. ((الراوي : البراء بن عازب | المحدث : ابن جرير الطبري | المصدر : مسند عمر، الصفحة أو الرقم: 2/491 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
وسألت عائشة -رضي الله عنها- النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن قوله تعالى: “يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزوا لِلَّـهِ الواحِدِ القَهّارِ” فأين يكون الناس؟ قال: على الصراط”. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه، الصفحة أو الرقم: 3471 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
وعن أنس بن مالك قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: يُخْرَجُ لابنِ آدمَ يومَ القيامةِ ثَلاثةُ دَوَاوِينَ : دِيوَانٌ فيهِ العَمَلُ الصَّالِحُ ، ودِيوَانٌ فيهِ ذنوبُهُ ، ودِيوَانٌ فيهِ النِّعَمُ مِنَ اللهِ تعالى عليهِ ، فيقولُ اللهُ لأَصْغَرِ نِعَمِهِ أَحْسِبُهُ قال في دِيوَانِ النِّعَمِ : خُذِي ثَمَنَكِ من عَمَلِه الصَّالِحِ ، فَتَسْتَوْعِبُ عَمَلهُ الصَّالِحَ كلَّهُ ، ثُمَّ تَنَحَّى وتقولُ : وعِزَّتِكَ ما اسْتَوْفَيْتُ وتَبْقَى الذُّنوبُ والنِّعَمُ فإِذَا أرادَ اللهُ أنْ يرحمَ قال : يا عَبدي قد ضَاعَفْتُ لكَ حَسَناتِكَ وتَجَاوَزْتُ عن سَيِّئَاتِكَ أَحْسِبُهُ قال : ووَهَبْتُ لكَ نِعَمِي. “وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : ابن كثير | المصدر : تفسير القرآن، الصفحة أو الرقم: 4/430 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات ))
تجدر الإشارة إلى أن هناك أحاديث موضوعة في فضل سورة إبراهيم ومن أشهرها وأكثرها تداولًا بين الناس حديث:”من قرأ سورة إبراهيم أعطي من الحسنات بعدد من عبد الأصنام، وعدد من لم يعبدها، ومن كتبها في خرقة بيضاء وعلقها على طفل، أمن عليه من البكاء والفزع، ومما يصيب الصبيان”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 158 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
اقرأ أيضًا: فضل سورة الأنعام
خواص سورة إبراهيم
تختص سورة إبراهيم بالعديد من الفضائل والمقاصد التي يمكن استخلاصها من موضوعات السورة والتي تتمثل في:
- ذكر القرآن الكريم، وأنه كتاب هداية وبيان، وذكر ملك الله سبحانه للسموات والأرض، وأنه أرسل الرسل بلسان قومهم؛ ليبينوا لهم مراد الله سبحانه.
- استعراض قصة موسى عليه السلام، ونعمة الله على قومه إذ أنجاهم من آل فرعون، وذكر أخبار بعض الأنبياء مع أقوامهم، ونماذج من المحاورات التي دارت بين الرسل وبين من أرسلوا إليهم، وجزاء الله تعالى للظالمين المكذبين.
- المحاجة بين أهل النار الضعفاء والذين استكبروا، ومجادلة الشيطان لهم في النار، ثم ذكر حال أهل الجنة وما لهم من النعيم المقيم، ثم ذكر مثل لكلمتى الإيمان والكفر، ثم ذكر حال الكفار؛ فقد بدلوا نعمة الله كفرا، وأحلوا قومهم دار البوار، وذكر المؤمنين الذين لم يبدلوا نعمة الله كفرا، وأقاموا الصلاة، وأنفقوا مما رزقهم الله سرا وعلانية.
- بيان بعض نعم الله تعالى على خلقه.
- خبر إبراهيم عليه السلام وعبادته لله سبحانه وتركه لعبادة الأصنام، ودعوته لذريته بسعة الرزق، وتضرعه إلى الله سبحانه، ثم بين مهمة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي النذارة بيوم القيامة.
- ختام السورة بآيات فيها من التحذير والوعيد، وذكر أنواع من العذاب مما أعده للظالمين، وذكر سبحانه أنه في يوم القيامة يكون الجزاء، فتجزى فيه كل نفس بما كسبت، فهو سريع الحساب.
اقرأ أيضًا: فضل سورة الرعد