سورة الأنعام من سور القرآن الكريم المكية، والتي نزلت على الرسول -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة النبويّة، وتعد سورة الأنعام من السور الطويلة، وعدد آياتها مئة وخمس وستون آية، ويعظم فضل سورة الأنعام بسبب أنها تدور حول أصول الدين والعقيدة الإسلامية.
فضل سورة الأنعام
نزلتْ سورَةُ الأنعامِ بمَكَّةَ ليلًا جملةً ، حولَها سبعونَ ألفَ ملَكٍ يجأرونَ حولَها بالتَّسبيحِ. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير، الصفحة أو الرقم: 1/761 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَل مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 2305 | خلاصة حكم المحدث : حسن )) السبعُ الأُوَل هي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة. وأَخَذَ السَّبْعَ: أي من حفظها وعلمها وعمل بها، والحَبْر: العالم المتبحر في العلم؛ وذلك لكثرة ما فيها من أحكام شرعية.
قال علي بن أبي طالب: هكذا أُنزِل القرآنُ خمسًا خمسًا ؛ ومن حفظه هكذا لم ينسَه إلا سورةَ الأنعامِ ، فإنها نزلت جملةً في ألفٍ يُشيِّعُها من كُلِّ سماءٍ سبعونَ ملَكًا ، حتى أدَّوها إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ، ما قُرِئت على عليلٍ قطُّ إلا شفاه اللهُ عزَّ وجلَّ. (( الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الذهبي | المصدر : ميزان الاعتدال، الصفحة أو الرقم: 1/308 | خلاصة حكم المحدث : جيد )) ولذلك وصفها عُمَرُ بْنِ الْخَطَّابِ بأنّها مِنْ نَوَاجِبِ الْقُرْآنِ.
عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ. (( الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب، الصفحة أو الرقم: 1457 | خلاصة حكم المحدث : حسن )) وسورة الأنعام من السبع الطِّوَال التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان التوراة.
مَرَّ المَلأُ مِن قُرَيشٍ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعندَه خَبَّابٌ، وصُهَيبٌ، وبِلالٌ، وعَمَّارٌ، فقالوا: يا محمَّدُ، أرَضِيتَ بهؤلاء؟ فنزَلَ فيهم القُرآنَ: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} إلى قَولِه: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ} [الأنعام: 51-58]. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 3985 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
مما يدل على فضل سورة الأنعام وآياتها ما جاء عن مالك بن أنس قال: أحسَنُ ما سمِعْتُ في الخَيلِ، والبِغالِ، والحَميرِ أنَّها لا تُؤكَلُ؛ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قال: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8] وقال تَبارَكَ وتَعالى في الأنعامِ: {لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [غافر: 79]، وقال تَبارَكَ وتَعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28]. (( الراوي : مالك بن أنس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم: 8/74 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات ))
إذَا سَرَّكَ أنْ تَعْلَمَ جَهْلَ العَرَبِ، فَاقْرَأْ ما فَوْقَ الثَّلَاثِينَ ومِئَةٍ في سُورَةِ الأنْعَامِ، {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أوْلَادَهُمْ سَفَهًا بغيرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 140] إلى قَوْلِهِ {قَدْ ضَلُّوا وما كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام: 140]. (( الراوي : سعيد بن جبير | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3524 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
اقرأ أيضًا: أسباب نزول سورة الأنعام
فضائل سورة الأنعام وخواصها
- من فضائل سورة الأنعام بيان أن حق الحمد ليس إلا لله؛ لأنه مبدع العوالم، وإبطال تأثير الشركاء من الأصنام والجن؛ بإثبات أنه المتفرد بخلق العالم، وخلق الإنسان ونظام حياته وموته، بحكمته تعالى وعلمه، وتنزيه الله تعالى عن الولد والصاحبة.
- موعظة المعرضين عن آيات القرآن والمكذبين بالدين الحق، وتهديدهم بأن يحل بهم ما حل بالقرون المكذبين من قبلهم، والكافرين بنعم الله تعالى، وأنهم ما يضرون بالإنكار إلا أنفسهم، ووعيدهم بما سيلقون عند نزع أرواحهم، ثم عند البعث.
- تسفيه المشركين فيما اقترحوه على النبي صلى الله عليه وسلم من طلب إظهار الخوارق تهكما، وإبطال اعتقادهم أن الله شاء لهم الإشراك؛ قصدا منهم لإفحام الرسول صلى الله عليه وسلم، وبيان حقيقة مشيئة الله، وإثبات صدق القرآن بأن أهل الكتاب يعرفون أنه الحق.
- سوق حشد من الأدلة والبراهين على وحدانية الله، وقدرته، وأنه وحده المستحق للعبادة.
- الإنكار على المشركين تكذيبهم بالبعث، وتحقيق أنه واقع، وأنهم يشهدون بعده العذاب، وتتبرأ منهم آلهتهم التي عبدوها، وسيندمون على ذلك، كما أنها لا تغني عنهم شيئا في الحياة الدنيا؛ فإنهم لا يدعون إلا الله عند النوائب.
- من خواص سورة الأنعام أن فيها تسلية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتثبيت لقلبه، ودعوته للصبر على تحمل أعباء الرسالة دون كلل ولا ملل، وإرشاده إلى الاقتداء بمن سبقه من الرسل الذين صبروا على تكذيب أقوامهم.
- بيان حكمة إرسال الله الرسل، وأنها الإنذار والتبشير، وليست وظيفة الرسل إخبار الناس بما يتطلبون علمه من المغيبات.
- التأكيد على اختصاص الحق تعالى بالعلم المغيب، وقهره، وغلبته على المخلوقات.
- توضيح أن الذين يستجيبون لدعوة الحق، هم الذين يسمعون ويتعظون ممن قلوبهم حية، أما من ماتت قلوبهم فهم لا ينتفعون بموعظة، ولا يقبلون هداية، ومصيرهم إلى الله وسيجازيهم على جحودهم وأعمالهم المنكرة.
- إبراز أن تفاضل الناس بالتقوى والانتساب إلى دين الله، وإبطال ما شرعه أهل الشرك من شرائع الضلال.
- النهي عن مجالسة الخائضين في آيات الله ومؤانستهم.
- الأمر بالإعراض عن المشركين، والنهي عن سب الأصنام وعبادها.
- من فضائل السورة بيان أن التقوى الحق ليست مجرد حرمان النفس من الطيبات، بل هي حرمان النفس من الشهوات التي تحول بين النفس وبين الكمال والتزكية.
- ضرب المثل للنبي صلى الله عليه وسلم مع قومه بمثل إبراهيم عليه السلام مع أبيه وقومه، وكان الأنبياء والرسل على ذلك المثل؛ من تقدم منهم ومن تأخر.
- المنة على الأمة بما أنزل الله من القرآن هدى لهم، كما أنزل الكتاب على موسى، وبأن جعلها الله خاتمة الأمم الصالحة.
- التشديد على فضيلة القرآن ودين الإسلام وما منح الله لأهله من مضاعفة الحسنات، وتخللت ذلك قوارع للمشركين، وتنويه بالمؤمنين، وامتنان بنعم اشتملت عليها مخلوقات الله، وذكر مفاتح الغيب.
- استعراض أحوال العرب في الجاهلية، مع بيان ما كانوا عليه من سفاهة، وسورة الأنعام أجمع سور القرآن لذلك.
- في السورة تفصيل محرمات الشريعة الإسلامية، ومحكمات آيات القرآن، والأوامر والنواهي.
- ذكر الله لخلافة الخلائق، وتفاوت درجاتهم، وختم السورة بذكر سرعة عقوبة الله لمستحقيها، ورحمته ومغفرته لمستوجبيها.