النبي ذو النون هو نبي الله يونس عليه السلام، أرسله الله لقومه ليدعوهم لتوحيده عز وجل وعبادته، إلا أنهم لم يستجيبوا له مهما دعاهم فخرج من بينهم وركب سفينة محملة بالمتاع، وتم رميه في البحر فالتقمه الحوت وابتهل ربه وقال لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، تعرف معنا على قصة نبي الله يونس والدروس المستفادة منها.
النبي ذو النون
- هو نبي الله يونس بن متى عليه السلام أرسله الله عز وجل لأهل نينوى وهي قرية في مدينة الموصل، العراق.
- دعا سيدنا يونس أهل هذه القرية لعبادة الله عز وجل وتوحيده إلا أنهم أبوا وضاقوا به ذرعًا، واستمروا في طغيانهم، وعلى الرغم من أنه استمر في دعوتهم إلا أنهم استمروا في ظلمهم وكفرهم وبعدهم عن الحق، لذلك ضاق بهم ذرعًا، وأنذرهم بعذاب الله القريب، ثم خرج من بينهم.
- عندما رأى قوم يونس بوادر العذاب الذي أنذرهم منه نبيهم، ووجدوا أنه خرج من بينهم، استكانوا لله وتضرعوا له تائبين يرجون رحمته ولهجوا في الدعاء والاستغفار، فأنزل الله عز وجل رحمته عليهم وكشف العذاب عنهم، قال تعالى: ﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [يونس: 98].
النبي ذو النون صاحب الحوت
- سيدنا يونس عليه السلام لقب بذي النون لأن الحوت قد التقمه والنون هنا هو الحوت، لذلك فإن سيدنا يونس هو صاحب الحوت.
- عندما لم يستجب له قومه مهما استمر في دعوتهم خرج من بينهم لأنه استشعر أنه لن يكون هناك سجن أو ضيق أكثر مما مر به، وكان هذا الخروج بدون إذن الله عز وجل فلامه الله سبحانه وتعالى، وقدّر له ضيق أشد بكثير عما كان فيه.
- خرج سيدنا يونس من نينوى متجهًا إلى البحر واستقل سفينة مشحونة بالمتاع والركاب، وأثناء سير السفينة في البحر، وهنت بسبب ثقل الحمل فاحتار أهلها في سبيل النجاة وقرروا أن يرموا راكب واحد حتى ينجو جميعًا وقع الاختيار على سيدنا يونس عليه السلام.
- تم إلقائه عليه السلام في البحر اللجي ومن عناية الله سبحانه وتعالى به أنه أرسل له حوت فالتقمه بدون أن يمزق لحمه، أو يكسر عظمه، وقتها عرف سيدنا يونس أنه أخطأ في ظنه بأنه لا يوجد سجن أسوأ من تكذيب قومه، قال تعالى: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾ [الأنبياء: 87]
- بعد أن التقمه الحوت ابتهل سيدنا يونس يناجي ربه بقوله: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين ﴾ [الأنبياء: 87].
إليك: اثر صدق النبي في قبول الناس لدعوته
- روى أنس – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” أَنَّ يُونُسَ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ – حِينَ بَدَا لَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَذِهِ الْكَلَمَّاتِ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، قَالَ: “اللَّهُمَّ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”. فَأَقْبَلَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ تَحُفُّ بِالْعَرْشِ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبِّ، صَوْتٌ ضَعِيفٌ مَعْرُوفٌ مِنْ بِلَادٍ غَرِيبَةٍ؟ فَقَالَ: أَمَا تَعْرِفُونَ ذَاكَ؟ قَالُوا: لَا يَا رَبِّ، وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَبْدِي يُونُسُ، قَالُوا: عَبْدُكَ يُونُسُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يُرفَع لَهُ عَمَلٌ مُتَقَبَّلٌ، وَدَعْوَةٌ مُجَابَةٌ؟! قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: يَا رَبِّ، أَوَلا تَرْحَمُ مَا كَانَ يَصْنَعُ فِي الرَّخَاءِ؛ فتنجيَه مِنَ الْبَلَاءِ؟ قَالَ: بَلَى. فَأَمَرَ الْحُوتَ فَطَرَحَهُ فِي الْعَرَاءِ ” رواه ابن أبي حاتم بإسناد يتقوى بغيره كما قال ابن كثير.
- أخرج الله عز وجل سيدنا يونس النبي ذو النون من بطن الحوت في عراء فقر وأنبت له الله اليقطين المعروف بجودة ثمارها ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الصافات: 143، 144].
- تاب الله على سيدنا يونس وجعله من الصالحين ومكنه من الرجوع لقومه مسرورًا، فدخلوا في دين الله جميعًا، وكانت أمته عليه السلام هي الأمة الوحيدة التي أمنت كلها لله، وكان عددهم أكثر من 100 ألف.
- كانت أمة يونس عليه السلام هي الأمة الوحيدة التي تمكنت من النجاة من عذاب الله سبحانه وتعالى بعد تحققه.
ذو النون في القرأن الكريم
- ذكرت قصة سيدنا يونس بن متى عليه السلام في القرأن الكريم في سورة (الأنعام)، و(يونس)، و(الأنبياء)، و(الصافات) و(القلم).
- قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين ﴾ [الصافات: 139 – 148].
- قال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ﴾ [القلم: 48] ﴿ لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ﴾ [القلم: 49] ﴿ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [القلم: 50].
- قال عز وجل: ﴿فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ }يونس: 98{.
- {فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} (الأنبياء:88).
اقرأ: هل تعلم عن السيرة النبوية … معلومات عن النبي محمد صلي الله عليه وسلم
دروس مستفادة من قصة يونس عليه السلام
- سر نجاة سيدنا يونس عليه السلام هو ذكره لله عز وجل واستغفاره له ومناجاته وطلب الرحمة منه في شدته مثلما كان يفعل في رخائه، قال تعالى: ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الصافات: 143، 144].
- الأعمال الصالحات في الشدة والرخاء دائما ما تكون سبب في رفع المحن، وإزالة الكرب، قال الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – لابن عباس: ((تعرَّف إلى الله في الرخاء، يعرفْك في الشدة))؛ رواه الترمذي.
- الإيمان سبب النجاة من المحن، ورفع البلاء، ومخرجٌ من الفتن، فلقد أنجى الله سيدنا يونس من شدته ثم قال: ﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88]، وعندما أمن قوم سيدنا يونس رفع الله عنهم العذاب: ﴿ إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾.
- التسبيح سبب لرفع البلاء، ودفع الهم والغَمّ، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 97، 98]، ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ﴾ [طه: 130].
- عدم اليأس من تقديم النصيحة مهما أخذت من وقت فالصبر هو سبيل فتح مغاليق القلوب.
- الصبر على البلاء يَزيد من مكانة العبد عند ربِّه، وعند الناس.