فضل سورة يوسف عظيم ولا يخفى على أحد، فهي واحدة من أشهر السور القرآنية التي تستعرض قصة النبي يوسف بالتفصيل، و سورة يوسف تعد من السور المكية في القرآن الكريم، والتي يبلغ عدد آياتها مئة وإحدى عشرة آية، وتحتل المرتبة الثالثة والخمسين من حيث النزول؛ إذ نزلت بعد نزول سورة هود.
فضل سورة يوسف
لم يرد في فضل سورة يوسف أحاديث صحيحة في كونهًا سببًا لجلب الرزق أو الزواج أو انفراج الهموم أو غير ذلك ولكن بعض العلماء ذهبوا إلى القول بفائدة قراءة تلك السورة لمن كان يعاني من الهم والحزن؛ على اعتبار أنها جزء من القرآن الكريم الذي وصفه الله بأنه شفاء للناس، ورحمة.
يدل على فضل سورة يوسف أنها السورة الوحيدة التي أفردت لقصة نبي الله يوسف عليه السلام، ولم تذكر قصته في غيرها، ولم تذكر قصة نبي في القرآن بمثل هذا الإطناب كما ذكرت قصة يوسف عليه السلام في هذه السورة، فهي أطول قصة في القرآن، وهناك بعض الأحاديث التي تدل على فضل سورة يوسف وأبرزها:
عن سعد بن أبي وقَّاص -رضي الله عنه- أنَّه قال: أُنزِل القرآنُ على رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فتلا عليهم زمانًا فقالوا: يا رسولَ اللهِ لو قصَصْتَ علينا، فأنزَل اللهُ: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} إلى قولِه: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}، فتلاها عليهم رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- زمانًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ لو حدَّثْتَنا، فأنزَل اللهُ: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا}، كلَّ ذلك يُؤمَرونَ بالقرآنِ قال خَلَّادٌ: وزاد فيه حينَ قالوا: يا رسولَ اللهِ ذكِّرْنا، فأنزَل اللهُ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}. (( الراوي: سعد بن أبي وقاص، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الموارد، الصفحة أو الرقم: 1462، خلاصة حكم المحدث: صحيح ))
عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطّوالَ ، و أُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئِينَ ، و أُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ ، و فُضِّلْتُ بالمفَصَّلِ. (( الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1059 | خلاصة حكم المحدث : صحيح )) وسورة يوسف من المئين التي أوتيها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مكان الزبور.
قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: الفَتَيانِ اللَّذانِ أتَيا يوسُفَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في الرُّؤيا إنَّما كانا تَكاذَبا فلمَّا أوَّلَ رؤياهُما قالا: إنَّا كنَّا نلعَبُ، قالَ يوسُفُ: قُضِيَ الأمرُ الَّذي فيهِ تَستَفتِيانِ. (( الراوي : علقمة | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين، الصفحة أو الرقم: 5/564 | خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين ))
قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: رحِم اللهُ يوسُفَ لولا الكلمةُ الَّتي قالها : اذكُرْني عندَ ربِّك ما لبِث في السِّجنِ ما لبِث ورحِم اللهُ لوطًا إنْ كان لَيأوي إلى رُكنٍ شديدٍ إذ قال لقومِه : {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} قال : فما بعَث اللهُ نَبيًّا بعدَه إلَّا في ثَروةٍ مِن قومِه. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 6206 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))
قال رجلٌ ليعقوبَ عليه السَّلامُ ما الَّذي أذهب بصرَك وحنَى ظهرَك قال أمَّا الَّذي أذهب بصري فالبكاءُ على يوسفَ وأمَّا الَّذي حنَى ظهري فالحزنُ على أخيه بنيامينَ فأتاه جبريلُ عليه السَّلامُ فقال أتشكو اللهَ عزَّ وجلَّ قال إنَّما أشكو بثِّي وحُزني إلى اللهِ قال جبريلُ عليه السَّلامُ اللهُ أعلمُ بما قلتَ منك قال ثمَّ انطلق جبريلُ عليه السَّلامُ ودخل يعقوبُ عليه السَّلامُ بيتَه فقال أيْ ربِّ أما ترحمُ الشَّيخَ الكبيرَ أذهبتَ بصري وحنَيْتَ ظهري فاردُدْ عليَّ ريحانتَيَّ فأشُمَّهما شمَّةً واحدةً ثمَّ اصنَعْ بي بعد ما شئتَ فأتاه جبريلُ فقال يا يعقوبُ إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُقرِئُك السَّلامَ ويقولُ أبشِرْ فإنَّهما لو كانا ميِّتَيْن لنشرتُهما لك لأُقِرَّ بهما عينَك ويقولُ لك يا يعقوبُ أتدري لم أذهبتُ بصرَك وحنَيْتُ ظهرَك ولِمَ فعل إخوةُ يوسفَ بيوسفَ ما فعلوه قال لا قال إنَّه أتاك يتيمٌ مسكينٌ وهو صائمٌ جائعٌ وذبحتَ أنت وأهلُك شاةً فأكلتموها ولم تطعِموه ويقولُ إنِّي لم أحبَّ شيئًا من خلقي حبِّي اليتامَى والمساكينَ فاصنَعْ طعامًا وادْعُ المساكينَ قال أنسٌ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكان يعقوبُ كلَّما أمسَى نادَى مناديه من كان صائمًا فليحضُرْ طعامَ يعقوبَ وإذا أصبح نادَى مناديه من كان مُفطرًا فليفطِرْ على طعامِ يعقوبَ. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 3/316 | خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] ))
كان عُمرُ بنُ الخطَّابِ – رضي اللهُ عنه – يَقرَأُ في العتمةِ سورةَ يوسفَ وأنا في آخرِ الصفوفِ حتى إذا جاء ذِكرُ يوسفَ ، سمِعتُ نشيجًا. (( الراوي : علقمة بن وقاص الليثي | المحدث : النووي | المصدر : الخلاصة، الصفحة أو الرقم: 1/497 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
كان عثمان ابن عفّان -رضي الله عنه- يُكثر من قراءة سورة يوسف، ويدل على ذلك قول الفرافصة بن عمير الحنفي: “ما أَخَذْتُ سورةَ يُوسُفَ إلا من قراءةِ عثمانَ بنِ عَفَّانَ إِيَّاها في الصُّبْحِ؛ من كَثْرَةِ ما كان يُرَدِّدُها”. (( الراوي: الفرافصة بن عمير الحنفي، المحدث: الألباني، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 825، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح ))
اقرأ أيضًا: فضل سورة يونس
فضائل سورة يوسف وخواصها
ذكرت قصة يوسف عليه السلام في هذه السورة مفصلة في مكان واحد، دون غيرها من قصص الأنبياء، ومن أبرز ما اشتملت عليه هذه السورة من فضائل وخواص:
- التأكيد على غلبة أمر الله مهما كاد الناس، ومكروا؛ فقد كاد إخوة يوسف له عندما بيتوا له نية الأذى، فقضى الله بأمره وتدبيره نجاته، وتمكينه؛ فأصبح في نهاية المطاف عزيز مصر؛ وعلى الرغم من المحن الكثيرة التي تعرض لها يوسف -عليه السلام-، إلا أن العاقبة التي آل إليها تؤكد سنة الله في الكون؛ وهي أن العاقبة للمتقين.
- بيان أهمية الاقتداء بشخصية النبي يوسف -عليه السلام-؛ فقد ذكر الله قصته؛ حتى يكون قدوة يحتذى بها؛ قال -تعالى-: (ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين).
- إظهار الافتقار إلى الله -سبحانه وتعالى-، والخضوع له؛ فقد قال الله -تعالى- على لسان نبيه يوسف -عليه السلام-: (قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين).
- الإشارة إلى أن الحيل المشروعة جائزة ما دامت أهدافها خيرة؛ فقد لجأ يوسف -عليه السلام- إلى استخدام الحيلة المشروعة؛ كي يحتفظ بأخيه إلى جانبه، إلا أن الحيلة التي تهدف إلى الشر وارتكاب ما هو محرم غير جائزة.
- إبراز كرم العافين عن الناس؛ فقد قابل يوسف -عليه السلام- إساءة إخوته بالعفو، والغفران، ومن عليهم بكرمه، وإحسانه؛ وذلك في قول الله -تعالى- على لسان نبيه -عليه السلام- عند مجيء إخوته إليه في مصر، فقد أشار يوسف أمام إخوته إلى خروجه من السجن، ولم يذكرهم بجريمتهم عندما وضعوه في الجب، وإنما نسب ذلك الفعل إلى غواية الشيطان ونزغه.
- التأكيد على أن الله لا يؤخر النصر إلا لحكمة بالغة تتمثل بالتمييز بين الطيب والخبيث.
- التربية الصالحة، والعفة، والاستقامة، والأمانة، وصلابة العقيدة، والصبر من أسباب تحقيق النصر، والعزة، والتمكين، وتخطي الصعاب، والفرج؛ فقد تربى يوسف -عليه السلام- في بيت النبوة، فنشأ نشأة صالحة على الأخلاق الكريمة، والمزايا الرفيعة التي ورثها عن آبائه وأجداده من الأنبياء الكرام.
- التمسك بالمبدأ -إن كان خيرا-، واليقين التام بأن الحق لا بد أن يظهر حتى ولو بعد حين؛ فعلى الرغم من أن يوسف -عليه السلام- كان قد اتهم ظلما، وسجن، إلا أن الله أظهر براءته، ورفعه مكانا عليا.
- الدعوة إلى توحيد الله، والإيمان به منهج الأنبياء، وهاجس الداعية في كل حين؛ إذ لم يغفل يوسف -عليه السلام- عن الدعوة حتى أثناء سجنه ومحنته؛ فقد استغل لجوء السجينين إليه؛ لتفسير رؤياهما؛ فدعاهما إلى الإيمان، واتباع دين التوحيد.
اقرأ أيضًا: فضل سورة هود