لطالما شغل الناس الاهتمام بكل ما خرج عن نطاق الطبيعية، وكأنهم قد امتلأت عقولهم بما توصل إليه العالم من تقدم، ولم يتبق لديهم سوى البحث فيما يضفي عليهم الدهشة، مثل قراءة كتاب شمس المعارف، بل ومحاولة البعض تقليد أمر ما من أجل الحصول على ما يظنون أنهم به قد تجاوزوا كينونة إنسانيتهم؛ في حين أنهم يقومون بارتكاب جريمة كبرى في حق أنفسهم، وفي حق غيرهم من الناس.
كتاب شمس المعارف
الاسم الكامل لهذا الكتاب هو: كتاب شمس المعارف الكبرى ولطائف العوارف، ولكن يطلق عليه اختصارا اسم شمس المعارف، مكون من أربعة أجزاء مجموعة في مجلد واحد يقرب الستمائة صفحة، ألفه أحمد بن علي البوني، قيل أنه شيعي المذهب، وقيل أيضا إن مؤلفه مشعوذ ومارد كبير من مردة الجن، وكانت وفاته في سنة 622 هـ.
أُعيد طبع هذا الكتاب حديثا مع حذف وتحريف بعض مواضيعه، ولكن ما يزال الكتاب يحتوي على العديد من الأمور المتعلقة بالسحر. والكتاب يقع في 577 صفحة إضافةً إلى احتوائه على أربع رسائل في نهايته من تأليف عبد القادر الحسيني الأدهمي.
يتناول الكتاب مواضيع متنوعة تتعلق بتحضير -أو استحضار- الجن، وبعض الأمور التي كانت مفهومة وبعضها التي لم تفهم للآن، يحتوي على أربعين فصلا منها:
- في الحروف المعجمة وما يترتب فيها من الأسرار والإضمارات.
- في أحكام منازل القمر الثمانية والعشرين الفلكيات.
- في أحكام البروج الاثني عشر ومالها من الإشارات والارتباطات.
- في الخلوة وأرباب الاعتكاف الموصلة للعلويات.
- في الأسماء التي كان النبي عيسى يحيي بها الأموات.
- في الاختراعات والأنوار الرحموتيات.
- في خواص بعض الأوفاق والطلسمات النافعة.
وبعض الفصول التي احتوت عناوين تتعلق بالقرآن وأسرار سوره، ولكن هي فصول بعناوين غير مألوفة مثل:
- في أسرار البسملة وما لها من الخواص والبركات الخفيات.
- في خواص أوائل القرآن والآيات والبينات.
- في اسم الله الأعظم وما له من التصريفات الخفيات.
- في أسماء الله الحسنى وأوفاقها النافعات المجريات.
- في خواص آية الكرسي وما فيها من البركات الخفيات.
- في سورة يس وما لها من الدعوات المستجابات.
اقرأ أيضًا: مقال عن السحر
حكم قراءة كتاب شمس المعارف
الاستعانة بالجن والاعتقاد بقدراتهم التي منحها الله -عز وجل- بقدرته لهم، والإيمان بقدرة الجن والمشعوذين على دفع الأذى أو إلحاقه بأحد كله يقبع تحت تفاصيل الشرك بالله، فالله تعالى هو الضار النافع الواهب المعطي المعز المذل، هذا من جانب من قصد السحرة ولجأ لأعمالهم، أما السحرة أنفسهم فحدهم القتل في الإسلام؛ وذلك لما يقوموا به من تدنيس للمصحف ولله وألفاظ الشرك والخروج من الملة وغيره، وأيضا لما ينشروا من فتنة بين أبناء المجتمع المسلم فقد يتسبب -بإذن الله- بموت مسلم أو تفريق بين زوجين أو فتنة مؤمن عن دينه وما شابه ذلك.
وروي أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أمر بقتل كل السحرة في بلاد الشام دون استتابة -أي دون إمهالهم ومنحهم مدة زمنية للتوبة-، أما في حكم قراءة كتاب شمس المعارف فهو يتبع ما تم ذكره من حكم السحر من ناحية التحريم -ليس إقامة الحد-.
وقد حرم العلماء المسلمون قراءة هذا الكتاب لأي سبب كان، وقد قيل بأن البعض يصيبه المس حين قراءته ولكن لم ينفِ العلماء أو يثبتوا هذا الخبر، إلا أن خلاصة حكم قراءته هي التحريم ووجوب الإتلاف والله تعالى أعز وأعلم.
اقرأ أيضًا: ادعية فك السحر والعين والحسد
معلومات حول كتاب شمس المعارف
يعتبر كتاب شمس المعارف لمؤلفه أحمد البوني، على رأس قائمة الكتب الأكثر تداولا في الوطن العربي، ومن اللافت للنظر أنه متداول بين المؤيدين المصدقين لما فيه والمعارضين أيضا على درجة قريبة، بل ومن القارئ لمجرد القراءة يتضح استناد الكاتب في مقدمة كتابه على أول مبادئ الكلام المفهوم الواضح، وبما يمكنه دون أي عناء أن يغرس فيك الشك بأن كاتب هذا الكلام يؤمن بالله وينطق بالشهادتين؛ إلا أنه سرعان ما تنتهي من قراءة المقدمة تجده يضع قواعد على القارئ أن يسلم بصحتها دون أن يفهم حقيقتها، ومن ثم يقع في شرك الشيطان.
ومن المعلوم أن الأبراج مذكورة في القرآن، في قوله تعالى: “والسماء ذات البروج”، وأن هذا القسم عظيم، ولا ينكره إلا كافر بآيات الله، إلا أننا لم نجد أفضل من خير خلق الله – صلى الله عليه وسلم – معلما، فلو كانت هذه العلوم ذات فائدة، لما تركها من لا ينطق عن الهوى، ولأوصى بها في أمته، لكن هذا لم يحدث.
ولا يخفى على القارئ الواعي أن القول تبدو قيمته إذا ما أحسن قائله اختيار ألفاظه، فإذا ما استقر في نفس الإنسان أن للعلوم أدابا، استقامت نظرته للعلم دون الحاجة إلى ترديد ما ليس له به علم، سواء كان في كتاب شمس المعارف، أو في غيره من الكتب التي لا طائل منها.
وإذا قمنا بافتراض الصحة في علوم الأبراج على هذا النحو الذي جاء به مؤلف كتاب شمس المعارف، فماذا سيكون الأمر عندما يتبين لنا أن الإيمان بالأسباب قائم على عدم الاعتقاد فيها؟ فالسبب لا ينفع ولا يضر ولا يغير من الأمر شيئا بدون مسببه؛ والله عز شأنه مسبب الأسباب، وهذا درب من دروب الشيطان أن يفتح لك تسعة وتسعين بابا من أبواب الخير ليوقعك في باب واحد من أبواب الشر، فمن السفه أن ننزل الأسباب منزلة المسبب، فهذا هو الإشراك بالله، والعياذ بالله.
وما وجدت على الإنسان صعوبة أشد من إقحام نفسه في الفتن، على غير فطنة منه ببواطن العواقب، واستجابته لدعوة الشيطان المغلفة بغلاف العلم، ثم بعد هذا ينزلون هذه العلوم منزلة القرآن، بل ويوقنون بصحة ما فيها بتحريف مسميات الأشياء، فتجدهم بعد هذا يلقبون الساحر بالروحاني، من أجل أن يأخذ الكلام مسارا غير مساره الصحيح.
وإذا وقفت أمام أحد المؤيدين وسألته عن حقيقة الجن؟ وجدته يكاد لا يفقه مما يقوله حرفا واحدا، ولتململ ومال، وخاب وخسر، وبانت حقيقة جهله أوضح بيان.
إذا اتحد الجهل والخوف في الإنسان رأيته يسلك مسلك الخائبين، لا يحسن طلب العلم، ولا يناله من سعيه سوى التخبط، ولرأيته يدافع عن الباطل ظنا أنه الحق، وإن العلوم ظاهرة كانت أم خفية لا ينالها إلا من كان صاحب خبيئة مع الله، وليس ينالها من تتبع دروب الشيطان فهوى.
اقرأ أيضًا: أحاديث عن الغيب