تعدُّ سورة المرسلات من السور الكريمة التي تعالج أمور العقيدة، وتبحث في شؤون الآخرة، ودلائل قدرة الله -عزّ وجل- ووحدانية الله -سبحانه وتعالى-، وجميع الأمور الغيبية، إذ بدأت السورة الكريمة بأسلوب القسم بقوله -سبحانه وتعالى: “وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا” والمقصود بها رياح العذاب، لذا لم يذكر في السورة لفظ الجلالة، وفي هذا المقال يُوضح لكم موقع معلومات فضل سورة المرسلات.
فضل سورة المرسلات
سُور القرآن الكريم جميعها ذات فضلٍ عظيم وخيرٍ كبير على المسلمين؛ إذْ تُعدُّ قراءة القرآن الكريم من أعظم القُربات التي يتقرّب بها العبد إلى ربه، فقد ذكر عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من قرأ حرفًا من كتابِ الله؛ فلهُ بهِ حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكنْ ألفٌ حرف، ولامٌ حرف، وميمٌ حرف”.(( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/296 | خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] ))
لكنّ قراءة بعض السُّور في أوقاتٍ محددةٍ لها فضل كبير، إنّ فضل سورة المرسلات كبير فهي من السور القرآنية التي حثّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- على قراءتها فقد كانت سببًا في ظهور الشيب عليه؛ لما فيها من الإخبار عن يوم القيامة وأهوالها: “قالَ أبو بَكْرٍ -رضيَ اللَّهُ عنهُ-: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت”. (( الراوي : وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5283 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره وإسناده صحيح ))
سبب نزول سورة المرسلات
رغمَ أنَّ العديد من سور القرآن الكريم كان لها أسباب نزول مباشرة -غير المقاصد التي نزلَت من أجلها- كموقفٍ معيَّنٍ حصلَ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو ردًّا على أسئلةٍ كانت مطروحةً عليه أو غير ذلك، إلَّا أنَّ هناك عددًا من السور لم يكن لها أسباب مباشرة للنزول ومنها سورة المرسلات، فقد نزلَت على قلبِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غارٍ بمنى، وكان معه جمعٌ من الصحابة -رضي الله عنهم- منهم الصحابي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وقد روى الحديثَ الصحيح الذي قال فيه: “كُنَّا مع النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- في غَارٍ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عليه: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}، فَنَحْنُ نَأْخُذُهَا مِن فيه رَطْبَةً، إذْ خَرَجَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقالَ: اقْتُلُوهَا، فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا فَسَبَقَتْنَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: وَقَاهَا اللَّهُ شَرَّكُمْ كما وَقَاكُمْ شَرَّهَا”. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 707 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))
مضامين سورة المرسلات
سُمّيت سورة المرسلات بهذا الاسم لورودِ كلمة المرسلات التي أقسم الله -سبحانه وتعالى- في الآية الأولى: “وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا”، واختلف أهل التفسير في معنى كلمة المرسلات المُقسم بها فقد قيل إنّ المقصود منها الملائكة، تحدثت سورة المرسلات عن مواضيع متعددة، منها:
- تبدأ سورة المرسلات بقَسَمٍ عظيم من الله تعالى بملائكة العذاب التي يُرسلها الله على الكافرين، وريح العذاب التي يرسلها على العصاة، وعندما يقسم الله بأحد مخلوقاته فإنَّ ذلك تعظيمًا لشأنه ونظرًا لأهميَّة المهمَّة التي أوكلها الله إليه.
- بيان قدرة الله -سبحانه وتعالى- في خلق الأرض شاملة جميع الأحياء والأموات، وما خلق الله -سبحانه وتعالى- من جبال، وخلق الماء الذي هو أصل الحياة.
- من مقاصد سورة المرسلات تصوير الأهوال التي ستحلُّ على الكون يوم القيامة، والحديث عن العديد من التغيُّرات التي ستطرأ على السماوات وما فيها وعلى الأرض وما فيها.
- تُبيّن سورة المرسلات مصير المجرمين في الآخرة، وما ينتظرهم من العذاب في جهنم.
- المقارنة بين الكفار والمؤمنين المتقين، إذ توبّخ الكافرين وتهددهم على تكذيبهم وإجرامهم، أمّا المؤمنين المتقين تذكرهم بجميع أنواع النعيم، وإكرام الله -عزّ وجل- لهم في الآخرة.
- ابتدأت السورة الكريمة بأسلوب القسم بالملائكة، والرياح، على أنّ البعث والحساب والجزاء يوم القيامة حتمًا لا مجال كما وعد الله -سبحانه وتعالى-.
- ذكرت بعض مشاهد يوم القيامة، وما يحدث من انقلابات في السماء والأرض والجبال.
- تذكير الإنسان بأصله ومصيره.
- تشير إلى تعذيب الله -سبحانه وتعالى- السابقين الذين كذبوا بالرسل -عليهم الصلاة والسلام-.
اقرأ أيضًا:
المصادر: