تعتبر سورة المائدة من طوال سور القرآن، ومن أجلها منزلة وأعلاها مكانة، ويعظم فضل سورة المائدة نظرًا لما تطرّقت إليه من مواضيع من بينها جوانب التشريعات، مثلها مثل سورتي البقرة والنساء، بالإضافة إلى التطرق إلى مواضيع تتعلق بالعقيدة، وذكر تفاصيل قصص الأنبياء وأهل الكتاب.
فضل سورة المائدة
سورة المائدة مِن السَّبعِ الطِّوالِ التي أُوتِيَها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مكانَ التَّوراةِ: فعَن واثلةَ بنِ الأَسقَعِ رضِي اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أُعطِيتُ مَكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ، وأُعطيتُ مَكانَ الزَّبورِ المِئِينَ، وأُعطيتُ مَكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفضِّلتُ بالمفَصَّلِ. (( الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1059 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَل مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ». (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 2305 | خلاصة حكم المحدث : حسن )) السبعُ الأُوَل هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة. وأَخَذَ السَّبْعَ: أي من حفظها وعلمها وعمل بها، والحَبْر: العالم المتبحر في العلم؛ وذلك لكثرة ما فيها من أحكام شرعية.
عَنْ مُجاهد بن جبر المكي قَالَ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: علِّموا رجالَكم سورةَ المائدةِ، وعلِّموا نساءَكمُ سورةَ النُّورِ. (( الراوي : مجاهد بن جبر المكي | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم: 5464 | خلاصة حكم المحدث : مرسل ))
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أُنْزِلَت علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سورَةُ المائدةِ وَهوَ راكبٌ علَى راحلتِهِ ، فلم تَستَطِع أن تحملَهُ ، فنزلَ عَنها. (( الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 10/127 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم ليلةً فقرأ بآيةٍ من سورة المائة حتَّى أصبحَ يركعُ بها ويسجدُ بها { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ . . . }، فلمَّا أصبح قلتُ : يا رسولَ اللهِ ما زلتَ تقرأُ هذه الآيةَ حتَّى أصبحتَ تركعُ بها وتسجدُ بها . قال : إني سألتُ ربيَ الشفاعةَ لأمتي فأعطانيها وهي نائلةٌ إنْ شاء اللهُ لمن لا يشركُ باللهِ شيئًا. (( الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : الألباني | المصدر : أصل صفة الصلاة، الصفحة أو الرقم: 2/535 | خلاصة حكم المحدث : حسن أو صحيح ))
ومما يدل على فضل سورة المائدة أنّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قال لِعُمَر بن الخطّاب: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لو أنَّ عليْنا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3]، لاتَّخَذْنا ذلكَ اليومَ عِيدًا، فقالَ عُمَرُ: إنِّي لَأَعْلَمُ أيَّ يَومٍ نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ، نَزَلَتْ يَومَ عَرَفَةَ، في يَومِ جُمُعَةٍ. (( الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7268 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
عَنْ اللَّهِ بْنِ عباس قَالَ: آيتانِ نُسِخَتا مِن هذه السُّورةِ، يَعْني سورةَ المائِدةِ: {فَإِنْ جَاؤُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42]، فكان رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُخيَّرًا، إنْ شاءَ حكَمَ بَينَهم، وإنْ شاءَ أعرَضَ عنهم، فرَدَّهم إلى أحكامِهِم، فنزَلَتْ: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49]، قال: فأُمِرَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَحكُمَ بَينَهم على كِتابِنا. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم: 4540 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات رجال الشيخين ))
عن أنس بن مالك قَالَ: إنَّ رهطًا مِن عُكْلٍ وعُرَينَةَ قدِموا المدينةَ فقالوا : يا رسولَ اللهِ إنَّا كنَّا أهلَ ضَرْعٍ ولَمْ نكُنْ أهلَ ريفٍ فاستَوْخَمْنا المدينةَ فأمَرهم أنْ يخرُجوا إلى إبِلِ الصَّدقةِ فيشرَبوا مِن ألباِنها وأبوالِها ففعَلوا فصحُّوا فقتَلوا راعيَ رسولِ اللهِ وكفَروا بعدَ إسلامِهم فبعَث رسولُ اللهِ في طلبِهم فجِيءَ بهم بعدَما ارتفَع النَّهارُ فقطَع أيديَهم وأرجُلَهم وسمَل أعيُنَهم ولَمْ يُسقَوْا ماءً حتَّى ماتوا فنزلت فيهم من سورة المائدة (إِنَّما جَزَاءُ الَّذينَ يُحارِبونَ اللهَ وَرَسولَهُ وَيَسعَونَ في الأَرضِ فَساداً) إلى آخر الآية. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4192 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
ومِن فضائل هذه السورة: أنَّها مِن آخِرِ ما نزَلَ مِنَ القُرآنِ: فعَن عبدِ اللَّهِ بنِ عَمرٍو رضِي اللهُ عنهما، قالَ: آخِرُ سُورةٍ أُنزِلَت سورَةُ المائدةِ. (( الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3063 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
عن جُبَيرِ بنِ نُفَيرٍ، قال: حَجَجتُ، فدَخَلتُ على عائِشَةَ رضِيَ اللهُ عنها، فقالت لي: يا جُبَيرُ، هل تَقرَأُ المائدةَ؟ فقُلتُ: نَعَمْ، فقالت: أمَا إنَّها آخِرُ سورةٍ نَزَلتْ، فمَا وَجَدتُم فيها من حَلالٍ فاستَحِلُّوه، وما وَجَدتُم فيها من حَرامٍ فحَرِّموه. (( الراوي : جبير بن نفير | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم: 6/ 304 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم )) ومن فضائل سورة المائدة أنَّها أجمعُ سُورةٍ في القُرآنِ لفُروعِ الشَّرائعِ، وذُكِر فيها مِن التَّحليلِ والتحريمِ والإيجابِ ما لم يُذكَرْ في غيرِها.
فضائل سورة المائدة وخواصها
- من أبرز فضائل سورة المائدة أنها جاءت لتقرير العقيدة الصحيحة، والاهتمام بأمور التوحيد، وتصحيح الكثير من المعتقدات الباطلة، والتذكير بيوم القيامة.
- تقرير أن الحكم لله تعالى وحده، وأنه لا حكم أحسن من حكم الله تعالى، مع بيان وجوب الحكم بما أنزل الله تعالى، وإلغاء حكم الجاهلية وتقبيحه.
- التأكيد على عقيدة الولاء والبراء، والتشديد على تولي المؤمنين، مع التحذير غاية التحذير من تولي أهل الكفر، وبيان أن الذين في قلوبهم مرض هم المسارعون في توليهم.
- تنظيم علاقات المسلمين مع غيرهم، خاصة اليهود والنصارى.
- بيان كثير من الأحكام الشرعية وتوضيحها؛ فمن ذلك: الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والمعاملات؛ كأحكام العقود، والذبائح، والصيد، والإحرام، ونكاح الكتابيات، والردة، وأحكام الطهارة، وحد السرقة، وحد البغي والإفساد في الأرض (الحرابة)، وتحريم الخمر والميسر، وكفارة اليمين، والنهي عن قتل الصيد في الإحرام، والوصية عند الموت؛ إلى غير ذلك.
- من خواص سورة المائدة أنها اشتملت سورة المائدة على بعض القصص، ومن ذلك قصة بني إسرائيل مع موسى عليه السلام، وقصة ابني آدم، وقصة المائدة.
- إبراز أحوال أهل الكتاب، ونقضهم للعهود وتحريفهم للكتب المنزلة، ومناقشة بعض عقائدهم الزائفة؛ من نسبة الولد إلى الله، وإنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، إلى غير ذلك من عقائدهم الباطلة.