فضل سورة الكوثر
سورة الكوثر سورةٌ مكيَّة، وهي السورة الخامسة عشرة في ترتيب نزول السور على النبي -عليه الصلاة والسلام-، حيث نزلت بعد سورة العاديات وقبل سورة التكاثر، وهي السورة رقم مئة وثمانية في ترتيب المصحف الشريف، وعدد آياتها ثلاث آياتٍ، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة الكوثر ومقاصدها بالإضافة إلى ما تتضمنه السورة من لمسات بيانية.
فضل سورة الكوثر
لم يصح حديثٌ في فضل سورة الكوثر ولكن ما صحّ في فضل سورة الكوثر استبشار الرسول بها وتبشير أصحابه كما جاء في الحديث الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه-:”أغْفَي رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إغفاءةً، فرفعَ رأسَه مُتَبَسِّمًا فإما قال لهم، وإما قالوا له: يا رسولَ اللهِ لم ضحكتَ؟ فقال: إنه أُنزِلَت عليَّ آنفًا سورة، فقرأَ بسم الله الرحمن الرحيم “إنا أعطيناك الكوثرَ” حتى ختمَها فلما قرأها قال: هل تدرُون ما الكوثرُ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ قال: فإنه نهرٌ وعدنِيه ربِّي عز وجل في الجنةِ، وعليه خيرٌ كثيرٌ، عليه حوضٌ ترِدُ عليه أمتِي يومَ القيامةِ، آنِيَتُه عددُ الكواكبِ”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : شرح الطحاوية، الصفحة أو الرقم: 227 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
ممَّا جاء في نهر الكوثر ووصفه ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال:”بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ فَإِذَا طِينُهُ أَوْ طِيبُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ شَكَّ هُدْبَةُ”. ((الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6581 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
أما الأخبار الواردة في أن لقراءة سورة الكوثر يوم الجمعة أو غيره من الأيام ألف مرةٍ فضل مخصوص، وأن الله يسقي من قرأها من أنهار الجنة فلم يثبت، واعتُبِرَ الحديث المُطوّل الوارد في فضائل سور القرآن بتعدادها سورةًَ سورةً موضوعاً؛ أي مكذوباً على النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-، أو كما وصفه ابن الجوزي: (حَدِيث فَضَائِل السُّور مَصْنُوع بِلَا شكّ)، حيث جاء في فضل سورة الكوثر ” من قرأ سورة الكوثر أسقاه الله من أنهار الجنة”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 326 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
ويكفي سورة الكوثر فضلاً أنها كغيرها من السور المكيّة التي تعنى بالحثّ على عبادة الله وحدَه وصرف أشكال العبادة كافّة له وحده من خلال توجيه الخطاب للنبي والأمر عامٌّ للمسلمين كافّة.
مقاصد سورة الكوثر
عند الحديث عن مقاصد سورة الكوثر يتبيّن أنّ أعظم مقاصدها كان تفضيل أمر الآخرة على أمر الدنيا وكان في مضمون رسالتها للنبيّ الكريم -صلى الله عليه وسلم- بأنّ الله سيعوضه في الجنة عن حرمانه للذكور وبأنّه أعطاه -جلّ وعلا- الكوثر.
ابتدأت السورة الكريمة بقوله -تعالى-: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، والكوثر في اللغة العربية هو الخير الكثير الوفير، أمّا في الآخرة فهو كما ذُكر سابقًا اسم نهرٍ في الجنة، وقصد -جلّ وعلا- من الإعطاء أي التمليك فقد ملّك نبيّه نهر الكوثر تعويضًا له على حرمانه في الدنيا.
ويأتي المقصد الثاني من مقاصد سورة الكوثر بأنّ كلّ شيءٍ يقدمه الله -جلّ وعلا- لعباده يستحق العطاء والصلاة والشكر، فقد أمر نبيّه -عليه الصلاة والسلام- بأن يصلي لله شكرًا وينحر تقربًا من الله وشكرًا على عطاءه ونعمه، قال -تعالى-: { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، وقد جمع -سبحانه وتعالى- في طلبه هذا من الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين النفع الشخصي بالصلاة والدعاء لله -تعالى-، وبين النفع العام الذي يكون بالنحر -أي الذبح- والذي يكون بتوزيع الطعام على الفقراء والمساكين، ويعتبر هذا مقصدًا من مقاصد سورة الكوثر.
ومن مقاصد سورة الكوثر أنّها كانت بمثابة دعمٍ معنويّ من الله -جلّ وعلا- للرسول الكريم ورفعًا لشأنه أمام صحابته ومن حوله من المسلمين، وذلك بأنّ الله وعده خيرًا في جنان الخلد وتوعد لمبغضه ومن نعته بكلماتٍ تقلل من شأنه بأنّه هو الأبتر المحروم من خيري الدنيا والآخرة فالأبتر في أصل اللغة العربية هو مقطوع الذنب وفي سورة الكوثر جاء بمعنى مقطوع الخير، وذلك في قوله -تعالى-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر}.
يتبين من سورة الكوثر بأنّها تؤكد على أنّ كلّ شانئ ومبغضٍ لرسول الله -عليه الصلاة والسلام- فبأيّ زمن أتى من يبغض رسول الله فإنه أبترٌ مقطوع الخير في الدنيا والآخرة.
تأملات في سورة الكوثر
سورة الكوثر أصغر سورة في القرآن الكريم، ولكن هذه السورة احتوت على معانٍ عظيمة ودلالات مهمة، ومنها وعد الرسول الكريم بنهر الكوثر وأنه له ولأمته خاصة من يشرب منه لا يظمأ بعدها أبدًا، وهذا مما اختص به الله -عزّ وجلّ- رسوله الكريم فهو صاحب المقام المحمود والحوض المورود والشفاعة العظمى.
ومن التأملات في سورة الكوثر في قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، قال تعالى “أعطيناك” ولم يقل “آتيناك”، والسبب في ذلك أن العطاء مختص بالأموال والأشياء المادية، أما الإيتاء يكون في الأشياء المعنوية ويختص الإيتاء بالأشياء العظيمة، العطاء يتبعه التمليك، أما الإيتاء فليس فيه تمليك ويمكن نزعه.
كما جاء فعل العطاء بصيغة الماضي وهو سيحدث في المستقبل كناية عن تحقق الوقوع لا محالة فوعد الله منجز وأمره قائم، فهو سينصر نبيه الكريم ويظهره على أعدائه ويجازيه يوم القيامة بأن يعطيه نهر خاص به وذلك بسبب ما قاساه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وتحمله في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل.
اقرأ أيضًا:
المصادر: