فضل سورة الطارق

سورة الطارق واحدةٌ من سور المفصَّل المكيّة باتفاق جمهور العلماء، وتقعُ آياتها السبعة عشر في الرّبع الرابع من الحزب التاسع والخمسين من الجزء الثلاثين، وافتُتحت هذه الآياتُ بالقسم بالسماء والطارق وهو اسمٌ لنجمٍ من نجوم السماء المعروفة، ونزلت السورة على الرسول الكريم بعد سورة البلد وقبل سورة القمر، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة الطارق.

فضل سورة الطارق

فضل-سورة-الطارق

جاءَ في فضل سورة الطارق حَثّ الرسول الكريم معاذًا بن جبل على قراءتها في صلاة العشاء؛ تخفيفًا ودرءًا للعبء على المصلين حين صلّى بهم وقرأ من طوال السور كما جاء في الحديث المعروف بـِ: أفَتّانٌ أنت يا معاذ وجاء فيه: اقرَأْ بـ {السَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}. (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 2400 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))

ورد عن أبي هريرة أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم كان يقرأُ في العشاءِ الآخرةِ ب { السَّمَاءِ } يعني { ذَاتِ الْبُرُوجِ } و{ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ }. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 2/121 | خلاصة حكم المحدث :إسناده حسن))

قال جابر بن سمرة: “كانَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ يَقرَأُ في الظُّهرِ وَالعَصرِ ب {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}، {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}، وَنَحوِهما، قالَ عَفَّانُ: وَنَحوِهما مِنَ السُّوَرِ”. (( الراوي : جابر بن سمرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 21048 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

روي عن خالد بن أبي جبل أَنَّه أبصرَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مشرِقِ ثقيفٍ وهو قائمٌ على قوسٍ أوْ عصَا حينَ أتَاهُم يَبْتَغِي عندَهم النصرَ قال فسمعتُهُ يقرأُ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ حتَّى ختَمَها قال فوَعَيْتُها في الجاهلِيَّةِ وأَنَا مشرِكٌ ثمَّ قرأتُها في الإسلامِ قال فدَعَتْنِي ثقيفٌ فقالوا ما سمعْتَ من هذا الرجلِ فقرأتُها عليهم فقال مَنْ مَعَهُمْ من قريشٍ نحنُ أعلمُ بصاحبِنا لو كنَّا نعلَمُ ما يقولُ حقًّا لاتَّبَعْنَاهُ. (( الراوي : خالد بن أبي جبل العدواني | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة  الصفحة أو الرقم: 1/247 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط ابن حبان ))

مضامين سورة الطارق

بدأت السورة بقسم الله تعالى بعظيم مخلوقاته من السماء الواسعة والنجم الطارق الذي يطرق ليلاً، ويختفي نهارًا، وكل ما جاء ليلاً فقد طرق. ثم جاء الاستفهام عن الطارق، لتأتي الإجابة بعده مباشرة بأنه النجم الثاقب شديد الإضاءة.

ووصف النجم بأنه ثاقب ليدل على قوة اضاءته وأنه يخرق السماوات فينفذ حتى يُرى في الأرض، وهو اسم جنس يشمل سائر النجوم الثواقب. ثم جاء قوله تعالى: (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ) أي أن كل نفس عليها حفظة من الله تعالى يحفظون عليها رزقها وعملها وأجلها.

ينبه الله تعالى الإنسان إلى أصل خلقته ويدعوه للنظر فيها وأنه خلق من ماء الرجل الذي يقذف في رحم المرأة فتحمل المرأة وتنجب بقدرة الله، وأن الذي أوجده من العدم قادر على إرجاعه إلى الحياة الآخرة بعد الممات.

في قوله تعالى: (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩) فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ). اليوم المقصود هو يوم القيامة حيث يُظهر الله السرائر وما تخفي النفوس، وفي هذا اليوم ليس للإنسان مقدرة ولا استطاعة ليدافع عن نفسه، ولا يستطيع أحد أن ينصره أو يدفع عنه عذاب الله.

يقسم الله تعالى بالسماء التي ينزل منها المطر باستمرار، وبالأرض التي تتشقق فيخرج منها النبات، أن هذا القرآن قول واضح بيّن فيه الفصل بين الحق والباطل وبين الحقيقية والكذب، وأنّ هذا القرآن حقيقة لا هزل.

ثم يخبر عن حال الكافرين أنهم يخشون هذا الدين ولذلك يمكرون ويكيدون به، وأن الله مطلع على مكرهم وأنه لهم بالمرصاد، ثم تختم السورة بتهديد الكافرين وتوعدهم بالعذاب الأليم وبالخسران المبين.

تأملات في سورة الطارق

استهل الله -سبحانه وتعالى- هذه السورة بأن أقسم بالسماء والطارق حيث قال: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}، ومن المتعارف عليه عند علماء التفسير أن الله تعالى يذكر القسم في حديثه عندما يريد الإشارة إلى أمرٍ عظيم الشأن.

وعند دراسة ما ورد من تأملات في سورة الطارق ذكر علماء التفسير أنّ الله تعالى أقسم بالطارق، ولكنّ الطارق في اللغة العربية يحتمل الكثير من المعاني فقيل بأنّه طارق الباب ليلًا وقيل بأنّه القمر إذ يظهر في السماء ليلًا، وقيل بأنّه كلّ ما يظهر ليلًا ويخفى نهارًا، ولكنّ الله تعالى أراد أن يُعظّم أمر ما يُقسم به فكان قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ}، وهو سؤالٌ يفيد التفخيم والتعظيم ومعناه ما أدراك يا محمد ما هذا الطارق الذي أقسم به.

وبمتابعة الحديث عمّا جاء من تأملات في سورة الطارق يتبيّن أنّ الله تعالى أجاب عن سؤاله “وما أدراك ما الطارق؟” وذلك بقوله: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ}، لينفي بذلك كلّ الشكوك والاستفسارات عن هذا الطارق الذي أقسم به -جلّ وعلا-.

ثمّ يكمل تعالى قوله: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} وهذه الآية الكريمة هي بمحلّ جواب القسم الذي بدأ الله تعالى به سورة الطارق، ويأتي تفسير الآية بأنّ كلّ نفسٍ لديها حافظٌ وكّله الله بحفظها وحمايتها من الآفات، كما أنّه يحفظ عليها أعمالها الصالحة والسيئة، وهذه الأعمال هو ما ستُجازى عليه يوم القيامة، والله تعالى أعلم.

اقرأ أيضًا:

فوائد من سورة الطارق

فضل سورة الجن

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

Exit mobile version